تحقيقات وتقارير

والي الخرطوم في مصيدة الصحافة


في خيمة الصحفيين فندق قراند هوليداي فيلا ليلة أمس بدأ الفريق أول مهندس عبدالرحيم محمد حسين، والي الخرطوم، مستعداً لتقبل كل الرؤى والاستفهامات التي طرحت بشأن المشاكل التي تواجه الولاية المكتظة بسكان الذين شدوا الرحال إليها من مختلف أنحاء السودان لأسباب جميعها تدور في مثلث الحرب والفقر والبحث عن الخدمات الأساسية.. فتحولت الخرطوم من عاصمة حضارية إلى مدينة تريفت واحتقنت بالمشكلات لكونها لم تكن مهيئة لاحتضان عشرة ملايين شخص فاقت بنيتها التحتية مطلوباتهم التي كانت فوق احتمال عاصمة البلاد.. المياه، الكهرباء، النظافة.. الأمن، معاش الناس، الفساد، المواصلات، الأراضي كل هذه القضايا كانت محور مقترحات وتساؤلات ومداخلات الصحافة السودانية أمس الأول.
تبادلت الصحافة الأدوار في طرح القضايا وما يريده المواطن من والي الخرطوم الولاية ذات القضايا والهموم الكثيرة التي تطرحها الصحف في كل يوم حيث بدأت فعاليات الخيمة التي دار نقاشها نقيب الصحفيين الصادق الرزيقي بمقترح الكاتب الطاهر ساتي الذي اقترح للوالي إحالة النظافة للقطاع الخاص، وعرج إلى أزمة الصحة وقال ساتي إن المشاكل التي تواجه المرضى في المستشفيات سببها الفشل الإداري وانتقد تعيين الأطباء في المواقع الإدارية للمستشفيات وقال إن الكوارث التي تقع في المستشفيات بسبب أخطاء إدارية كنقص الأوكسجين، وغياب الطبيب، ومضى قائلاً في العالم كله لا يوجد إداري طبيب، واعتبر تعيين الأطباء إداريين يتسبب في تحويل الطبيب الناجح إلى إداري فاشل، وشدد على أهمية تطبيق الخارطة الصحية العالمية بأن تبدأ بالمراكز الصحية ثم المستشفيات بالقرب من التجمعات السكانية وختم مقترحاته بأهمية فتح المساحة للقطاع الخاص للعمل في مجال البيئة، وإفساح المجال للإداريين.
حسن محمد صالح الكاتب الصحفي تحدث عن مشكلة الهجرة من الولايات إلى الخرطوم بدافع العلاج والتعليم واقترح أهمية تقديم الخدمات الأساسية بالولايات وحول قضية المياه قال صالح لا توجد حقائق تقدم بشأن قضيتي الماء والكهرباء وكل ما يقال مجرد ردود من المسؤولين.، وانتقد صالح غياب الإنارة في شوارع الخرطوم والطرق المهترئة وتساءل صالح عن أسباب تجفيف مستشفى الخرطوم، وقال إن مستشفى إبراهيم مالك ليس البديل المناسب لأنه مزعج للمرضى بسبب قربه من مطار الخرطوم وقلة أسرة العناية المكثفة.
أشرف عبدالعزيز رئيس تحرير الجريدة تحدث عن أهمية إيقاف الحرب لوقف الهجرة من الولايات إلى الخرطوم ومحاربة الفساد وفتح ملف الفساد بحكومة ولاية الخرطوم، والتحقيق في قضية شركات النظافة.. الصحفي خالد أحمد ركز على قضية المواصلات ومعاناة المواطن، بينما انتقدت الكاتبة الصحفية منى أبوزيد قصر النظر في الإدارة ومحاولة إرضاء المسؤولين لرؤسائهم على حساب إرضاء المواطن ودعت إلى أهمية العمل بإستراتيجية جديدة، وفي الوقت ذاته ركز كل من الصحفي عبدالرحمن النحاس، إمام محمد إمام على النظافة وتجميل الخرطوم حتى تصل إلى مستوى العواصم. الصحفي هيثم كابو تحدث عن أزمة غياب الثقافة والأنشطة الثقافية في الخرطوم واعتبر وزارة الثقافة غائبة من المشهد الذي يشجع الثقافة في الخرطوم ودعا إلى إلغائها وتحويل ميزانيتها إلى مواعين يستفيد من المواطن، بينما ركز الصحفي معاوية الجاك على الرياضة وإخراجها من دائرة السياسة.
الفريق عبدالرحيم بدأت ردوده وتعليقاته بقوله محمد لطيف قادني إلى مصيدة الصحافة، وقال لي سأسمع من الصحفيين مقترحات إلا أننا وجدت مصيدة.. إلا الوالي كان صدره واسعاً في تقبل كل الأسئلة بشأن الأزمات التي تخنق الولاية، وقال عبدالرحيم أنا جاهز لتقبل الساخن والبارد من الأسئلة ولو جئنا لنسمع البارد فقط فإن الأمور لا تستقيم ومضى قائلاً إن الحلول لمشكلات الخرطوم متباينة وقصة الخرطوم (زي قصة جحا وولده والحمار) أي مهما عملنا لا يمكن أن نرضي كل الناس ولكن المهم أن أشعر بأنني قدمنا.. تشكيل حكومة الولاية من القضايا التي طرحها الفريق عبدالرحيم وقال إن التحدي هو “كيف أشكل حكومة ومعتمدين قريبين من المواطن” قريبين منه في المستشفى في السوق في المدرسة وفي الحي.. حاول الوالي نزع لباسه الحزبي والقى بتطمينات للمواطن وقال أنا بعيد من التشكيلات السياسية وكنت في القوات المسلحة وهي مؤسسة قومية، وأقر بأن الوطن مليء بالكفاءات وقال (حواء والدة) وجدد قوله المهم العمل لكيفية إيجاد حكومة قريبة من المواطن تتلمس قضاياه خاصة أن محلية الخرطوم وحدها بها ١٨٦ حياً ٨٦ مستشفى ٤٣ جامعة وكلية وأضاف قائلاً عدد سكان ولاية الخرطوم يساوي عدد سكان ثلاث ولايات: الشمالية، ونهر النيل والبحر الأحمر .

