مقالات متنوعة

محمد لطيف : تحصيل إلكتروني أم.. تحصيل حاصل


صديقي فاجأني بالسؤال التالي.. ما رأيكم أيها الصحافيون في التحصيل الإلكتروني؟.. قلت له دون تردد.. نقلة نوعية كبيرة ستساهم في سرعة الإنجاز.. ودقة التحصيل.. وحسم التفلتات.. وضبط المصروفات.. وكل ذلك يوفر على الدولة جهدا.. وللمواطن وقتا.. قال لي.. إذن اسمع هذه اقصة.. ذهبت إلى الجهة الفلانية.. حددها بالاسم.. للحصول على خدمة.. حددها ايضا.. وهي خدمة بسيطة وتبدو روتينية وأنه وقف في نافذة للحصول على فورم مخصص لتلك الخدمة.. ثم ذهب إلى نافذة أخرى.. للحصول على موافقة الجهة المعنية على منحه الخدمة ثم السماح له بالسداد.. وهنا كان مربط الفرس.. فصديقي كان في الواقع.. كما قال.. متلهفا لممارسة الدفع الإلكتروني.. كان يمني نفسه بالدخول إلى صالة.. هذا على سبيل التخيل.. فيجد نفسه أمام خمسين جهازا للدفع الإلكتروني فيهرع كل مواطن إلى جهاز من تلك الأجهزة.. ويمارس حقه الديمقراطي كمواطن متحضر لممارسة السداد إلكترونيا.. حسب توجيهات السيد وزير المالية.. فيوفي الحكومة حقها إلكترونيا..!

ولكن ما الذي حدث..؟ لقد كان فوق الخيال.. حين سأل عن.. حتة.. السداد الإلكتروني فوجئ بمن يقول له.. تطلع برة تلف بهناك الشارع الورا.. تلقي البنك على يدك اليمين.. أعاد صديقي السؤال.. وفي ظنه.. وليس كل الظن إثم.. أن المسؤول لم يفهم السؤال.. فأعاد سؤاله.. وهو يضغط على مخارج الحروف.. فجاءته ذات الإجابة مع إضافة عبارة.. إنت ما بتفهم..؟ استصعب صديقي عدم الفهم.. رغم أنه لم يفهم فعلا.. ولكنه آثر الصمت.. فغادر المبنى كلية.. ثم راح يبحث عن البنك حتى عثر عليه.. ثم عثر على حالة من السداد الإلكتروني.. لم يسبق له أن رأى مثلها.. كمأ أنها كانت سانحة له ليفهم معنى السداد الإلكتروني.. فحين خرج صديقي من المبنى.. فوجئ بجموع بشرية هادرة تموج وتموج.. تختلط ببعضها.. ثم تعلو فوق بعضها.. ثم تنزلق هبوطا.. ثم تدور الجموع حول نفسها.. تماما كدوران الحبيبات الإلكترونية حول النواة.. وفهم صديقي.. كما قال.. معنى السداد الإلكتروني.. فقد كان ذلك الدوران صراعا على الوصول إلى نافذة السداد الإلكتروني.. أو بالأحرى الوصول إلى مبنى البنك..؟

أنجز صديقي مهمة السداد الإلكتروني بعد أن فقد يوم عمل كاملا.. وفقد ثلاثة أزرار من قميصه الجديد..!

كان من رأي كثير من المراقبين أن السداد الإلكتروني يعني سرعة في الإنجاز.. وضبطا في الإيرادات.. وزيادة في التحصيل.. كما كان الظن أن ثمة فائضا في العمالة سيترتب على تطبيق المشروع.. وأن وزارة المالية ستعلن عن خطة لإعادة تأهيل فائض العمالة هذا.. لتوظيفه لخدمة التنمية في مواقع أخرى.. ولكن.. أما عن الجاهزية في تنفيذ التحصيل الإلكتروني.. فحدث ولا حرج!!