الطيب مصطفى

أيهما أعظم ..العلماء أم الحفظة ؟


سعدت لخبر اعتزام المجلس الأعلى للدعوة والإرشاد تمليك أئمة المساجد وسائل إنتاج تعينهم على بعض مطلوبات العيش الكريم وتخرجهم من دائرة الفقر الذي يرزحون في رمضائه جراء حياة الكفاف التي ظلوا يحيونها بمرتبات متدنية بل مهينة يتلقونها من المجلس او من لجان المساجد.
الخبر الذي اتحفنا به الاستاذ بدر الدين طه من خلال برنامج مؤتمر اذاعي يتضمن بشريات اخرى من بينها استخدام التقنيات الحديثة في نشر الدعوة وتدريب 5000 إمام عليها وتوحيد الأذان في العاصمة واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي في الدعوة من خلال اللغات العالمية الكبرى وابتدار تحرك للاهتمام بخلاوي القرآن الكريم.
صحوة مباركة وإن جاءت متأخرة نرجو أن ترصد لها الموازنات الكافية وأن تصبح فعلا ﻻ قوﻻ تذروه الرياح وهي بالقطع خطوة في الاتجاه الصحيح لتغيير الصورة الذهنية لإمام المسجد في المجتمع حتى يرتفع ويسمو ويصبح محل الاحترام والتوقير اللائق بقادة اعظم الشعائر التعبدية مكانة عند الله رب العالمين ذلك أننا مسؤولون امام الله رب العالمين عن جعل مهنة إمام المسجد أمرا ﻻ يرضاها لنفسه إﻻ من ﻻ يجد غيرها لكسب العيش فكيف ينال ممتهنها الاحترام وهو الأقل أجرا والأبأس حاﻻ ؟ بهذه المناسبة أود أن أطرح أفكارا حول ذات القضية. إنه لمما يحزنني بحق أنه كما أن إمام المسجد في قعر هيكل الأجور فإن جامعة القرآن الكريم ، من بين كل الجامعات، في مؤخرة الجامعات من حيث الدرجات المؤهلة للالتحاق بالتعليم الجامعي.
من تراه وضع اسم (القرآن الكريم) في هذا الموضع البائس؟ كنا من قديم ننعى على بعض أنظمة الحكم إدراج حصة التربية الإسلامية في آخر جدول الحصص اليومي بعد أن يبلغ الإرهاق والقرف بالتلميذ مبلغه بينما توضع حصة الرياضيات او الانجليزي في بداية اليوم الدراسي حيث الذهن متوقد بالحيوية والنشاط لكن ما فعلناه لاسم كتاب الله أفظع وأسوأ ونحن نكرس أبشع صور البؤس الأكاديمي لجامعة القرآن الكريم بما يجعل من يلتحق بها خجلا يكاد يتوارى (من سوء) ما التحق به مما يكاد يخفيه تحرجا حتى ﻻ ينفضح وينكشف ضعف درجاته أمام الآخرين المتباهين بجامعات ﻻ تقبل إﻻ النجباء الذين يمشون في الارض مرحا وتفاخرا ! إنني لأقترح على القائمين على أمر جامعة القرآن الكريم أن يطلبوا تغيير هذا الاسم حتى ﻻ نعطي الدنية للقرآن الكريم او ينظروا في الكيفية التي تزيح هذا الوضع البائس عن كتاب الله تعالى.
القضية الثانية تتمحور حول السؤال التالي : هل الأولى بذل الجهد والوقت الأكبر في تخريج حفظة لكتاب الله تعالى ام لإعداد علماء في العلوم الشرعية مؤهلين في الخطابة وتقديم الدعوة؟ أيهما اسمى مكانا عند الله وعند الناس العالم ام الحافظ؟ صحيح ان العالم الحافظ هو الأعظم لكن ماذا لو لم تجتمع الصفتان(عالم حافظ) في شخص واحد؟
بالرغم من أنني جزء من مجلس أمناء جمعية القرآن الكريم إﻻ أنني أطرح هذه القضية في هذا المنبر لأن جدول أعمال المجلس لن يحتمل طرحها بين أجندته ولذلك أرى أن يتم التداول حولها باعتبارها أمرا يهم قطاعات وجامعات ومؤسسات أخرى وليتها تخضع الأمر للبحث والتداول من خلال لجنة تشارك فيها جهات مختلفة مثل جامعة القرآن الكريم ووزارة التربية والتعليم ومجمع الفقه الاسلامي وغيرها ذلك أن الأمر إذا تم الاتفاق حوله يمكن أن يحدث تحوﻻ في منهج التعاطي مع المناهج التعليمية جميعها.
إئتوا بعينة عشوائية من تلاميذ المرحلتين الأساسية والثانوية وسمّعوا لهم ما حفظوه في العام السابق وستجدون أنهم نسوا أكثر من 90 % مما حفظوه قبل عام او عامين وقد أجريت اختبارا اكد لي صحة ما اقول.
طلاب الخلاوي الذين يبلغ عددهم الآﻻف في مختلف أنحاء السودان هل الافضل ان يحفظوا القرآن الكريم ام ان يعد لهم مقرر دراسي يخرج منهم علماء وخطباء مع الاهتمام بحفظ جزء مقدر من القرآن الكريم؟. أعلم يقينا أننا ﻻ نكاد نجد من بين معظم خريجي الخلاوي من يتخرجون علماء إﻻ عدد قليل من المحظوظبن الذين يتاح لهم القبول في الجامعات.
جمعية القرآن الكريم تجد معظم دوراتها منصبة في تحفيظ القرآن الكريم ولو وضعت من بين أهدافها أن تخرج علماء حفظة لكان ذلك أجدى وأفضل فكم من الحفظة ﻻ يفيدون ربما إﻻ أنفسهم؟
إنها قضية تحتاج الى جهة تتصدى لها وتكون لجنة متنوعة من جهات مختلفة لتدارسها وتقديم التوصيات اللازمة حولها.


‫2 تعليقات

  1. لا تثني اي شخص يرغب في حفظ كتاب الله فهذا شيء عظيم ينفعه يوم لا ظل الا ظله. من يريد الفقه يمكنه ان يتفقه دون ان المساس بالحفظة.

    حفظ القران ليس بالشيء السهل ولا يستطيع اي شخص حفظه الا من رحم الله لكن اي شخص يمكنه ان يتفقه. و كل الفتاوى الان موجودة في النت.