حوارات ولقاءات

في زيارة خاصة للشيخ “عبد الجليل النذير الكاروري” (2 – 2)


لهذا السبب أقول.. لو النساء فكرن شوية سوف يخترن التعدد!!
أنا لست من الذين “يورقون” الخدرة لزوجاتهم لكن فرمتها (لأمي)..
والدتي كانت أكثر حزماً وعندما سجنت ذهبت إلى “نميري” وعنفته..
والدي عفاني من “الشلوخ”.. وأنا عفيت بناتي من “الختان”
زارته – هبة محمود
{ إذا تحدثنا عن المجتمع بشتى صوره.. ما هي قراءتك له؟
–    نحن في الماضي كنا نسمى مجتمعاً محافظاً، وبالتالي كان كل شخص يصطف مع التقاليد، الآن أصبحت هناك خيارات، الناس سافرت بره، وشاهدت الفضائيات وصاحبت (الواتساب)، وبالتالي بدا سلوك آخر، وبالتأكيد سوف تحدث الكثير من التصرفات التي تحدث تغييراً في السلوك، الآن صارت هناك خلخلة بسبب التقليد.
{ وبسبب التقليد أيضاً ضاعت فرص الاختيار؟
–    لو خُيرت، سوف اختار الاختيار على التقليد لأن المجتمع التقليدي هو مجتمع ساكن لا توجد به خيارات، وبعدين ناس الخيارات لن يجدوا خيارات، وكذلك أصحاب النجابة سوف تضيق عليهم الفرص ليكونوا نجباء، فأنت عندما تتيح درجة من الحرية للناس لكي يختاروا (فسوف يذهب الزبد جفاء)، عشان كدا عندما يتحدث الناس عن التغيير الاجتماعي أقول لهم أنا لست شقياً بهذا التغيير، يعني أنا لست من الذين يبكون على الماضي، الماضي لم يكن به شيء نحن كنا فقط فقراء، ولكن لدينا قيم محافظون عليها بالإرث وليس بالاختيار.
{ هل التزامك بالدين نبع من انتمائك لأسرة دينية أم اختيارك؟
–     التزامي لم يأت من أسرتي فقط، ولكن لأنني قابلت ناس اسمهم الأخوان المسلمين، ولما شافوا فيني أخلاق أسرة انضميت لهم ثم بعدها أكملوا تربيتي.
{ سعيد بانضمامك للإخوان؟
–    أنا سعيد لأنني اخترت الإسلام، رغم أنه في الأول هو الذي اختارني، وحتى إنني أبغض الذين كتبوا (إسلام أور تويز) وهؤلاء كانوا (خواجات) ولكنهم اختاروا الإسلام ولأجل ذلك التغيير لم أكن شقياً، والآن إذا ما قارنا بين ما تلبسه جدتك وما تلبسينه أنتِ نجد أن كل ما تلبسينه أنتِ باختيارك، بينما هي فرض عليها ما كانت تلبس، ولذلك أنا لست شقياً بهذا الطريق المليء بالاستنارة، ويكفي أن الله خيّرنا.
{ مابين التقليد والتخيير الذي تتحدث عنه ترى أن مجتمعنا معافى؟
–    الخير أكثر من الشر، والآن يمكن لك أن تديري الكاميرا إلى مسجدنا الذي كنا نصلي فيه وإلى مساجد اليوم، فسوف تجدين قراناً أحسن وملابس أحسن.
{ بالتأكيد هناك شباب مستنير لكن بالمقابل هناك ظواهر سالبة؟
–    الخير اكتر من الشر بكثير.
{ يمكننا القول إن مجتمعنا لم يصل مرحلة الخطورة بعد؟
–    نحن الآن في مرحلة البناء وماشين للأحسن.
{ غيرك يرى أن كثيراً مما يعانيه مجتمعنا من ظواهر دخيلة عليه سببه ثورة المعلوماتية؟
–    الاختيار مهم لأبنائنا، يجب أن نعلمهم أن يختاروا الأحسن، حتى أنا بقول انو داخل البيوت، لا تمكن الشاب من شاشة داخل غرفته، دع الشاشة في (الهول) عشان هو يستحي من الآخرين ، ويمكن لهم أن يشاهدوا جميعهم مشتركين حاجة واحدة، لكن لما تضع لابنك شاشة لوحده داخل غرفته وهو شاب فلن ينتبه للدروس، ولذلك يجب على الأب عندما يدير بيته،  يديره وهو أكثر وعياً بالمخاطر الموجودة حوله.
{ تتحدث عن شاشة وفي أيدي الشباب ما هو أخطر.. هواتفهم الذكية؟
–    هذا خطر وأنا اتفق معك فـ”طيب رجب أردوغان” هوجم لأنه تدخل وحجب مواقع كثيرة، ولذلك فإنني أدعو لحجب كل شيء ضار لا يليق بالأخلاق.
{ نعود مرة أخرى للحديث عن حياتك الخاصة.. هل مارست عادة الختان لبناتك؟
–    لا لم أمارسها، والدي عفاني من “الشلوخ”، وأنا عفيت بناتي من “الختان”، لدي أربع بنات وأربع حفيدات جميعهن لم يختن، عندي الآن جيلين من غير ختان.
{ كان هذا اتفاقاً بينك وزوجاتك؟
