فدوى موسى

امرأة محتارة


وقفت ومائة علامة استفهام تجول بخاطرها ثم حدثتهم بهمها وهي تنتوي أن تجعل خيار الهجرة وارداً في خيارات حياتها المقبلة.. حاولوا أن يزرعوا في مخيلتها بعض الأمل بأن الغد أفضل لكنها كانت قد وصلت إلى مطلق القناعة أن معيشتها قد انقطعت في هذه الأرض.. فقد عجزت عن مجاراة الظروف الضاغطة واطفالها حولها ينظرون إليها بشيء من الرجاء بعد أن أدمن والدهم الفرار إلى «أم الكبائر» وصار في حالة مأسوف عليها.. لا يعي ما له وما عليه.. لذا فضلت أن تخرج عن طوق حياته التي يعيشها بلا مسؤولية، ولأن النماذج من حولها لا تشجعها على الاستمرار آثرت أن تخرج عن الطوق، وها هو خيار الهجرة و«الهج من البلد» أمام طاولة التفكير.. وهي نموذج لآلاف النسوة تحت تأثير ذات الظروف وغيرها، ولكن يبقى السؤال المر.. «هل ما تراه الآن أمامها من أوضاع لمهاجرات قادمات من دول أخرى يشجع على اجترار التجربة؟».. لكنها حالة حيرة نسوية موجودة.

وأخرى تلازمها كل الأمراض المزمنة من ضغط وسكرى و.. و.. إلاَّ أنها من تلك البشرية التي لا تكترث لتنفيذ الارشادات والتوجيهات الطبية باعتبارها «نضم ساي».. لذا صارت في هذه الأيام من أكثر المرضى تردداً على العيادات والمستشفيات وهي ترمق مرافقيها بشيء من الانهزام لأنها تعلم تماماً مدى العناء الذي تسببه لنفسها ولهم في ظل تداعيات كثيرة من اللوازم الظرفية المعروفة، فتظل في حالة اعتذار دائم «يا وليداتي.. يا بنياتي تعبتكم معاي» ورغم ذلك لا تقي بالاً لنصح الطبيب وهو يقوم بتسميع «جدول الضرب» كما تقول.. وربما التمس في هذا العناء أنها تخطت العمر الذي تستوعب فيه الحفظ وتشبعت بفكرة أن المرض هو الذي يجعل الآخرين في حالة التفاف حولها.

وأخرى تقطب جبينها عند مدخل المكتب اعتقاداً منها أن رئاستها للجالسين لا تستقيم إلا بأن تحسسهم بأنها امرأة صارمة المقاطع حادة التعابير، واحياناً تدخل عليهم دون أن «ترمي عليهم السلام» لظنها «أن هؤلاء لا يتأتون إلا بالشدة والغلظة» فيظلون في تحسب لأوقات مرورها ليقوموا بواجب الهمز واللمز اليومي الذي يبدو كأنه السبب الأساسي لاسترزاقهم من تلك المواقع التي يعملون بها.. وهكذا يتعاملون مع المرأة المترأسة.

اخر الكلام..

أشكرك شكراً نبيلاً وانت تفاجئني بعبارة «كل سنة وانتي طيبة..» فأهز رأسي باستغراب لتردَّ عليَّ «بأن اليوم هو عيد ميلادك الـ ..» فأعرف أنني امرأة مهمة جداً عندك.. وما أجمل هذه الهدية التي سأحتفظ بها في السويداء ومكامن الفؤاد.. فنحن النسوة تستبيننا الكلمة الحلوة.. وترضي غرورنا أشياء صغيرة كما الأطفال «لك حبي.. امرأة طفلة»!

مع محبتي للجميع..