حوارات ولقاءات

وزير خارجية السودان يجيب على سؤال..تسريبات ويكيليس هل تعتقدون سيكون لها تأثير على العلاقات مع السعودية ؟


أجرت وكالة السودان للأنباء حواراً مع سعادة البروفيسور إبراهيم غندور وزير الخارجية تطرق خلاله للعديد من المحاور المتعلقة بعلاقات السودان وسياساته الخارجية سواء على المحيط العربي أو الأفريقي أو مع الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية.
فالي مضابط الحوار :
س: وأنتم تتسلمون رئاسة الدبلوماسية السودانية ما هو تقييمكم لعلاقات السودان الخارجية وما هي أولوياتكم العاجلة في هذا الملف؟؟
ج : الأولوية لأي وزارة خارجية إقامة علاقات طبيعية ومتينة مع كل دول العالم ،ولكن لنا في ذلك أولويات .. ستظل أولوياتنا تعزيز العلاقات مع الأشقاء الأفارقة والعرب ، في مقدمة ذلك العلاقات مع دول الجوار ، والدول المؤثرة والتي للسودان معها شراكات كبيرة في منطقة جنوب شرق آسيا وفي مقدمتها الصين ، وروسيا أيضاً ، ونهتم أيضاً بفتح علاقات واسعة وقوية مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوربي.
ولكن نسعى عموماً لعلاقات قوية ومتينة تبنى على الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة وعدم التدخل في الشئون الداخلية للغير مع كل دول العالم المحبة للسلام.
س: وحدة الصف السوداني وتماسك الجبهة الداخلية ، عوامل مؤثرة لها دورها في تمكن الدبلوماسية السودانية من الحراك بفاعلية في المنابر الدولية والإقليمية لإبراز وجه السودان الحقيقي والتصدي للحملات المعادية ؟
ج: وحدة الصف الداخلي تعتبر واحدة من شواغل الحكومات المتعاقبة منذ 30 يونيو وحتى الآن ، ولعلنا إذا رجعنا للوراء نجد أن مؤتمر الحوار حول السلام كان له الأولوية من بين كل مؤتمرات الحوار حتى مبادرة الحوار الوطني القومي الشامل التي أطلقها الرئيس البشير في يناير من العام الماضي 2014م… ، وآخر تأكيدات للسيد الرئيس وهو رمز الدولة وقيادتها أن الحوار يأتي كأولوية قصوى ولابد من التواصل مع جميع السودانيين من أجل الوصول إلى حوار شامل، وبالتالي وحدة الصف مقدمة على غيرها باعتبارها هي السبيل للبناء والتنمية المستدامة والأمن والسلام والرفاه والعيش الكريم لكل السودانيين ، لذلك هذه من الأمور التي تأتي في مقدمة الأولويات ، ولذلك جاء التوجيه بأن نسعى لجميع حملة السلاح من المتمردين وغيرهم والقوى السياسية المعارضة وغيرها والقوى المتحالفة وكل سوداني يريد أن يكون جزءً من هذا الحوار، ولذلك انطلق الحوار المجتمعي كرديف ومكمل للحوار السياسي ليأتي كل ذلك في النهاية ليصب في الحوار الوطني الشامل لتأتي وثيقة سودانية تخاطب كل قضايا السودان وعلى رأسها المرتكزات الأربعة التي طرحها الرئيس الاقتصاد ومعاش الناس ، الأمن والسلام ووحدة الوطن ، قضية الهوية وقضية الممارسة السياسية والحريات والمسؤولية .
حقيقة الحملات المعادية ستظل تتواصل ضد السودان باعتبار أن السودان حاول أن يسير في منحى استقلالية القرار ، نحن شعارنا على الدوام سيظل ” لا كرامة مهدورة ولا سياسة منقوصة ” وإنما نمضي في عزة وكرامة لنبني علاقات وشراكات واسعة وقوية جداً ، في سبيل ذلك سنجد أن هناك من يلفق ومن يحاول أن يكتب تقارير زائفة .
معلوم أن دارفور منذ توقيع اتفاقية الدوحة ظلت تنعم بسلام ويتحسن الوضع فيها يوماً بعد يوم وقد وصل هذا الأمن لقمته ويؤكد ذلك إقامة الانتخابات الأخيرة في كل ولايات دارفور ولأول مرة في تاريخ السودان تجرى في كل الدوائر دون أي حادثة أو شائبة تؤثر على سير هذه الانتخابات ، في الدنيا كلها لا يمكن إجراء الانتخابات في كل أجزاء رقعة جغرافية واحدة إلا إذا كانت تنعم بالأمن والسلام ، هذا ما أكدناه من وثائق ولكن البعض لا يريد أن يرى ضوء الشمس ، وسيتواصل ذلك ولكن بحمد الله أن غالبية دول العالم تعلم هذا الأمر ولذلك نحن نسير في الاتجاه الصحيح .
