تحقيقات وتقارير

استفهام يوليو الحرج.. ماذا لو لم يمت قرنق ؟


برحيله المفاجئ انطفأ بريق ذلك الأمل الذي أوقدته نيفاشا، في ما يسمى بمشروع السودان الجديد، حيث ذهب عدد من المراقبين إلى أن شجاعة الرجال لا تملك القدرة للاتجاه نحو المستقبل من غير النظر إلى الوراء، لذا بات واضحاً أن الغرماء في الخرطوم وجوبا لا يملكون نية أخرى، غير انتظار مهلة الخمس سنوات التي حددها الاتفاق لترسيم الاستقلال النهائي لجنوب السودان عن شماله، وبالتالي ميلاد الدولة الأحدث في القارة السمراء، ومما لا ريب فيه أن مشهد التجمهر الشعبي الواسع حول قبره في ذكرى رحيله الأولى، كان يشي بالانفصال، خاصة عند رؤية آلاف الجنوبيين وهم يحيون قائدهم الراحل ويلوحون بالأعلام الجنوبية، وفي الأثناء ذاتها، جابت طوابير آلاف ضباط الشرطة والجنود شوارع العاصمة الجنوبية جوبا في مواكب عسكرية، وبين هذا وذاك، تساءل الكثير من السودانيين: ماذا لو لم يمت قرنق في حادثة تحطم الطائرة العسكرية في ذلك اليوم من يوليو؟

الحلم الضائع:

كان الدكتور جون قرنق دي مبيور يحلم بأمة تقتسم سلطتها وثرواتها وأن يكون لكلٍ نصيبه على امتداد سهول السودان وجباله وغاباته الشاسعة، وعلى امتداد تنوع أهله، مسلمين ومسيحيين، عرباً وأفارقة، وكان قرنق راسخ الاعتقاد، حازماً في نفيه الجازم لوجود (مشكلة الجنوب) أو (مشكلة دارفور) بل مشكلة السودان كله، وأن حلها يجب أن يكون موحداً وديمقراطياً، وفي اعتقاده أن في هذه البلاد معضلة مركزية ينبغي حلها، ولتحقيق ذلك الهدف، نذر قرنق حياته كلها وأفناها فيها، لذاك أحبه الشماليون أكثر من الجنوبيين، لا لشيء بل بفضل ما يتمتع به من كاريزما وعلم وثقافة وبعد نظر ورؤية وخط واضح لحاضر ومستقبل السودان الموحد المتعدد الثقافات وكان يرى ان تعدد الثقافات ليس بالشئ السيئ بل هو من عوامل القوة.

الرحلة النضالية:

بدأت الرحلة النضالية الطويلة للدكتور جون قرنق في عام 1983، إثر انهيار اتفاقية أديس أبابا للسلام، عندها كان قرنق يعمل ضابطاً في الجيش السوداني، وبرفقة عدد من أقرانه الضباط الجنوبيين تمرد ووجد له ملاذاً آمناً في إثيوبيا المجاورة، وخلال العقدين التاليين انهمك قرنق في قيادة التمرد على رأس الجيش الشعبي والحركة الشعبية لتحرير السودان، وبحلول عام 2002 كانت الحكومة السودانية قد أبدت استعداداً للتفاوض مع الحركة، وفي عام 2005 أبرمت اتفاقية نيفاشا للسلام، التي أفضت إلى تشكيل حكومة ائتلافية وإجراءات اقتسام لثروات حقول النفط الجنوبية بين شمال السودان وجنوبه، وبموجب الاتفاقية، منح الجنوب صيغة الحكم الذاتي برئاسة قرنق، على أن يجرى الاستفتاء الشعبي على مصير الجنوب في شهر يناير المقبل، بما فيه احتمالات نتائجه: إعلان الانفصال، وكان كلا طرفي الاتفاق قد وعد بجعل الوحدة جاذبة خلال فترة الحكم الانتقالي، لكن (21) يوم فقط هي التي قضاها قرنق في السلطة بعدها غادر الدنيا إلى الأبد.

