حيدر المكاشفي

والله زمان يا (شنطة الحديد ومجوز الزوادة)


ما قاله القيادي بحزب الترابي؛ كمال عمر، في حوار الغراء “الأهرام اليوم” معه أمس، حول أنه أتى الخرطوم من دنقلا بشنطة حديد، ذكرني بذاك الزمان الماضي وببعض القيادات الحاضرة، كما ذكرني أيضاً بتلك الطرفة التي تُروى عن الطالب الإقليمي الذي تم قبوله بجامعة الخرطوم أيام كانت جميلة ومستحيلة، قيل إن موعد وصول هذا (البرلوم الدايش) إلى الجامعة بل إلى الخرطوم لأول مرة تزامن مع ساعة الغداء، وبعد أن وضع شنطة الحديد داخل الدولاب توجه مباشرة إلى قاعة الطعام (السفرة) وتصادف أن كان ذاك اليوم هو يوم الوجبة الخاصة (special meal) حيث كانت السفرة تحتشد بالمحشي والمحمّر والمشمّر وما لذ وطاب من لحوم البر والبحر والفاكهة والتحلية. فأقبل عليها صاحبنا بنهم وشراهة و(شراسة) وعبّ منها أقصى ما تسعه بطنه حتى (وقف قربة) ثم عرج على مبرّد المياه (الكولر) وعبّ منه (كوزاً) كبيراً أتى عليه و(قرطعه) بتلذذ حتى آخر قطرة فيه، ثم تمطى وتدشى (عااااع) وجذب نفساً عميقاً وقال (آآآه من كدّ وجد).

تلك كانت أيام خالدة للتعليم وذكريات حالمة خلت نعلم أنها لن تعود ولا نحلم بالعودة إليها فالزمان ليس هو الزمان والناس ليسوا هم الناس والحال ليس هو الحال، رغم أن القيادات التي تقود شؤون الدولة الآن في التعليم وغير التعليم كانوا هم طلاب ذاك الزمان، وكان أغلبهم أيضاً مثل كمال عمر؛ دخلوا الخرطوم بشنط حديد ومن كان منهم أيسر حالاً كان الى جانب شنطة الحديد يحمل معه أيضاً (مجوز زوادة)، وهذا (المجوز) لمن لا يعرفونه من الأجيال الطالعة، هو جوز من الصفائح الفارغة تقرنان مع بعضهما ويصنع لهما غطاء وقفلاً مشتركاً يحمل عليه المسافرون وطلاب الداخليات ما يتيسر لهم من مأكولات، ولو أن حال التعليم على زمان هذه القيادات التي خرجت من أصلاب آباء فقراء ومن بيوت الطين والجالوص ودرادر القش ورواكيب القصب وجريد النخل وخيم السعف والشعر والجلود، كان مثل حاله اليوم لما كان لكثير من القيادات والكبار حالياً أي ذكر، ولما كانوا شيئاً مذكورا، فما رفعهم الى هذا المقام هو أنهم في زمانهم أكلوا في المدارس وشربوا وسكنوا وترفهوا ووجدوا العناية الطبية فيها من المراحل الأساسية وإلى ما فوق الجامعية بالمجاااان، ثم بعد أن قفزوا من حضيض الفقر والبؤس والشقاء إلى مراقي العائلات المخملية و«الناس النقاوة» والمجتمعات الارستقراطية، أصبحوا يصطافون في جزر هاواي وهونولولو والريف السويسري والفرنسي ويعلمون أبناءهم في مدارس الاتحاد وكمبوني وسان فرانسيس وجامعات كيمبردج وكينجز كولدج وهارفارد والسوربون وغيرها من أرقى الجامعات في العالم… و… والله زمان يا شنط الحديد ومجاوز الزوادة.


تعليق واحد

  1. كثير من الاخوة فى ( الخرتوم ) ما يصورن ابناء الاقاليم بالمتخلفين والعينهم طايره ( ما شافو الاكل قبل كدا ) ويصورونهم قليلى الثقافة يعنى بالعربى كدا ما ناقشين شى وانا اسال هم ناس ( الخرتوم ) ديل جايين من وين ؟ ما من الاقاليم ولا انشقت ارض ( الخرتوم ) وفجأة لقوا انفسهم ( خرتوميين ) اذا كان التفسخ وقلة الحياء والمياعه والمياصة والولد م تفرزو من البنت والبخل والجار الما بعرف جارو بالسنين دى التى تميزكم عنا اهل الريف والفرى والبوادى فأهلا بالجهل والتخلف والله ما شفنا ( هلع الاكل ) الا بعد ما زرنا ( الخرتوم ) وما شفنا عقوقو الوالدين الا بعد ما زرنا ( الخرتوم ) ونا شفنا بهدلة الناس والجرى فى الدنيا والغش والنصب والاحتيال وكل مصائب هذا الزمان الا بعد ما زرنا ( الخرتوم ) مبروك عليكم خرتومكم بس بعدوا عنا اهل الريف نحن راسين وميقنين الخوف عليكم يا ( المن الضيف عيونكم تطقن )
    فال بشراهة قال
    قى حد مخلوع من لاكم
    قوم لف