–    بالتأكيد.. فنحن متفقون على ذلك، وفقاً لاستنارتنا، السودانيون يقولون إن الختان للبنت مكرمة، بحسب (المذهب المالكي) والرسول عليه الصلاة والسلام قال إن الختان سنة للرجال مكرمة للنساء، والسنة لعلمك هي التنفيذ، سنة يفعلها الرجال يكرمون بها أزواجهم، يعني لما العريس يدخل على زوجته سوف يكرمها لأنه مختون ، وبالتالي تكون هي تقبلت هذا الإكرام، ولذلك الطهور حق للولد، أما البنت فطهارتها شهرياً من الدورة الشهرية ، ويكفي أنها شهرياً تطهر نفسها من الدم، وطبعاً مجتمعنا بالغ في الختان  لأنه يعتبر وفقاً لهم حزام العفة، يأخذون بمبدأ (الباب البجيب الريح سدو وأستريح)، ونحن نقول إن (الصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله) والبنت مسؤولة عن عفتها كما الولد مسؤول كذلك، وأنا قالوا لي بناتك لن يجدن من يتزوجهن لأنهن غير مختونات، والحمد لله واحدة منهن أتوها خمسة عرسان فقلت لها اختاري منهم.
{ وأنت على هذا التوافق بينك وزوجاتك.. هل تمارس معهن الرومانسية؟
–    هن يقولن إن الكلام السمح دا كان زمان، جميعهن ـ أي النساء ـ يتهموننا بذلك ويعتبروننا عندما نكبر تتبلد مشاعرنا، وأنا قلت لهن إن الزواج، لديه حصون، الحصن الأول هو العلاقة الشخصية أو الوجدانية، وهي (روح تسكن إليها)، وعندما تفتر هذه العلاقة يقول الله (جعل بينكم مودة) وهذه تعتبر الحصن الثاني، ولما الناس يكبروا يتبقى الحصن الثالث (وجعل بينكم رحمة).. وعشان كدا ح يتونسوا مش كدا.
{ الكلام الجميل يعطي الروح دفعة؟
–    ضاحكاً.. نحن الآن نمارس رومانسيتنا مع الحور العين، لأننا نحلم ببكرة ولقاء الله.
{ تدخل مع “أم أحمد” المطبخ؟
–    أنا لست من الذين “يورقون الخدرة” لزوجاتهم ، لكن والله (لامي) فرمتها لأنني أحب الآلات، و(الفرامة) بالنسبة لي كانت آله ميكانيكية، وأنا كنت أسعد بصوتها وأتابع تمزيقها لأوراق الخضرة، وأمي تسعد بذلك، فقد كانت لما تطبخ، لا توجد امرأة في الحلة تطبخ مثل (عيشة بت ميرغني) التي لو قدمت طعامها بين الأطعمة لازم يأكلوه أولاً.
{ “تفرم الخضرة” لوالدتك وتأبى بها لزوجتك؟
–    لحبي الشديد لوالدتي.
{ الحياة تكافل وليس شرطاً أن “تورق الخدرة”؟
مبتسماً.. والله الزوجة لو راضية نورق ليها وتعفينا من الخدامة فسوف نساعدها، فنحن ما دمنا  بندفع إيجار الزول البخدم يبقى لماذا ندخل المطبخ، على أي حال أنا لو داير شاي  بعملو براي ما عندي مشكلة.
{ احكي لي عن علاقتك بوالدتك.. يبدو أنك كنت أكثر ارتباطاً بها؟
–    للغاية والدتي كانت أكثر حزماً من والدي، يعني عندما سجنت، ذهبت إلى “نميري” وعنفته على سجني.
{ كانت امرأة حديدية؟
–    أيوة.. كانت كذلك، و”نميري” نفسه طلب من العساكر أن يتركوها، عندما قالت له ليه سجنت ولدي، فقال لها: (ولدك يمكن اخو مسلم)، فقالت له: (أخير هو ولا الشيوعيين المبارينك ديل)، فقال لها: (تعالي ليا في الخرطوم)، فقالت له: (أنا جيتك لكن كلابك ديل منعوني)، ورحمها الله زارتني في السجن عدة مرات، في حين أن إخواني لم يأتوا لزيارتي، وفي المرة التي منعوها من أن تدخل لي ماء الصيام في شهر رمضان، توفت من الحسرة عشان كدا أنا حجيت واعتمرت نيابة عنها.
{ تأثرت بشخصيتها كثيراً؟
–    جداً ولكنني أيضاً تأثرت بوالدي، فمنه أخذت الصبر والرحمة، أيضا تعلمت منه مهنة الخياطة التي كان يمارسها، كما أنه كان وكيل بريد وأنا كنت أختم ليه “البوستة”.
{ ترتيبك بين إخوتك؟
–    أنا الرابع بينهم.
{ راضٍ عن حياتك؟
–    لو راضي عنها ما كان أكون مشتاقاً للجنة، والحور العين، هذه حياة ناقصة نحن نتزود للسعادة الأبدية.
{ ماذا عن السعادة في حياتك وأنت صاحب تجربة زواج ثاني؟
–    الزواج المتعدد هذا لكي يكون شعارك في الحياة (ربنا هب لنا من أزواجنا وذريتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما)، فكيف تكون إماما وغير محصن فأنت حتى تتأهل للحور العين وحتى تقابل زوجتك التي تحبها بعدين في الآخرة يجب أن تكون عفيفاً، فإذا أنت مارست معها الخيانة لن تكون معها في الجنة وهي نفسها، أحسن ليها الرجل العفيف الذي يأتي زوجته بالحلال وبالتالي لن يأتي معه الايدز.
{ هذه دعوة للتعددية؟
–    لو النساء فكرن شوية سوف يخترن التعدد.
{ في زحمة العمل وإيقاع الحياة يعاودك الحنين إلى نوري مرة أخرى؟
–    أنا حنيني كله لي بكرة، ثم لـ”مكة” و”المدينة” فأشواقي صارت لأماكن أخرى مع تقديري للبلد.

المجهر السياسي