إطفاء حريق أزمة المياه

اعترف الفريق عبدالرحيم بأن مشكلة المياه بولاية الخرطوم تتمحور في مصادر المياه والشبكات وقال إن محطات المياه بها إشكالات وهناك ١٦٠٠ بئر تحتاج إلى ١٦٠٠ مولد وبعضها يجف في الصيف.. وتعهد بإنشاء شبكة للمياه باعتبارها أول مشكلة واجهته بعد تولي أمر الولاية التي بها ١٦٠٠ حي وقال عبدالرحيم إن مشكلة المياه محصورة في ٢٨ حيا إلا أنها عَصّب الحياة لذا تعد المشكلة الأساسية وقال إن قيمة الإنسان ضخمة لا ألوم الصحف في تناولها لقضية تمس الحياة.
ووعد بوضع خطة إسعافية لإطفاء حريق أزمة المياه حل مشكلة في مدى عامين أو ثلاثة أعوام.

السلوك البشري
اعترف عبدالرحيم بأزمة النظافة في الخرطوم ووصفها بالمشكلة الكبيرة وارجع سببها إلى السلوك البشري وقال لي أنا (حايم في الكوش) لمتابعة قضية النظافة وزاد لا يمكن أن يجتمع الجمال مع وجود الأوساخ واعترف بأهمية أن تظهر الصحافة مواطن الخلل داعياً الإعلاميين للمساهمة في الحلول عبر كتاباتهم وقال نحتاج إلى الإعلام المتجرد للمساهمة في حلول عملية، وزاد قائلاً لأن تختلف جمعياً في الحكومة او المعارضة في أننا نريد عاصمة نظيفة متحضرة إلا أن نواجه تحديات أهمها شُح الموارد المالية وقال إنها محدودة واعتمدت على وزارة التخطيط العمراني وفي إشارة إلى اعتماد الوزارة على بيع الأراضي قال عبدالرحيم “الحمد الله الاراضي كلها باعوها) ومضى قائلاً في حديثه الحكاية عاوزة قروش وموارد من أين تأتي الموارد.

الهجرة.. حلتي كلها هنا

الهجرة إلى الخرطوم أصبحت واقعا بسبب أزمة الخدمات في المناطق التي هجرها المواطنون وقال عبدالرحيم لا يمكن السيطرة على تمدد الخرطوم نتيجة للهجرة وقال سنوياً تدخل الخرطوم حوالي ١٠-١٢ ألف أسرة وربط بين الهجرة والخدمات بولايته وقال كلما سهلت العيش في الخرطوم الناس “بتجي الخرطوم” ووصف الحياة المعيشية بأنها اسهل وارخص في الخرطوم.
واستشهد بهجرة سكان منطقته، وقال “أنا من منطقة حلتي كلها هنا”. لم ينكر عبدالرحيم بأن مشكلة المواصلات مشكلة حقيقية وقال إن العاصمة تحتاج إلى المزيد من الكباري، والطرق ومضى قائلاً في حديثه لابد من إيجاد توليفة بين طموح المواطن وإمكانيات الدولة وسلوك الموطن والهجرة لإيجاد التوازن وأعلن استعداده لتقديم أية معلومات بشأن قضايا الولاية، وقال أنا لا ألغي ولا أنكر ما بدأه من سبقوني في إدارة حكم الولاية وإن بداية الفشل أن يعتقد المرء بأن الدنيا بدأت به وأضاف قائلاً أنا جئت لأبني فوق ما بنى من سبقوني منذ الحاكم العام للخرطوم، ولا ألغي أدوار ما قبلي. وختم حديثه بقوله علينا أن نجود ونراجع. واقبل النصيحة من أي شخص بغض النظر عن الانتماء السياسي والجهوي.

التيار


تعليق واحد

  1. ما شاء الله عليك ياباشا صدرك رحب بس المشكلة إنو مالقيت فيها كده إستلمتها علئ الحديدة والخريف قرب