تحقيقات وتقارير

السلطة الانتقالية لدارفور عام ممدود لتقفّي أثر الفردوس المفقود


قبيل أيام خرجت حركة دارفورية موقعة على وثيقة سلام دارفور لتصف إلغاء السلطة الإقليمية بأنه (خيانة لأهل دارفور). وبالأمس فقط مدّد الرئيس عمر البشير أجل السلطة لعام إضافي، ليس نتيجة لتوصيفات الحركة آنفة، ولكن للبحث عن السلام في إقليم ظل مأزوماً منذ العام 2003م، بحسب ما نقل رئيس مكتب متابعة سلام دارفور د. أمين حسن عمر.

الملحوظة الجديرة بالتتبع تتمثل في أن الوثيقة التي جرى تضمينها في الدستور، لم تكن لتتأثر بذهاب السلطة الحالية، فهل يا ترى نجحت ضغوطات حزب حركة التحرير والعدالة القومي بقيادة د. التجاني سيسي؟!

توقيعات

بعد تحّول الحركات الموقعة على وثيقة الدوحة لأحزاب سياسية فإن مشاركتها في السلطة الإقليمية تستند على بروتكولات منفصلة تعتمد على الثقل الانتخابي

د. أمين حسن عمر

رئيس مكتب متابعة سلام دارفور

إلغاء السلطة الإقليمية خيانة لأهل دارفور

بخيت دبجو

رئيس حركة العدل والمساواة السودانية

تضمين الوثيقة في الدستور يعد انتصاراً لإرادة أهل دارفور والشركاء ويمثل دفعة لتحقيق السلام، ويقفل الباب أمام المزايدات السياسية حول وثيقة الدوحة.

حصاد “السياسي” لمناورة “السيسي”

الخرطوم: ماهر أبوجوخ

صدور المرسوم الجمهوري أمس الأول والقاضي بتمديد أجل السلطة الانتقالية لدارفور لمدة عام إضافي، وما تزامن معه من إعلان حركة التحرير والعدالة القومي بقيادة رئيس السلطة الانتقالية لدارفور د. التجاني السيسي فك تجميد الشراكة السياسية مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم قبل حوالى أسبوعين، بدا واضحاً أن ذلك التمديد نزع عملياً فتيل الأزمة بين الطرفين.

ظهور المخفي

عند إعلان حركة التحرير والعدالة بقيادة د. التجاني السيسي لقرار التجميد فإنها لجأت لتقديم حيثيات متصلة بعدم التزام (الوطني) باتفاقيات سابقة وهو ما جعل البعض يذهب ويربط ذلك القرار بإعلان التشكيل الوزاري وعدم رضا حركة السيسي منها وذهبت فرضية أخرى تجاه التحفظ على نصيب الشق المنقسم منهم الذي يقوده وزير الصحة الاتحادي بحر إدريس أبوقردة.

حينما يتم ترتيب الأوراق المبعثرة على الطاولة في أعقاب صدور المرسوم الجمهوري يمكننا التوصل للجانب الذي تعمدت حركة السيسي عدم الإشارة إليه بشكل مباشر في مؤتمرها الصحفي ذلك لم يكن سوى تأخير صدور القرار الخاص بتمديد أجل السلطة الانتقالية التي تنتهي منتصف يوليو الجاري.

مناورة السيسي

نجد أن قرار التجميد الذي اتخذه السيسي لم يكن في حقيقة الأمر سوى آخر كرت ضغط استخدمه ضد (الوطني) لإنفاذ الاتفاق السياسي المبرم بين الطرفين، إذ يبدو أن (الحركة) أصابها القلق حيث بتوقعها صدور قرار تمديد السلطة الانتقالية المقرر انتهاؤها في منتصف يوليو القادم مع مجموعات المراسيم التي صدرت مؤخراً بتعيين نائبي رئيس الجمهورية ومساعديه والوزراء ووزارء الدولة وولاة الولايات.

الرابط بين صدور تلك المراسيم والقرار الخاص بتمديد أجل السلطة الانتقالية لمدة عام آخر نابع من كون السلطة الانتقالية تعتبر ضمن أجهزة الحكم الخاصة بالبلاد باعتبارها جسم تشريعي وتنفيذي خاص بولايات دارفور، كما أن رئيس السلطة الانتقالية وفقاً لأحكام المادة (68) من اتفاقية الدوحة يعتبر بروتكولياً بعد كل من رئيس الجمهورية ونوابه وقبل مساعدي رئيس الجمهورية.

