مقالات متنوعة

محمد لطيف : حكمة مشروعية.. شتيمة الأمريكان


لنفترض أن سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالخرطوم.. قد أصدرت بيانا.. أو تعميما.. لمجمل المواطنين الأمريكيين بالسودان.. وما أكثرهم.. تحذرهم فيه تحذيرا شديد اللهجة.. من الاقتراب من شارع النيل.. خاصة في الفترة من رفع آذان المغرب وحتى الشروع في أداء صلاة التراويح.. أو أن السفارة كانت أكثر حذرا وأكثر تشاؤما فقررت أن يمتد تحذيرها هذا قل حتى منتصف الليل.. ثم تضيف السفارة في بيانها أو تعميمها.. حيثيات التحذير قائلة لمواطنيها.. إن سفارتكم مضطرة لاتخاذ هذه التدابير الاحترازية.. بناءً على ملاحظتها اللصيقة ورصدها المستمر.. لتكدس المسلمين في هذه المنطقة في هذه الفترة من شهر رمضان.. ولا شك.. والحديث للسفارة طبعا.. أن كثيرا من المتطرفين والمهووسين سيستغلون فرصة هذا الازدحام.. وسيندسون وسط المسلمين بدعوى تناول إفطار رمضان.. وهذا الوضع يعزز من احتمالات وقوع هجمات إرهابية.. تستهدف المصالح الغربية عموما ومصالح الولايات المتحدة بشكل خاص.. ووفقا لما لدينا من معلومات.. فثمة مجموعات متطرفة ترى في أي مواطن أمريكي هدفا مشروعا يجب النيل منه.. عليه فإن سفارتكم تحذركم من الوجود في الزمان والمكان المحددين أعلاه كما نؤكد أن هواتفنا تستقبل استفساراتكم ..واستغاثاتكم.. حال دعا الأمر..!
السؤال الذي يؤرقني منذ أيام: ماذا كان يمكن أن نكتب في التنديد بهذا البيان الأمريكي.. الذي يستبطن الموقف الأمريكي.. التقليدي.. المعادي للسودان.. حال صدوره بالطبع.. أسوأ مما كتبنا بالفعل خلال الأيام الماضية..؟ فالمدهش أننا قد سودنا الصحائف منددين بموقف أمريكي مغاير تماما لسيناريو البيان أعلاه.. فالسفارة الأمريكية بالخرطوم لم تصدر بيانا أصلا.. لا مع ولا ضد.. ولكنها قدمت عرضا مسرحيا مذهلا.. هذا بافتراض أن إخواننا الذين وصفوا المشهد بالمسرحية مصيبون.. فأمريكا قدمت عرضا مسرحيا مذهلا.. كان مطلوبا منا بذل ملايين الدولارات لتصميم وعرض مشهد يحقق الرسالة التي نقلها وأوصلها المشهد الأمريكي.. ونعني بالطبع مشهد قطع الطريق.. على الطريقة الأمريكية.. لإفطار الصائمين في ذلك اليوم من أيام شهر رمضان المعظم.. فشاءت أمريكا أو لم تشأ فقد كان عنوان تلك المسرحية هو.. الاستقرار في السودان.. والدول عادة ما تبذل الغالي والنفيس في سبيل إقناع الآخرين بأنها دولة مستقرة وآمنة.. وسيظل السودان نموذجا للصرف على إقناع الآخرين بأنه دولة مستقرة.. لكن المصيبة أن وجهة ذلك الصرف دائما ما تكون في الاتجاه الخاطئ.. مما يأتي بنتائج عكسية.. والقصص تترى من لدن جلب.. ناس فرخان.. مرة كإعلاميين.. ثم مرة أخرى.. ذات الوفد.. كرجال أعمال..!
فما بالك إذا حمل عنك هذا العبء آخرون.. ومن هم هؤلاء الآخرون..؟ إنهم ذات من تصرف لتقنعهم بما أقدموا عليهم من تلقاء أنفسهم.. أليس حريا بنا أن نشد على أيديهم ونشكرهم..؟ بل دعك من السياسة.. هل من الدين أن تسيء لمن أحسن إليك..؟ بالطبع لا.. فالواقع الماثل.. أن تلك المجموعة قد وفرت الإفطار لجماعة المسلمين.. وهذا عمل حسن.. ينبغي أن تشكر عليه.. غض النظر عن النوايا.. فنوايا الخلق رصدها وحسابها عند رب الخلق..!
أقول قولي هذا رغم أن أمريكا ترفض إعطائي تأشيرة دخول للأراضي الأمريكية.. وتحظرني من قائمة دعواتها في الأراضي السوانية.. ولكن ما فعلته يومها كان في مصلحة الوطن.. لذا نقول لها أحسنت..!