تحقيقات وتقارير

موسم الاستقطاب الواسع سودانيون في “داعش”.. أصل الحكاية


انضمام عدد من الطلاب السودانيين إلى داعش من خلال السفر إلى تركيا ومن بينهم فتيات أمر أصاب بعض الأسر بالهلع والخوف على مصير أبنائها الذين غادروا صوب داعش، ولا يبدو أن موسم الانضمام الطلابي لداعش انحصر على جامعة بعينها بقدر ما أنه انداح في كثير من الجامعات السودانية، وهو ما يفتح الباب أمام عدة تساؤلات من بينها: لماذا هذه الهجرة وهل الانضمام إلى داعش كان بين الطلاب النابعين من أسر غنية وميسورة الحال فقط، أم تجاوزهم إلى طلاب آخرين خارجين من أسر فقيرة؟، ويتساءل الكثيرون عن الدوافع التي تجعل هؤلاء الطلاب يعبرون الحدود والبحار مناصرةً لداعش؟، وتتسابق إلى الذهن أسئلة من قبيل الجانب النفسي والديني والاجتماعي لهذه الشريحة التي تخرج في صمت وبصورة تفاجئ الجميع حتى الأسر؟

الخرطوم: خالد جبريل

التعليم العالي.. تقصي الحقائق

لم تكن وزارة التعليم العالي تمتلك إجابات شافية عن أسباب مناصرة طلاب سودانيين لداعش وهجر التعليم العالي الذي جاءوا من أجله. الناطق الرسمي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أسامة العوض، يقول إن وزارته ليس لها علم بخروج طلاب وانضمامهم لداعش، ويشير إلى أن الوزارة لم تتلقَ أي شكاوى رسمية من الجامعات عن خروج بعض طلابها وانضمامهم لداعش، وأضاف أسامة في تصريحات لـ”التغيير”، لا علم لنا بهذا غير المتداول في الصحف، وأوضح أن الوزارة سوف تنظر في الأمر عبر لجنة لتقصي الحقائق، وفي جامعة العلوم الطبية يرتب الخريجون لعقد ورشة لمناقشة ظاهرة استقطاب وتجنيد الطلاب في تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وقال د. ناشد العوض وهو أحد خريجي الجامعة إن الجامعة مستهدفة من ذوي نفوس حاسدة وضعيفة، وأنها ليست سبباً، وقال هي ليست الوحيدة بين الجامعات كي يخرج من نسلها من غرر بهم.

______________

تكثيف حملات تصحيح الفهم.. حائط صد في وجه الاستقطاب

تقول الأستاذة الجامعية الدكتورة لبابة الفضل لـ”التغيير”، هناك عدة عوامل أولية وثانوية تدخل في تحليل ظاهرة داعش، هذه الظاهرة ثقافية دينية اجتماعية، ومنها ما يرجع إلى فهم الدين بعمقه وسعته وشموليته، وفهم السياسة الإقليمية والدولية والمحلية مع غياب إستراتيجية واحدة متماسكة للمجتمعات المسلمة والدول العربية، والإستراتيجية الأساسية هي نشر الدعوة بالتي هي أحسن ومجاهدة النفس، وهو الجهاد الأكبر، والجنوح لحل المشكلات بالطرق الدبلوماسية التي هي أحسن والطرق الحكيمة، وفي الأساس فطرة الدين الروحية هي أساسية النزوع للدين وحبه فطري والموت في سبيل الله أشياء فطرية داخلية في وجدان المسلم، ولكن متى تخرج من حيز الوجود بالقوة في الوجدان إلى حيز الوجود بالفعل في الميدان؟ متى؟ ولماذا؟ وكيف؟ الوصول للهدف المنشود، وهل الإجابة على الأسئلة تتبع الأسلوب الذي يوصل إلى الهدف أم الأسلوب المنفر من الهدف، وأعتقد أن الإنسان حر في استخدام حريته يحاول أن يواكب بين العقل والضمير هل هذا الأسلوب الذي يوصل إلى الله أم لا؟، ومن أقرب الطرق للوصول إلى المعالجة للظاهرة تكثيف حملات تضامنية للفهم الصحيح للدين، أين تكون المجاهدة جهاد النفس وما يليك من بيئة تجاهد فيها وأن تفعل الخيرات في محيطك.