العامل الثاني ويبدو أنه ما أثار وزاد من مخاوف السيسي وحركته هو ارتباط هذا التأخير مع اقتراب انتهاء أجل السلطة الانتقالية لدارفور – والتي تبقي لها حوالى الشهر عند صدور تلك المراسيم – فبالرجوع لنصوص اتفاقية الدوحة نجد أن المادة (79) منها نصت على استمرار السلطة الانتقالية لدرافور لمدة أربع سنوات من تاريخ التوقيع عليها، ونجد أن تلك الاتفاقية تم التوقيع عليها في منتصف يوليو 2014م.

المشهد العام لتلك المعطيات هي التي دفعت حزب السيسي لعقد اجتماع وتقييم الموقف خلص لاستخدام الكرت الأخير بتجميد الشراكة مع (الوطني) بغرض إيصال الأزمة لذروتها، ووضح أن المقصود تحريك جهات داخل (الوطني) والجهات الخارجية الراعية لاتفاق الدوحة للتدخل لمصلحة معالجة هذا الأمر ووضح أن هذا المسار أفضى لتحقيق هدفه بالتوصل لإصدار المرسوم الخاص بتمديد السلطة الانتقالية لعام آخر.

الاستحقاق الأكبر

في ما يتصل بتنفيذ اتفاقية (الدوحة) نجد أن الشق السياسي فيها المرتبط بقسمة السلطة وتكوين السلطة الانتقالية لدارفور تم تنفيذها بتكوين السلطة الانتقالية التي تضم بجانب رئيس السلطة الانتقالية ولاة الولايات كنواب لرئيس السلطة الانتقالية بجانب مساعد الرئيس لشؤون السلطة الانتقالية و(10) وزراء و(5) مفوضين في ما يتشكل مجلس السلطة الإقليمية من 67 عضواً من بينهم رئيس المجلس ورؤساء المجالس التشريعية بولايات دارفور وممثلين الحركات الموقعة على اتفاقية الدوحة، أما مسار الترتيبات الأمنية فإن عملية إعادة الدمج تمضي بخطى حثيثة.

لكن رغم هذا التقدم فإن أحد أكبر الاستحقاقات المرتبطة بالاتفاقية والمتمثلة في استفتاء مواطني دارفور حول الوضع الإداري بالاختيار بين الإقليم الواحد أو الإبقاء على نظام الولايات الحالي لم يتم إكماله رغم نص الاتفاقية على عقده بعد عام واحد من توقيعها ونجد أن المادة (76) من الاتفاقية نصت على تشكيل المفوضية الخاصة باستفتاء دارفور بالتوافق بين رئيس الجمهورية ورئيس السلطة الانتقالية لاستفتاء رأي سكان دارفور حول تأيدهم لإقامة إقليم واحد أو الإبقاء على الوضع الحالي للولايات، وفي حالة موافقة أغلبية الناخبين على إقامة إقليم واحد تقوم السلطة الانتقالية بتكوين لجنة دستورية لتحديد اختصاصات وسلطات إقليم دارفور على أن تقوم السلطة الانتقالية لدارفور بإجازته في غضون ثلاثة أشهر من تنظيم الاستفاء ثم تعتمده الهيئة التشريعية القومية يقوم بعدها رئيس الجمهورية بإصداره، أما في حالة رفض الناخبين في الاستفتاء لخيار الإقليم الواحد وموافقة أغلبيتهم على وضع الولايات الحالي أقرت المادة (79) من الاتفاقية الإبقاء على السلطة الانتقالية لمدة أربع سنوات باعتبارها الآلية الرئيسية لتنفيذ اتفاقية الدوحة.

لكن مع استصحاب الانتهاء الفعلي للسنوات الأربع للسلطة الانتقالية لدارفور –في منتصف يوليو القادم – وصدور المرسوم الجمهوري يوم أمس الأول بتمديدها لعام إضافي، فإن موافقة أغلبية الناخبين على وضع الولايات باستفتاء مواطني دارفور سيجعل وضعها أقرب لتصور المادة (60) من اتفاق سلام دارفور الموقع في مايو 2006م في العاصمة النيجرية (أبوجا) التي نصت على حل السلطة الانتقالية لدارفور المنشأ بموجبها في حل موافقة أغلبية الناخبين المشاركين في الاستفتاء على استمرار نظام الولايات الحالى.

الصيحة