جعفر عباس

الرجل عزيز قوم ذل


بذلتُهُمُ نصحي بمنعرج اللوى/ فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد! بالعامية المصرية: جالكم كلامي؟ هل تذكرون ما كتبته بمناسبة انعقاد مؤتمر حماية المرأة من العنف في البحرين قبل بضع سنوات؟ هل تذكرون كيف أنني حذرتكم من أن مجرد انعقاد المؤتمر لمناقشة تلك المسألة فيه اتهام مبطن للرجل الخليجي بالغلظة والخشونة والعنف؟ (طبعا حتى الذين قرأوا ما كتبته لا يتذكرون من أمر ذلك المؤتمر شيئا، وبصراحة فأنا أيضا نسيت أمره، ولكن بارك الله في أرشيف القصاصات الصحفية الذي يغنيني عن غوغل ويعطي الانطباع بأن ذاكرتي مزودة بشرائح سليكونية تعمل «باك أب»، أي تسند ذاكرتي الطبيعية).
قلت بمناسبة ذلك المؤتمر الذي انعقد في ديسمبر من عام 2005 في المنامة إن النساء سيعملن معنا بمنطق ضربني وبكى وسبقني واشتكى؟ يا ما دعوت إلى إقامة جمعيات رجالية على غرار الجمعيات النسائية، ولكن الرجال تجاهلوا دعوتي لأنهم يعيشون على وهم أنهم ما زالوا سادة الساحات وكلامهم ماشي ومسموع، ولا صوت يعلو فوق صوت الرجل! كل ذلك كان «زمان» ويا حليل أيام زمان عندما كان من العيب على المرأة أن تنادي زوجها باسمه! أما اليوم فإن الزوجة قد تنادي زوجها بصيغة التصغير: حمودي.. صلوح.. حسونتي.. عبودي.. وسعيد هو الزوج الذي تضفي عليه المدام اسم دلع وتدليل، فهناك من تنادي زوجها: يا زفت.. يا بعل (وتترك لك وضع نقطة فوق حرف العين!).
واستعيد مداولات المؤتمر التآمري بسبب ما لحق مؤخرا برجل خليجي، حسب أنه ما زال «سي السيد» وطالب زوجته بتنظيف البيت منتقدا إياها لعدم اهتمامها بترتيب الأثاث، و… وعينك ما تشوف إلا النور.. انهالت عليه طعنا بمشط حاد وهي تصيح: متى تموت، وافتك منك يا… و…، وإزاء هذا العدوان الغاشم من نصفه الموصوف زورا وبهتانا بـ«الحلو»، اضطر الزوج إلى الفرار إلى مخفر الشرطة حيث تم عرضه على طبيب لعلاجه من الخدوش والجروح، ووقفت الزوجة أمام القضاء الذي فرض عليها غرامة رمزية (من المرجح أن الزوج هو الذي يتحمل عبء الغرامة).
هييييه، ما دائم إلا الله، خلاص، راحت علينا. وين أيام العز عندما كان الرجل يصدر الأوامر من دون أن يفتح فمه.. وتلبي الزوجة الأوامر من دون أن تفتح فمها! واليوم صارت الزوجة مثل الـ«سي. آي. إيه». الأمريكية: وين رحت؟ ليش جاي متأخر؟ ليش ما غسلت الحمام؟.. ما علاقتك بتنظيم القاعدة؟ لا، شكلك اليوم داعشي. ويحاول الزوج أن يجد الرد المناسب، ولكنه يفاجأ بزجر من شاكلة: بس ولا كلمة.
قبل سنوات، أي في أيام العز، التقت سيدة أمريكية بأخرى بريطانية وثالثة عربية، وحكت الأمريكية كيف أنها اغتاظت من رفض زوجها القيام بأي عمل منزلي، فقررت عدم التحدث معه، وتواصل الأمريكية الحديث: بعد يومين شفته ينظف البيت ويمسح الأرضية ويغسل الأطباق، ويقوم بتشغيل الغسالة وكي الملابس! وقالت البريطانية إنها استاءت من عدم مساهمة زوجها في تصريف الأعمال المنزلية فقررت جمع أشيائها ومغادرة بيت الزوجية، وأضافت: بينما كنت ارتب ملابسي في الحقيبة، شفت زوجي طالع ونازل يرتب البيت ويقطع البصل ومنذ ذلك اليوم وهو على هذا المنوال! والتفتت الأمريكية والبريطانية نحو جليستهما العربية وسألتاها: وأنت كيف حالك مع زوجك؟ هل يساعدك في شؤون البيت، فقالت السيدة العربية: كلا لا يساعدني بأي شكل.. فتضايقت وقلت له: لو ما ساعدتني في شغل البيت فلن أطبخ أو أنظف أو أغسل.. وبعدها «ما شفت» شيء… لأنه ضربني على وجهي.

jafabbas19@gmail.com