______________

رئاسة داعش.. وجه المخابرات الأمريكية والإيرانية في الخلفية

يرى المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين بالسودان، علي جاويش، أن معظم السودانيين ليس لديهم أي فكرة عن داعش، وعندما ظهرت داعش تحصلت على كتاب من عالم عراقي له صلة بالدواعش المؤسسين أمثال البغدادي وكانوا معه منذ عامين، وهو يتحدث عنه بمعرفة مباشرة، قائلاً إن هؤلاء الناس ليس لديهم أي علم ولا يصلحون للخلافة وكتلاميذ للعلم الشرعي، وأضاف جاويش أنه قابل الكثير من العلماء الإسلاميين من العراق وسوريا وكلهم مجمعون على أن داعش الرئاسة بيد المخابرات الأمريكية والايرانية، اما البقية منهم فلديهم اشواق للجهاد وهم مضللون يفتكرونها خلافة اسلامية ثم المسألة الكبرى أن معظهم عانى معاناة ما بعدها معاناة من نظام صدام حسين ونظام البعث في سوريا، ذاقوا ألواناً من العذاب والويل وافتكروا ان شعار داعش المرفوع هو المخلص لهم وللامة الاسلامية، وتوجد بعض المجموعات القليلة التي جاءت إلى داعش بدافع الحصول على الاموال، وداعش مجموعات مختلفة لا جهاد ولا اسلام ولا أي شيء من هذا القبيل، اما الشباب بالسودان فليس لديهم معلومات عن داعش، فالمسؤولية الكبرى تقع على عاتق الحكومة والآباء، فالواجب عليهم ان ينوروا المجتمع بداعش وبرامجها وخطورتها، فالأبناء في هذه الفترة يكونون ضحية نسبة لعدم توفر المعلومات لديهم والتقصير من الدولة والاسرة والعلماء، فالحياة بها جفاف والاسرة هشة وغير متماسكة والمدارس والجامعات ليس بها توجيه على مستوى جيد، والشباب لديهم فراغ ولديهم طاقة كبيرة يريدون تفريغها، وإذا لم يجد الطالب التوجيه السليم يسير في طريق مدمر لحياته ومن دون وعيه، فالأسرة السودانية لديها موروثات وعادات وتقاليد والمجتمع السوداني لايزال متمسكاً بها، وهؤلاء الشباب عاشوا في عزلة بعيداً عن مجتمع السودان ولا يوجد ترابط بين الشاب والأسرة، فأصبحوا ضحية للتربية في المجتعمات الغربية.

أما طريقة الخروج من هذه المشكلة ومعالجتها من الناحية الدينية، فيجب اولاً على العلماء بالسودان والحكومة والاجهزة المختصة والاعلام والصحافة، ان تفتح للعلماء القنوات والاذاعة، وتتم مناقشة هذا الموضوع، بجانب اقامة الندوات والمؤتمرات ودعوات العلماء من خارج السودان، فهذه مسؤولية كبيرة، فعلى الدولة الاهتمام الكبير بالقضية وتوجيه الأجهزة الإعلامية.

القتال في صفوف تنظيم الدولة.. الانخراط تحت راية غير معتمدة سياسياً

أما رئيس هيئة تزكية المجتمع، ميرغني محمد حمزة، فقال لـ”التغيير” إنه من حسن الترويح أن نجيء بأفكار من أجل أن نفقه ما نسمع من الذكر، لأن الاستماع فقط يعطينا معنويات ولا يعطينا إنارة من اجل اختيار الطريق، ويخشى على المتحمس أن يلقي بنفسه في قضايا يحسبها يقيناً أنها حق، وهي في حقيقة الامر غير ذلك، مثل الذي صام عن الماء وأفطر بالدم بتفجير نفسه ومعه 30 آخرون بالكويت، ولم يسمع ما قال الكتاب في ذلك (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا* الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا”، وهذه الآيات نموذج للشباب الآمن ولم يفجروا أنفسهم ولكنهم أووا إلى الله فغير الله الأنظمة السياسية ولو بعد قرون، وأصبح بعد ذلك محل الاحتفاء ايضاً لو سمعوا الهدى لقرأوا “ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله”، فأي قتال من غير راية سياسية معتمدة هذا، قتال لا طائل وراءه، فالمعروف ان الحرب جزء من العمل السياسي الراشد،

وأوضح ميرغني ان المطلوب الآن من الاعلام والعلماء وادارات الجامعات ان يبثوا هذه المعاني ونحوها حتى توظف طاقات الشباب ايجاباً في البناء لا في الهدم، واضاف “اتهم الاستقطاب الغربي” وقال عندما زارتني بمكتبي المسؤولة السياسية بالسفارة البريطانية واجهتها بحقيقة ان هناك 500 بريطاني يقاتلون بجانب داعش، ولما انكرت اخرجت لها “الفاينيلنشال تايم” التي بثت ذلك، إذا داعش لها دواعي دينية لها ايضاً دوافع استخباراتية ويصنف بما يسمى بالحرب الغذرة الآن هي التي تعرقل انتصار الثورة السورية، فيما تحدث من تناقضات وغش في صفوف المجاهدين.