س: العلاقات السودانية الأمريكية باتت لغزاً محيراً للمزيد من فرض العقوبات على السودان وتجديد وضعه في قائمة الدول الراعية للإرهاب ، هل ترون ان إطار الحوار من خلال المبعوثين الأمريكيين حان الأوان لإطار جديد وفق رؤى وأجندة متفق عليها لبحث الملفات والقضايا الشائكة ؟
ج: إننا نتطلع لإجراء حوار جاد مع الولايات المتحدة الأمريكية يقوم علي إطار فني حول الملفات المعنية للوصول لفهم مشترك. ونعتقد أن الحوار في اطار المبعوث الذي يأتي فرضاً ليقدم “روشتات” لتنفيذها ثم يعود لبلاده ، أثبت فشله وقد أبلغنا ذلك صراحة للمسؤولين الأمريكيين في اطر وأزمنة مختلفة سواء كان في السودان أو في واشنطن . نتمنى أن تتفهم الادارة الأمريكية موقفنا في هذا الأمر . أن السودان دولة محورية ومهمة في هذه المنطقة جغرافياً وبشرياً وسياسياً ومن أكثر الدول أمناً في المنطقة ولها دور اقليمي في المنطقتين العربية والأفريقية ، كما أن الولايات المتحدة دولة كبيرة لها نظرة للأمن والسلام في العالم ، لذلك فإن التعاون بين الجانبين مهم ومطلوب وهذا يحتاج لعلاقات طبيعية ” معربا عن أملبه في علاقات طبيعية بين البلدين من أجل الأمن والسلم في المنطقة ”
نأمل أن يأتي المبعوث الأمريكي في اطار عمل فني وسياسي متكامل ، وهذا ما ننتظره من الجانب الأمريكي واذا حدث يمكن أن نمضي في آفاق الحوار.

س: التقيتم بالقائم بالأعمال الأمريكي وتردد في الإعلام أن المبعوث الأمريكي سيزور السودان خلال الأيام القادمة هل تم بحث موضوع الزيارة ؟
ج: عندما نتحدث عن زيارة المبعوث ، فإنني أكرر ما قلته في السابق وهو أن المبعوث كان يأتي بشخصه فقط لكن ما ننتظره الآن غير ذلك فلنقل أن يأتي ليس كمبعوث فردا وإنما في إطار عمل فني وسياسي متكامل ، نحن ننتظر هذا الفعل من الجانب الأمريكي إذا حدث فنقول إننا يمكن أن نمضي في آفاق الحوار .

س: هل طلب القائم بالأعمال زيارة المبعوث ؟
ج: لم يطلب زيارة المبعوث، هذا الطلب ظل على الطاولة على الدوام وبالتالي أكدنا بأننا نرحب بأي تعاون ولكن يجب أن يأتي في إطار حوار شامل.
س: الوساطة الأفريقية برئاسة أمبيكي كيف تقيمون دورها حتى الآن وهل هناك ترتيبات لاستئنافها ؟
ج: آلية الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى برئاسة أمبيكي رئيس جنوب أفريقيا الأسبق ظلت تؤدي دوراً مهماً جداً كآلية مفوضة من الاتحاد الأفريقي ، واحدة من أهم أعمالها أنها أبعدت الأيادي الأجنبية عن الملف السوداني باعتباره ملفاً أفريقياً .
وأستطيع أن أقول بأن قيادة الآلية تتفهم مجريات الأحداث السياسية السودانية بطريقة أفضل من غيرها .. معروف عن الرئيس أمبيكي والجنرال أبوبكرعبد السلام الرئيس النيجيري الاسبق أنهما يؤمنان بالأفريقانية أي أن القضايا الأفريقية يجب أن تظل وتحل في البيت الأفريقي ، وهذا ما ظل ينادي به السودان ، وقد ظلوا يلعبون دوراً مهماً في هذا الأمر والسودان كحكومة ظل يتعاون معهم على الدوام وسيستمر هذا التعاون .
س: لماذا تصر الدول الغربية والأمم المتحدة على بقاء اليوناميد وما هو موقف الاتحاد الأفريقي من هذه القضية؟
ج: موقف الاتحاد الأفريقي هو أنه مع إستراتيجية الخروج وفقاً لبرتوكول إنشاء اليوناميد نفسها ..و هذا الأمر مضمن في اتفاقية مهام اليوناميد وبالتالي متفقون مع الاتحاد الأفريقي أن على اليوناميد أن تخرج وفقاً لهذه الاتفاقية .. البعض يصر عليها باعتبارها آليات ربما تخدم أغراض البعض في إعطاء صورة ذهنية من أن دارفور لا تعيش سلاماً .
