جعفر عباس

عش رجبا ترَ عجبا


مع الانتشار الوبائي للهاتف الجوال، لم نعد نحسب مجنونا من يمشي، أو يجلس داخل سيارته منفردا وهو يكلم نفسه، بل صرنا نفترض أنه يحشر سماعة في أذنه ويتكلم والهاتف في جيبه أو قريب من مقعده، ولكن كيف يكون موقفك إزاء شخص تراه وسلك يمتد من ذراعه أو عنقه وينغرس في هاتفه الجوال وهو يمشي أو يجلس من دون أن يتكلم؟
مختبرات سانديا الأمريكية توصلت بعد دراسات مطولة إلى استنتاج بأن جسم الإنسان يولد طاقة كهربائية تكفي لشحن الهاتف الجوال، بل وتشغيل بعض الأجهزة الإلكترونية والكهربائية الأخرى، فالدهون تشكل نحو 13 بالمائة من إجمالي وزن الإنسان، وهي قادرة على إنتاج طاقة كهربائية قوة 11 ألف وات/ ساعة، وبما ان الجسم يستهلك فقط 3300 وات، فمعنى ذلك أنني وأنت نملك فائضاً من الطاقة الكهربائية، ومع هذا نترك شركات الكهرباء تستغلنا وتقاسمنا ما عندنا من مال.
هناك من يبيع كليته أو قرنية عينه كي يحصل على مال، فلماذا لا يقوم الغلابة أمثالنا بزيادة رصيدهم من الدهون، لإنتاج الطاقة لتشغيل ثلاجة أو مصباح في البيت أو حتى بيع الفائض للجيران، فالباحثون في تلك المختبرات نجحوا في تطوير إبرة زجاجة رفيعة للغاية بحيث لا يحس الإنسان بوخزتها عندما يغرسها في جسمه، وتقوم تلك الإبرة بتحويل الجلوكوز إلى طاقة كهربائية. يعني موبايلك صار يوشوش لأنه بحاجة إلى شحن، فتذهب إلى محل حلويات: ادينا نص كيلو بسبوسة.. خليها كيلو.. وكمان كيلو أمّ علي.. وتلهط تلك الأشياء وتوصل الجوال بالسلك المغروس في جسمك فـ«يلعلع» صوته.
وليس في الأمر ما يثير العجب، فالعلم يعرف منذ مئات السنين ان السكر مصدر مهم للطاقة للكائنات الحية، وجسم الإنسان أقدر من أي آلة على استخلاص تلك الطاقة بفضل ما فيه من إنزيمات، وهناك كلام كثير جاء في تقرير مختبرات سانديا تلك لم أفهمه ولن أوجع به رؤوسكم ولكن خلاصته هي أنه من الممكن الاستفادة من الطاقة الفائضة في الجسم لأغراض صناعية بسيطة، بل أكدت دراسات علماء المختبرات إمكان شفط الجلكوز الزائد على حاجة الجسم، مما يوفر وقاية للمصابين بالسكري ضد نوبات وغيبوبات السكري، ويحول دون السمنة والتكرش، يعني تأكل على كيفك وتحرق فائض السكريات أو تشفطه على كيفك.
في معظم البيوت العربية هناك خادمة، ووجود الخادمة في البيت صار من باب الوجاهة الاجتماعية، وهناك من يتباهون بأن في بيوتهم بدل الخادمة سبعا، بينما عدد أفراد الأسرة أربعة فقط، بل صارت بعض الأسر الفقيرة أيضاً تحرص على امتلاك الخادمة من باب «حنا مو أقل من عيال صقنقور»، ولكن توليد الكهرباء من أجسام الناس سيدخلنا إلى عصر جديد في عالم العمالة المنزلية: يا جوليا.. وينك يا زفت.. تعالي أبغي أشحن الموبايل! وتأتي جوليا ويتم وصلها بأسلاك تمتد إلى الموبايل، وتجلس جوليا مثل أبي الهول نحو ساعة ثم تصدر إليها الأوامر: يللا خلاص روحي خلصي شغل المطبخ ولو اتصل فيني أحد قولي خرجت.. وللا أقولك، قولي ماتت.. ويدخل ضيف دعوته إلى الطعام وبصحبته شخص مبهدل فيقول لك معليش جبت وياي كومار الدب هذا منشان بطارية السيارة ضعيفة.
وتفاديا لتهمة الاتجار بالبشر وشفط كهرباء من جوليا وكومار بلا مقابل إضافي، عليك بالأكلات «المؤنثة»: الكبسة والكنافة وأم علي والكوارع والبقلاوة والبسبوسة والزلابية والمهياوة والقشطة (أرجو من النساء عدم اتهامي بالتحامل عليهن، فأن تكون معظم الأشياء المؤدية الى تراكم الدهون والكولسترول في الجسم مؤنثة، فهذا أمر الله).

jafabbas19@gmail.com