_____________

اختلاف الثقافة.. حافز علاقة الدواعش

يرى علماء نفس أن بعض الجامعات وخاصة التي تستوعب نخباً بعينها وتعمل على تخريجها اكاديمياً من دون مزاولة أي أنواع من الأنشطة والذي ادى بدوره إلى ترسيخ حالات من الخواء الروحي مما يصيب البعض بالاكتئاب، ومعروف ان الانشطة المصاحبة للبيئة الجامعية من موسيقى واشعار وثقافة وتوعية دينية وفكرية ومختلف انواع الفنون وبإحدى هذه الجامعات سئلت طالبة وطلب منها التحدث عن الاسلام والفكر والتجديد، فأجابت بانها لا تعرف ان تتحدث عن هذه الموضوعات، وكانت تملؤها الدهشة، إذ يجب على جهات الاختصاص ان تعمل على معالجة القصور الذي يصاحب البيئة الجامعية، خاصة الطلاب الذين يفدون من خارج السودان ويحملون جوازات أجنبية تسهل لهم حرية السفر أن تنتبه لهذا الخطر الداهم، وكذلك الائمة والدعاة والمفكرون جميعهم يجب التصدي لمسألة الانعزال النفسي الذي يسيطر على الكثير من الطلاب حتى نضمن أن أبناءنا ينشأون تنشئة سليمة بعيدة عن العنف والانسلاخ إلى حيث الأفكار المتطرفة، فالسودان بلد الوسطية والاعتدال.

________________

ضعف الفكر الديني.. للانتماء لداعش أكثر من درب

يقول أحمد إدريس الدومة أستاذ علم النفس لـ”التغيير”، يجب الانتباه إلى أن الشباب لديه احتياجات نفسية تتباين من فئة عمرية لأخرى وكذلك من ثقافة إلى ثقافة أخرى، وإذا نظرنا إلى هؤلاء الشباب فنجدهم ينحدرون من ثقافة غير سودانية خالصة باعتبار أنهم تشربوا من مراحل الطفولة والمراهقة من ثقافة الأجنبي وبالنظر إليهم يكون ذلك واضحاً، لأن اغلبهم يحملون الجنسيات الاجنبية، فالثقافة مختلفة وهي القاسم المشترك بين جميع هؤلاء، فهي لها دلالة قوية جداً لتفسير هذه الظاهرة، ويجب الانتباه ايضا للأدوات التي تستخدمها داعش للوصول إلى هذه الشرائح، فإذا ما قارنا ادوات الاستقطاب نجد هؤلاء الطلاب جُندوا بأدوات استقطاب الأجانب الذين يقاتلون بجانب داعش، ونجدها متشابهة بل متطابقة، بمعنى ان ميدان هذه الادوات ليس في السودان في الغالب، وذلك لأن هؤلاء الشباب لديهم ادوات تواصل مع مجتمعاتهم التي جاءوا منها، والذي يبحث كثيراً في هذه الجوانب غالباً ما يجد هؤلاء الشباب يتواصلون خارجياً اكثر من تواصلهم داخلياً، من خلال الوسائط التي ربما لم تتوفر هنا مثال موقع التواصل “تويتر”، التواصل داخل المجتمع السوداني ليس كبيراً، وحتى طبيعة التواصل في الفيس والواتس ليست مغرية لهم، بمعنى انها ليست اداة فعالة ترضي طوحاتهم وتشبع رغباتهم، ولا نستبعد التواصل المباشر وفي غاية السرية بالطبع وليس هو الأداة الفعالة، بمعنى ان ادوات الاقناع الداخلية ليست فعالة كما هو بالخارج.

ويوجد عنصر آخر فعال جداً في عملية الاستقطاب لهؤلاء الشباب، وهو عنصر ضعف الفكر الديني مما يجعل الانسان متنازعاً ما بين المكون المعرفي العقلي والمكون الوجداني “العاطفة”، بحيث ينزع الشباب إلى المكون الوجداني على حساب المكون المعرفي، أي ينفعل بالمواقف العاطفية دون ادنى دراية عقلية معرفية كافية، بالتإالي هذا يفسر كثيراً من الحوادث.