س: كيف تنظرون للواقع العربي الراهن من خلال الأحداث الجارية في بعض الدول العربية ؟

ج: قطعاً الأوضاع في عدد من الدول العربية لا ترضي أي شخص حادب على مصلحة هذه الأمة حتى وإن كان غير عربي .. نحن ننظر بأسى لما يجري في بعض بلداننا مثل العراق واليمن وليبيا وربما غيرها .. نحن نتمنى أن تجلس الدول العربية من أجل الاتفاق على خارطة واضحة للقضاء على التطرف فيها والوصول إلى استقرار .. هنالك دول كانت تعيش رفاه لا تجده دول كثيرة في هذا العالم ، الآن إنسانها أصبح مشرداً يبحث عن لقمة العيش والأمن والسلام ، وبالتالي أوضاع الأمة العربية الآن لا تسر لكن عزاءنا أن التحرك الأخير الذي تم تجاه اليمن وإعادة وتقوية الشرعية ربما يكون إطارا ليمضي به الجميع ، على الأقل أن يبدأ إطارا سياسياً قبل أن يتحول إلى إطار عسكري ليؤكد بأن وحدة الأمة مقدمة على غيرها وأن أمتنا العربية قادرة على تجاوز مصائبها ، لكن عموماً الحال لا يسر .
السودان دوره محوري في هذا الأمر باعتباره دولة مهمة في المنطقة .. دولة تشهد استقراراً أفضل من غيرها .. دور السودان الأخير في عاصفة الحزم أكد بأن دوره محوري ومهم وسيستمر السودان يلعب هذا الدور سياسياً ودبلوماسياً.
س: تعزيز العلاقات لطبيعتها مع دول الخليج وما هو دور الدبلوماسية السودانية في جذب استثمارات عربية ؟
ج: العلاقات السودانية مع دول الخليج العربية لم تتجاوز طبيعتها في يوم من الأيام وتراجُع الاستثمار لا يعني تراجع العلاقات السياسية ، المناخ الاستثماري له تأثير كبير ولعل الآن التنظيم الذي حدث بعد التعديلات الدستورية التي تمت خاصة في مجال الأراضي والتغييرات التي تمت في ولاة الولايات والتعديل الذي تم في وزارة الاستثمار ربما يؤدي إلى جذب استثمارات جديدة رغم أن هناك اجتهادات واضحة قام بها الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل مع دول الخليج ، لكن تمضي هذه الجهود من أجل إعادة السودان لمقدمة الدول الجاذبة للاستثمار .
س: تسريبات وثائق ويكيليس هل تعتقدون انه سيكون لها تأثير على العلاقات مع السعودية ؟
ج: قطعاً لا وأن هذه الوثائق في غالبها مضروبة .
س: الاتحاد الأوربي ظلت مواقفه تجاه السودان سلبية والخارجية رفعت شعار التعامل مع الدول الأوربية على أساس ثنائي ، إلى أي مدى يمكن تحقيق تقدم في ذلك ؟
ج: أولاً الطبيعي أن يتعامل السودان مع الدول المختلفة تعاوناً ثنائياً ، هذا هو الأمر الطبيعي وهذا هو الذي يحدث الآن وعلاقات السودان مع الدول الأوربية تتفاوت ، مع بعضها العلاقات طبيعية ، ومع بعضها شبه طبيعية ، ومع البعض الآخر نستطيع أن نقول ليس على ما يرام …في هذا الأمر هناك مؤثرات مختلفة ، المقاطعة التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية على السودان تؤثر على علاقاته الأوروبية ومع غيرها من الدول .. أما الاتحاد الأوربي ككتلة التعامل معه يتأرجح وفقاً لقضايا يراها الاتحاد الأوروبي قضايا بالنسبة له مهمة نحن نراها قضايا وطنية والتدخل فيها يجب ألا يحدث .. ولكننا نقول بأن تحسين الصورة الذهنية للفاعلين في الاتحاد الأوربي عن السودان يحتاج إلى مزيد من الاختراق وهذا ما حدث في الفترة الأخيرة .. وإن شاء الله يستمر ويتواصل ولن يتوقف حوارنا مع الاتحاد الأوروبي حول هذه القضايا .