غياب الرؤية:

وعلى رغم غلبة الانتماء الجنوبي على الحركة الشعبية، فقد ظلت حزباً وحدوياً في الأساس في ظل قيادة قرنق، واستطاعت الحركة أن تبني لها هياكل حزبية قوية على طول جنوب السودان وشماله، غير أن ذلك الاتجاه تغيّر كثيراً عقب رحيله، فعلى حد قول بيتر أدوك نيابا، عضو القيادة السياسية العليا للحركة، سرعان ما وقعت الحركة فريسة لقادة انفصاليي النزعة، كما بدأ الضعف يعتري جسم الحركة في ظل غياب المهارات والرؤية السياسية التي كان يتمتع بها قرنق، وعقب رحيله برزت فجوة قيادة في أوساط الحركة، وقد انعكست هذه الفجوة واضحة على علاقة الحركة وتعاملها مع حزب المؤتمر الوطني وغيره من الأحزاب الشمالية الأخرى، ولدى الإعلان عن نتائج الانتخابات العامة التي أجريت في أبريل 2010م، وأعيد بموجبها انتخاب الرئيس عمر البشير، بدا جنوب السودان وشماله أكثر تنافراً.

رأي الأغلبية:

لكن ثمة من ذهب في حديثه إلى أن قرنق كان سينتمي إلى رأي الأغلبية في آخر المطاف، حيث يرى نائب رئيس وفد حركة مشار للتفاوض، دكتور ضيو مطوك بأن معركة قرنق الحقيقية منذ إنشاء الحركة الشعبية وتدشينها لبرنامجها وخطابها الوحدوي كانت في مواجهة القوميين الجنوبيين أو الانفصاليين الجنوبيين، وأن قرنق كان يدرك أن التيار الانفصالي يأخذ في الأتساع بفعل الممارسات الشمالية، وقال دكتور ضيو مطوك لو ظل قرنق حياً كان أيضاً سيحدث الإنفصال، وأكد أن الحركة تبنت خيار أغلبية شعب الجنوب، وقرنق لم يكن ليتبنى غير رأي الأغلبية.

قرنق الوحدوي:

فيما يرى المفكر الإسلامي الدكتور المحبوب عبد السلام أن اى حديث عن انفصالية قرنق لا يمثل الحقيقة ، وقطع لـ(ألوان) أمس، بأن وجود قرنق على قيد الحياة كان من شأنه تغيير الكثير في المشهد لجهة امتلاء الأخير بالسودان ككل، للدرجة التي كان فيها يضع الخرط ويرسم كيفية ربطه للسودان باجمعه عبر 17 طريقاً برياً، وعد المحبوب أن انهيار وحدة السودان لم تبدأ بنيفاشا فقط وإنما منذ اللحظة التي نكص فيها الوطني عن التزامات اتفاقية الخرطوم للسلام عام 1997م.

تقرير : أكرم الفرجابي- الوان


‫7 تعليقات

  1. كلمه وحده عند د قرنق هى كلمه استهلكيه تكتيكيه قرنق يؤمن بشعار واحد (حركه تحرير السودان …. من العرب) طبعا الكلمتين الاخيرتين غير منطوقتين لاسباب استراتيجيه سياسيه

  2. وحدوي دي كانت تكتيك مرحلي لاستغفال غير الجنوبيين للانضمام له علي (أمل) السيطرة علي البلد و اذلال مثلث حمدي … و عندما فشل في ذلك وافق علي الانفصال في نيفاشا

  3. آخر تفاهة جايين تمجدوا لينا قرنق تفو عليكم
    وين الشعارات يا قرنق يا عمالة يا عميل كمبالة

  4. الحمد لله الذي أذهب عنا الأذى وعافانا.
    في انتظار ذهاب الديناصورات الثلاثة.

  5. حتي لو كان الدكتور جون قرنق عائش الجنوب هينفصل لانه الحكومة الشمالية r assholes

  6. 21) يوم فقط هي التي قضاها قرنق في السلطة بعدها غادر الدنيا إلى الابد اللهم لك الحمد و الشكر . و الله اذا ما رحل قرنق الهالك لسكن الجنوبيون فى بيوتنا فى الشمال لكن الله لطف بنا و اخذه اخذ عزيز مقتدر

  7. المحبوب عبد السلام مفكر ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ شيخه مدمر و ليس مفكر ناهيك عنه هو ؟