داليا الياس

“أمانة” عليكم


أستحلفكم بالغوالي.. وأرجوكم بصدق.. (أمانة) عليكم.. أن تشرحوا لي معنى أن تقوم الدنيا ولا تقعد كل حين لأن سودانياً ما يقيم خارج البلاد قد بدت عليه أعراض الأمانة التي يفترض أنها من صميم ديننا الحنيف!!
ولماذا يا سادتي لا تظهر تلك الأعراض إلا على من هم خارج حدود الوطن من أصحاب المهن الهامشية الذين لابد أن ظروفاً معيشية قاهرة هي التي دفعتهم لذلك الاغتراب.. لماذا لا تظهر مثلاً على بعض أصحاب الدعة والعيش الرغيد من مديرين وولاة ووزراء ونواب مجالس ومسؤولين من أصحاب الألقاب الرفيعة المتكلسين على كراسي السلطة وتفوح رائحة الفساد من جنباتهم؟
هل يا ترى أصبح التحلي بالأمانة والعفة فرض كفاية إذا قام به أفراد الشعب سقط عن ولاة الأمر وأصحاب النفوذ والمعالي؟!
والله إنه أمر يندي له الجبين أن تصبح أمانة المرء وخلقة القويم أمراً يستحق التكريم وتتداولة وسائل الإعلام والوسائط الإلكترونية وكأنه حدث جلل نادر الحدوث!!
وبينما يحتفي العالم بالعباقرة والمخترعين والعلماء وكل من يساهم في خدمة الإنسانية بإيجابية.. نقيم نحن الاحتفالات المتوالية فقط لإنسان التزم بتعاليم الدين وكان أميناً مخلصاً!! وكنت قد شهدت أكثر من حفل تكريم للراعي الأمين صاحب القصة الشهيرة الذي رفض بيع (نعجة)، وأحسب أنني لمحت الدهشة والعجب في عينيه كونه لم يخطر بباله يوماً أن كل هذا سيكون مقابل (نعجة).. والشاهد أننا بذلك قد شوهنا البراءة والفطرة التي دفعته لذلك، وفرضنا عليه واقعاً لا طاقة به، وأقحمناه في برتكولات لا يطيقها، ويبدو ذلك جلياً في حيرته وتلعثمه، كلما نادوا عليه لإلقاء كلماته على المنابر!!
فيا لهذا الزمن العجيب الذي يحول الرجل البسيط الأمين إلى خطيب على المنابر بكل ما أصبح يشوبها من نفاق ووعود زائفة وتصريحات براقة!!
فهل تمعنتم لمآلات الأمانة على أيامنا هذه؟! لقد أصبحت من الندرة بمكان يستدعي التكريم.. كيف لا ومعظمنا لم يعد أميناً على مال أو عرض!! لا واعز يردعنا ولا ضمير يناوشنا ولا أخلاق تمنعنا ولا إنسانية تحرضنا على خير البلاد والعباد!! ولأن الأمانة لا تقتصر على المال والحلال وحدهما.. لهذا أرى أنه من واجبنا أن نحتفي بكل من نكتشف أنه أمين على عواطفنا ومشاعرنا في كل العلاقات.. وعلى أبنائنا في المدارس.. وعلى سياراتنا في المناطق الصناعية.. وعلى أرواحنا في المستشفيات.. وعلى بيوتنا تحت التشييد.. وعلى واقعنا الاقتصادي والسياسي.. وعلى سمعتنا بالداخل والخارج تماماً كما فعل السودانيان الأمينان لهما الشكر الجزيل !!
*تلويح:
خليك (أمين) في العشرة لي آخر مدى!


تعليق واحد

  1. استعراض الحنه و التوب لا يليق بالكتابات الصحفيه كبروا عقولكم يا حريم