س: هل تجاوز السودان بعد اتفاقية السلام الشامل وانفصال الجنوب الآثار السالبة لحرب الجنوب ، وما هو مصير الملفات العالقة خاصة في منطقة أبيي ؟
ج: هناك الكثير من الملفات العالقة مع جنوب السودان ، ويأتي علي رأسها تنفيذ الاتفاقات الموقعة بين الرئيسين في سبتمبر 2012 والمتعلقة بالخط الصفري والحدود الفاصلة وفقاً لحدود 1/1 / 1956 م والمنطقة منزوعة السلاح ، والأمر الثاني دعم الجنوب للحركات المتمردة السودانية بالسلاح وأخرها الاختراق الذي تم في منقة (قوز دنقو) في جنوب دارفور وبالتالي لابد أن يتوقف هذا الدعم .. السودان يتطلع لعلاقات طبيعية مع جنوب السودان ، بل إننا نجعل الجنوب في أولوياتنا باعتبار أننا كنا دولة وشعب واحد ويمكن أن نفيد ونستفيد من بعضنا البعض ، لكن هذا يتطلب إرادة من الجانب الآخر ، هذه الإرادة لازلنا نبحث عنها وسنستمر في هذا البحث .. لكن من أهم الملفات هو تنفيذ الاتفاقات الثنائية وإيقاف دعم الحركات المتمردة السودانية.
السودان جزء من ترويكا إيقاد للوساطة بين الفرقاء في جنوب السودان ، والسودان دعم ويدعم كل الجهود وآخرها زيارة المبعوث الإفريقي الرئيس ألفا عمر كوناري للبلاد … وقد ظل السودان يلعب دوراً ثنائياً من خلال اتصالاته بالطرفين وبالتالي له دور محوري في السلام في الجنوب وسيستمر في هذا الدور … ولكننا نقول لكي يقوى هذا الدور وتتحقق الفائدة المرجوة منه لابد من أن تتحسن العلاقات بين السودان وجنوب السودان وهذه طريقها واحد هو تنفيذ الاتفاقات الموقعة بين الطرفين وإيقاف دعم الحركات السودانية المتمردة.
س: توليتم ملف قطاع الشمال حول المنطقتين والآن في إطار الحوار الوطني هل تتوقعون حدوث اختراق في هذا الملف ؟
ج: أمر مؤسف أن الطرف الآخر بتعنته ومطالبه الغير واقعية التي يصل بعضها لحد الأمنيات وتجاوز الشركاء الآخرين في داخل السودان جعل من أمر الوصول لاتفاق غير ممكن.. نحن نتمنى أن تكون الفترة الماضية قدمت فيها دروسا مفيدة للطرف الآخر وتأكيد على أن السلاح مهما بلغت قوته والدعم الخارجي مهما بلغت ذروته لن يؤدي إلى تحقيق (فلنقل أحلام سياسية) للبعض أو آمال وطموحات للآخرين .. الطريق الوحيد هو الحوار ولذلك تظل دعوتنا أن الحوار الوطني هو السبيل الوحيد للوصول إلى تفاهمات في كيف نريد لهذا الوطن أن يمضي في إطار هيكلية الحكم ، في إطار الممارسة السياسية الراشدة ، في إطار خدمة قضايا الناس في الاقتصاد ومعاشه والخدمات المقدمة إليهم .
هذا لن يحدث إلا إذا انفصم البعض من الأجندات الخارجية .. الحديث في بعض الأحيان عن التهميش والمهمشين ولكن نجد الذين يتحدثون عن ذلك هم الذين يوقفون التنمية ويدمرون المشروعات والبنيات التحتية ، مياه وكهرباء وغيرها ويقتلون نفس الذين يتحدثون عن تهميشهم بدم بارد ولعل آخر ما تم في جنوب كردفان من قتل مصلين أثناء صلاة الصبح في المسجد جريمة ضد الإنسانية يجب أن تدان من كل العالم ولذلك لا زلنا نتطلع إلى أن يرجع البعض إلى صوت العقل .
س: سجل الأفارقة مواقف قوية في الدفاع عن السودان ودعمه كيف تقرأون المواقف الأفريقية ؟
ج: اعتقد أن أفريقيا ظلت هي الظهير وعظم الظهر في قضايا السودان المختلفة وأفريقيا تمثل ما يقارب ثلث العالم من ناحية سياسية وقوة تصويتية وأفريقيا هي القارة الواعدة وهي قارة التحرر القادم من ربقة الاستعمار الحديث ومواقفها الأخيرة مع السودان ، وآخرها ما حدث في جنوب أفريقيا هو موقف أصيل يجعل على السودان مسؤولية كبيرة واستمرار الاهتمام وإعطاء الأولوية لعلاقاته الأفريقية ، وبالتالي لدينا في هذا الأمر جولات قادمة في هذه القارة لتأكيد هذه الأمور .. والسودان يظل جزء أصيلا من محيطه الأفريقي ويظل دولة فاعلة في إطار الاتحاد الأفريقي المنظمة الأم لنا جميعاً.

عبد الله جاد الله / امل محمد الحسن
الخرطوم 10-7-2015م (سونا)