عالمية

السعودية: إذا أثارت إيران الاضطرابات والقلاقل في المنطقة فسنواجهها “بحزم”


بعد أكثر من 12 عاماً من العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، و21 شهراً من المفاوضات، والتكهنات والترقب، توصلت إيران والدول الست الكبرى رسميا إلى اتفاق بشأن الملف النووي الإيراني في فيينا قبل عدة أيام، وينهي هذا الاتفاق مفاوضات (مجموعة بي 5 1) وإيران التي بدأت منذ 2006م.

لكن السؤال: ماذا يعني هذا الاتفاق النووي المهم للسعودية ودول الخليج؟ وما انعكاساته على المنطقة؟ وما أبرز تداعياته السياسية والاقتصادية؟

مصدر مسؤول سعودي
يقول مصدر سعودي مسؤول معلقاً على الاتفاق النووي بين إيران والدول الست الكبرى إن السعودية كانت دائماً مع أهمية وجود اتفاق حيال برنامج إيران النووي، ويضمن منع إيران من الحصول على السلاح النووي بأي شكل من الأشكال، ويشتمل في الوقت ذاته على آلية تفتيش محددة وصارمة ودائمة لكل المواقع، بما فيها المواقع العسكرية، مع وجود آلية لإعادة فرض العقوبات على نحو سريع وفعال في حالة انتهاك إيران للاتفاق.

مؤكداً أن السعودية تشارك دول 5 1 والمجتمع الدولي باستمرار العقوبات المفروضة على إيران بسبب دعمها للإرهاب، وانتهاكها للاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بالتسليح.

مضيفاً أنه في ظل اتفاقية البرنامج النووي فإن على إيران أن تستغل مواردها في خدمة تنميتها الداخلية وتحسين أوضاع الشعب الإيراني عوضاً عن استخدامها في إثارة الاضطرابات والقلاقل في المنطقة؛ الأمر الذي سيواجه بردود فعل حازمة من دول المنطقة.

موضحاً أن إيران باعتبارها دولة جوار فإن السعودية تتطلع إلى بناء أفضل العلاقات معها في المجالات كافة، المبنية على مبدأ حسن الجوار، وعدم التدخل في شؤون الآخرين.

تقليص النشاطات النووية
ومن أهم بنود الاتفاق النووي تقليص النشاطات النووية الإيرانية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة عليها مما سيمنح الاقتصاد الإيراني دفعة قوية حيث سيحرر مئات المليارات من الدولارات التي كانت مجمدة في البنوك الغربية، والتي يتخوف كثير من المتابعين من أن هذه الأموال قد تتجه لتغذي ماكينة الإرهاب، وتوسعها وعدوانها في عموم الشرق الأوسط والعالم. وفي المقابل يلزم الاتفاق إيران برفع ثلثي أجهزة الطرد المركزي التي نصبت في إيران وخزنها تحت إشراف دولي مما يعني التخلص من 98٪ من اليورانيوم المخصب لديها. وقبولها عودة العقوبات سريعا إذا حدث أي خرق للاتفاق مع إعطاء وكالة الطاقة الذرية الدولية مدخلا بشكل دائم لتفتيش المواقع أينما وحيثما كان ذلك ضروريا. وتعاد العقوبات خلال فترة 65 يوما عند حدوث أي خرق للاتفاق مع استمرار الحظر على توريد الأسلحة لإيران لمدة خمس سنوات، واستمرار الحظر على الصواريخ لمدة ثماني سنوات بعد الاتفاق، مع السماح لإيران بمواصلة عمليات التخصيب بكميات محدودة لا تسمح بتراكم اليورانيوم المخصب لديها. أما أهم النقاط فهي إلغاء العقوبات الاقتصادية، والمالية، والنفطية، وتلك المفروضة على الطيران المدني، والسماح لإيران بتصدير منتجات نووية كاليورانيوم المخصب والماء الثقيل، ورفع الحجز عن عشرات المليارات من الأرصدة الإيرانية في البنوك الأجنبية.

المستفيد الأكبر
وتعد إيران المستفيد الأكبر حيث يعني ذلك عودتها لاستعادة قوتها في سوق النفط العالمية من العام المقبل. وعودة الشركات الدولية للاستثمار، وضخ المشاريع في الاقتصاد الإيراني. كما يقول الدكتور يسري أبو شادي، كبير خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

١٥ ملياراً من العملة الصعبة
أما الأستاذ محمد عباس ناجي باحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بمركز الأهرام​، فيقول​: الاتفاق النووي الأخير الذي وقع بين إيران والدول الخمس دائمة العضوية في الأمم المتحدة، يساعد إيران علي الاحتفاظ ببرنامجها النووي بمكوناته الأساسية مع العمل علي إيجاد بعض الآليات لضبط هذا البرنامج، ووقف أي تطور فيه يمكن إيران من امتلاك السلاح النووي. وبموجب الاتفاق فإن لإيران حرية الوصول إلى 15 ملياراً من العملة الصعبة، وتبادل الذهب، والمعادن النفيسة، وهو ما دفع قطاعات اقتصادية وتجارية في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة للترويج لبرامج استثمارية في قطاعات السيارات والنقل الإيرانية.

خفض أسعار النفط
ومن المتوقع أن يتسبب رفع الحظر عن النفط الإيراني الذي تم فرضه في منتصف عام 2012م من قبل الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي إلى إحداث ضغوط تنازلية على الأسعار، والسبب في ذلك لا يكمن في أن النفط الإيراني سيعود للتدفق بشكل كبير خلال أسبوع أو حتى شهر، إنما يكمن في معنويات السوق وأن الاتفاق دليل على زيادة الإمدادات في سوق متشبعة في الأساس، على حد وصف عدد من الاقتصاديين.

​تعزيز موقف طهران السياسي
وسياسيا سيفتح الاتفاق النووي الإيراني الغربي – وفق ما يراه المتابعون- التداعيات الاستراتيجية لتعزيز علاقات إيران مع الغرب، وأمريكا تحديدا بصورة يمكن أن تؤثر سلبا على الأوضاع السياسية في المنطقة العربية، والقضايا المثارة بداخله. وهو ما تخشاه السعودية أن يؤدي الاتفاق إلى إنهاء عزلة إيران، وتحرير اقتصادها من العقوبات مما سيمنح طهران قوة إضافية لموقفها في ​المنطقة، و​الشرق الأوسط.

سبق