منوعات

جرسة رمضانية.. انقطاع التيار ينعش سياحة المراكب.. فرج الرواسة


احتجاج غاية في الدلالة والرمزية مارسه مواطنون داخل ولاية الخرطوم خلال الأيام الماضية، تمثل في لجوئهم لمراكز توزيع الكهرباء، ليس لغرض شراء الكهرباء الغائبة عن منازلهم، بل للنوم داخل المباني المكيفة. حدث هذا ولأول مرة بعد التذبذب الذي تكرر في الأيام الماضية، وظل يؤدي لانقطاع التيار الكهربائي في الأحياء لساعات تتجاوز في بعض الأحيان الـ (12) ساعة رغم ارتفاع درجة الحرارة في شهر رمضان في العام. بما أن مباني شركة توزيع الكهرباء لا توجد في جميع أحياء الخرطوم، لجأ المواطنون لسُبل أخرى تجنبهم لظى الحر وهجير شهر سخانة شهر رمضان. ووفقاً لقاعدة (مصائب قوم عند قوة فوائد) كان السبيل الوحيد المتاح هو هدوء النيل، مما أدى لإنعاش حركة المراكب التي كان أصحابها يبحثون عن زبونة بالصدفة.
البديل الواجد
قبل إنشاء الكبري الذي ربط بين جزيرة توتي والخرطوم لم يكن أحد يهتم بالسياحة عبر المراكب في عرض المياه بحسب (النور آدم أبكر) الذي يعمل سائقاً لأحد المراكب التي يستخدمها الجمهور في رحلات على مياه النيل، حيث قال “المواطنين كانوا يكتفون باستغلال مراكب توتي التي كانت تستخدم كمواعين للنقل بين ضفتي النيل الأزرق”. ولكن بعد اكتمال الكبري وانطلاق عمل المواصلات بين توتي والخرطوم كان لابد من إيجاد فرصة عمل جديدة يقتات منها عشرات السائقين والمساعدية الذين كانوا يعملون في المراكب وتوقفت بسبب افتتاح الكبري، ولهذا جاء فكرة ابتداع السياحة على عرض مياه النيل بعدد قليل من المراكب التي كانت تعمل في نقل الركاب وبعد فترة لم تطول كثيراً، استهوت الفكرة المواطنين الذين اكتشفوا سحر النيل وجمال المياه وروعة الإبحار عبر المراكب الصغيرة لأنها تتيح مساحة أوسع من المتعة و(الفرجة) على المناظر النيلية، فأقبلوا بأعداد كبيرة على التنزه بهذه المواعين النيلية الجديدة، وهذا بدوره أدى إلى رفع عدد المراكب من ثلاثة إلى تسعة خلال عام واحد، ويتضاعف العدد أكثر من مرة خلال شهر رمضان.
إبحار الجنس الناعم!!
والمثير في الأمر كما وصفه (النور) أن الرحلات النيلية التي كان في بادئ أمرها يقوم بها الشباب وتطورت ليشترك فيها الجنسان، اتجهت إلى منحنى آخر، في شهر رمضان، حيث أصبحن الفتيات يقمن بها لوحدهن دون أن يسمحن للرجال بمشاركتهن. وأضاف: صارت النساء يقمن بتأجير المراكب لعدد من الساعات المتواصلة، وهذا ما يفضله أصحاب المراكب، لأن النساء يدفعن أفضل من الرجال لأصحاب المراكب وهن في غاية السرور. وأرجع: إقبال النساء على الخروج لوحدهن للنيل في أيام شهر رمضان يرجع لعدة أسباب أهمها قلة المبلغ الذي تستأجر به المركب. وعدَّ (النور آدم) أن التدهور المريع في التيار الكهربائي خلال الفترة الماضية ساهم بفعالية في إنعاش حركة الرحلات النيلية، ومنح المواطنين فرصة كبيرة للوقوف على جمال النيل، خاصة ملتقى النيلين، وهي المنطقة التي يلتقي عندها النيلان الأبيض والأزرق، باعتبارها من أجمل المناطق في العالم، وأن الكثير من الناس يأتون من بلدان بعيدة لزيارتها.
جولات مكوكية
لم يكتف الذين يضربون عرض النيل بسبب هروبهم من الحر جراء انقطاع التيار الكهربائي بـ (الفرجة) والعودة مجدداً للرصيف، بل درج بعضهم على القيام بجولات مكوكية لمسافات بعيدة على النيل، بحسب (محمد مصطفى محمد)، وهو يعمل مساعداً للنور آدم، فأوضح أن هنالك أناساً همهم التعرف على مناطق محددة على مجرى النيل، فمثلاً بعضهم يريد أن يشاهد جزيرة توتي من الناحية الشمالية، وآخرون يريدون الوقوف على ملتقى النيلين وبعضهم يريد قطع المسافة ما بين كبري توتي وكبري المك نمر. وهكذا يقضي المتنزهون يومهم في الجولات المكوكية قبل أن يعودوا في المساء. أما الأجانب فيقضون أوقاتاً أطول داخل النيل، لأنهم ينشغلون بالتقاط الصور التذكارية داخل النيل، وكذلك يمعنون في مشاهدة المدن الثلاث التي تطل عليه بحري والخرطوم وأم درمان.
جرأة مفاجئة
بما أن الناس في الأوقات العادية يقضون الساعات الطوال داخل النيل، فإنهم في شهر رمضان ظلوا يقضون اليوم كله، خاصة في ظل انقطاع شبه عامة للكهرباء في جميع الأحياء، لا يهاب أحدهم خطر المياه رغم ارتفاع منسوب المياه في بعض المواقع، ولكن رغم هذا تجدهم – على حد قول (النور آدم) – يقبلون باستمرار ولا يتردد أحدهم في الدخول إليه بكل جرأة مستخدمين المراكب التي بلغت المنافسة عليها ذروتها، مما جعل حجزها يتم بالتلفون كما أفاد (النور). وأضاف: الزبائن يقومون بالحجز مسبقا، ولهذا تبدأ المنافسة مع الذين يأتون صدفة ويريدون أخذ المركب بأي سعر حتى لو كان محجوزاً لغيرهم. ويختم النور بأن هنالك موضة جديدة، وهي عملية الإفطار في المركب في عرض النيل، حيث أصبح بعض الشباب أو الأسر يقومون باستئجار المركب قبل الإفطار لغرض أن يفطروا أثناء الرحلة في النيل، ويعودوا بعد المغرب للشاطئ

اليوم التالي