وهناك جوانب أخرى يجب ان تتوفر من خلال بعض الرعاية الخاصة التي يحتاجها مثل هؤلاء الشباب، والتي يمكن ان تقوم بها مؤسسة صندوق رعاية الطلاب، كما ان هناك بعض الجوانب الادارية التي يجب ان تراعيها مثل هذه المؤسسات كالجوانب المتعلقة بالتواصل ومحاولة خلق علاقة مباشرة مع الطلاب واسرهم، بتحديث إدارة تعنى بهذا الجانب، كما لا توجد دلالة كبيرة على اساس ان تذهب بعض الطالبات إلى القتال بجانب داعش، باعتبار الثقافة التي وفدوا منها، واشار الدومة إلى ان طبيعة الحاجات النفسية تكون حسب نوعية الحاجة ويتم اشباعها، فالحاجات الدينية لا يتم اشباعها فقط بتوفر الاموال الا انها تشبع من خلال توفير مصادر المعرفة الحقيقية، وهناك دور ذوي الاختصاص من خلال فتح مساحة وقنوات للحوار مع هؤلاء الطلاب الموجودين، فلا يمكن ان ننتظر دفعة اخرى تذهب ونكون مكتوفي الايدي، لابد من انفتاح حوار معرفي عقدي لتوضيح الافكار الحقيقية، وكذلك من خلال توفير مواعين لإشباع حاجات ورغبات الشباب المختلفة.

فالمشكلة الحقيقية تكمن في أن كثيراً من الآباء غير مدركين لحجم مشكلة ابنائهم، ولكنهم يشعرون بخطورة الموقف، وهذا القرار الذي جعلهم يأتون بهم للدراسة بالسودان، فالقصة ليست محصورة في هؤلاء الابناء الموجودين حالياً، المسألة تتجاوز إلى ابناء السودان الآخرين الموجودين بدول المهجر، خاصة في الدول الغربية، فالقضية ليست بهذه البساطة فلا يمكن ان نلجأ عند حدوث أي مشكلة إلى نظرية المؤامرة، فالأجدى أن نواجه المشكلة وفقاً لواقعها.

______________

منهج الوسطية.. أفق المعالجة وإحباط “التجنيد”

د. أحمد المفتي يرى أن الشباب يتم استقطابهم لداعش أو الحركات الأخرى، وهذا يحتاج لمراجعة من علماء مسلمين من منهج الوسطية، وخير من يقوم بذلك الإمام الصادق المهدي وعصام أحمد البشير، ومن أكثر الأشياء التي تسهل عملية الاستقطاب هو الفهم المغلوط للدين أو اتباع آراء مرتبطة بالدين نفسه “الدين بحر”.

وأشار المفتي إلى أن باب الاستقطاب يتم قفله عبر معالجة المشكلة من جذورها، أما الإجراءات القانونية المتبعة مع جنود داعش الجدد فلا تعالج المشكلة بقدر ما تزيد الهوة، لأن القناعة الراسخة لدى الداعش الصغير هي اقتناعه الكامل والتام بأنه ذاهب إلى الجنة عبر طريق الاستشهاد، ومهما اتخذت الدولة من إجراءات قانونية قوية جداً لا تغير القناعات، بل تجعله يستبد برأيه، وفي ما يتعلق بمعالجة الجذور هي الإتيان بعلماء متفقهين لمخاطبة القناعات الدينية التي كانت سبباً في ذهابه إلى داعش بفهم ديني صحيح مسنود بالححج والأسانيد.

ولا بد من وجود خط عام في كافة أجهزة الإعلام لمخاطبة هذا الجانب بالفهم الصحيح للدين ومخاطبة الشرائح التي تكون أكثر عرضة للذهاب في خط داعش، أما الذين اختاروا ذاك الخط مثل الطلاب الذين سافروا فلا بد من عمل برامج معهم وجلسات متكررة مثل الجوانب القانونية من نيابات وشرطة وغيرها، يتم استبدالها بهذه المراجعات في جو ودي ومن دون إجبار وشفافية مطلقة

التفيير


‫3 تعليقات

  1. لماذا لا ينضم الشباب السوداني الذي يعيش الآن في المجتمعات الغربية الى داعش. لا تطلقوا الكلام على عواهنه. ان لم تعرفوا اصل المشكلة فسوف لن تصلوا الى حل. الشباب السوداني الذي يعيش الآن في الغرب اكثر من الشباب السوداني الذي عاش في الغرب ثم ذهب الي السودان ثم الى داعش. اذا فالمشكله ليست المعيشة في الغرب. شوفوا ليكم كبش فداء آخر

  2. شوفوا موضوع كيف دخلوا صالة المطار وكيف صعدوا الطائرة ومن هو الوسيط المشترك بينهم.
    ربما تجدوا الحل في هذا الاتجاه، خليكم من حالتهم النفسية وتربيتهم الغربية.

  3. وجندي الدوله ده الضلله كمان منو ؟ شايفوا غياب كم يوم مايكون مشي يُستقبل الجماعه في الحدود السورية ،،،، أنا المحيرني هم طلعوا من المطار كيف ؟