تحقيقات وتقارير

تشكيل حكومات الولايات.. خطوة في اتجاه مغاير


جاء في الأخبار أن المؤتمر الوطني، وعبر قطاع الاتصال التنظيمي المركزي وجه بإقرار نهج جديد في طريقة اختيار الولاة لمسؤولي حكوماتهم من الوزراء والمعتمدين والمستشارين وغيرهم من الدستوريين.. النهج الجديد الذي أفصح عنه د. فيصل حسن إبراهيم رئيس قطاع الاتصال التنظيمي بالحزب الحاكم في خطابه لوالي ولاية سنار، الضو الماحي، المؤرخ بالثالث والعشرين من يونيو الجاري يتضمن تقليص عدد الوزارات الولائية من أربع عشرة وزارة إلى ثمان وزارات فقط، وبحسب ما رشح من قرارات كان المكتب القيادي للمؤتمر الوطني قد أصدرها في اجتماعه السادس بتاريخ 17 يونيو الجاري فإن حكومة أي ولاية لا يجب أن يتجاوز عدد وزرائها الثمانية وزراء فقط على أن يكون اثنان منهم من خارج الولاية وثلاثة منهم يمثلون الأحزاب السياسية المشاركة للحزب الحاكم في انتخاباته الماضية .
وبحسب ما رشح من المصدر عاليه، فإن النهج الجديد يحظر إنشاء وظائف دستورية خلاف التي تمت تسميتها، ولا مجال بعد اليوم لتعيين الولاة لمستشارين أو معتمدين برئاسة الولاية وما شابه ذلك، ومن الواضح أن النهج الجديد فطن إلى ضرورة ترشيد الصرف من ميزانيات حكومات الولايات وتركيزه على الخدمات، كما يحظر النهج الجديد التعيين بواسطة الولاة على أساس التعاقدات الشخصية لمن يسمون بالخبراء الوطنيين، وبغض النظر عن ماهية هؤلاء الخبراء المفترضين فإن التجربة الماضية أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك عدم وجود أي خبرة في أي مجال ويشهد على ذلك التردي المريع لقطاع الخدمات الذي ظلت تديره هذه الخبرات.
بيد أن اللافت في تعديل المؤتمر الوطني لنهجه في تعيين الدستوريين بالولايات أنه خصص للأحزاب السياسية المشاركة له في السُلطة عدد ثلاث وزارات من أصل ثماني، إضافة إلى معتمد من جملة المناصب التي اقر مكتبه القيادي تشكيل حكومات الولايات فيها، ومن المهم الإشارة هنا إلى أن النهج الجديد للحزب الحاكم في تشكيل حكومات الولايات لا يتضمن أي جديد سوى تقليص مساحات التعيين على أساس القبلية والجهوية الذي كان سائداً طوال فترة تشكيل الحكومات المنصرمة، حيث أقر التوجيه الصادر من المكتب القيادي المركزي للحزب الحاكم سلطة الولاة في رفع ثلاثة أسماء لمرشحي منصب المعتمد عن كل محلية، يشترط فيهم عدم المواطنة بالمحلية أي من خارج النطاق الجغرافي للمحلية المعينة بأي ولاية، وحول هذه الحيثية قال خبراء في مجال الحكم المحلي إن اختيار المعتمدين من خارج دائرة المحلية يسهم في غلق باب المحسوبية ويسد الباب أمام شيوع ثقافة التصديقات التي ينشط فيها المعتمدون وبمحاباة لأقربائهم أو ذويهم خصوصاً تلك التي أثارت ردود أفعال غاضبة وسط المواطنين فقد رشح أن العديد من معتمدي حكومات الولايات المقالين ظلوا يصدرون التصاديق لمنسوبيهم في الجهة أو الإثنية وهي تصاديق ساهمت في شيوع فساد الأراضي إلى جانب ممارسات أخرى وصفت بالضارة والمهددة للنسيج الاجتماعي بالولاية والمحلية.
بيد أن عدداً من المراقبين يفسرون المسألة بالقول إن سياسة المؤتمر الوطني في تشكيل حكومات الولايات وفق النهج الجديد المذكور تمضي باتجاه تقليص الوزراء ونفوذهم المفترض خصوصاً أولئك الذين فرضتهم اتفاقات المشاركة بين الحزب الحاكم وبعض القوى السياسية المشاركة له في السلطة، ومن الواضح أن التقليص يعتمد على مزاعم ترشيد الصرف على الميزانيات بحيث لا تطلق أيدي شركاء السلطة ليقدموا الخدمات لمنسوبيهم في الولايات فتقوى بذلك قواعد الأحزاب المشاركة ويعيدوا ترتيب دوائرهم الجغرافية للجولات القادمة للانتخابات.


التيار