رأي ومقالات

شادن فتح جديد في خارطة الأغنية السودانية


قادتني الصدفة يوم السبت ثاني أيام العيد عندما فتحت التلفاز مباشرة على تلفزيون السودان، مرت سنوات عديدة لم أشاهد هذه المحطة الطاردة، فجأة ومع الضغط على الريموت للبحث عن محطة اخرى، وبعد تغيير المحطة، استدركت ما التقتطته اذني من ايقاع شجي، غالبتني نفسي بين العودة الى الشاشة المهجورة وبين المتابعة في القناة الإخبارية التي اشبع بها رغبتي واضع بها نفسي في صورة الأحداث، غالبت نفسي بين المتابعة والعودة، فكان الفضول كان أقوى فعدت.

فرقة موسيقية تقدم موسيقى حديثة بايقاع البقارة، مزيج من الآلات الموسيقية الحديثة كاروع ما يكون، وبعد ثوان تتغنى الفنانة الرائعة ‫‏شادن‬ بكلمات حنينة تدلف مباشرة الى الوجدان.
استمعت الى شادن في اوقات سابقة، لكن ليس بهذا التركيز، لذلك ﻻ اعتبر نفسي سمعتها قبل اليوم، هذه التجربة المتفردة بمثابة فتح جديد في خارطة الأغنية السودانية.
تمكنت هذه الفنانة الشابة من تقديم القديم غير المكتشف بشكل جديد ورائع، ومزجت الإيقاع المحلي مع موسيقى الآلات الحديثة، فاخرجت غناءا راقيا الى المستمع السوداني.
ليس غناءا فحسب، فقد كان البرنامج كله عن ‫‏كردفان‬، وحظي ان أحضر جزء من إعادة السهرة المميزة، شادن في حديثها عرضت بلباقة العارفين مشروع فني متكامل لم نرى منه اﻻ بدايته، واعتقد ان التجربة جديرة بالاهتمام والمتابعة.
قبل سنوات، حدثني ابن عمي عاصم عبدالكريم عن شادن ومشروعها الفني الذي تنبأ له وقتها بالنجاح، لكنني لم اتوقف كثيراً عندها في ذلك الوقت، كنت اظنها مثل كثيرين حاولوا تقديم هذه الايقاعات ولم يفلحوا، كثيرون ظهروا وغابوا ولم يبقى لهم اثر حتى.
اليوم استحضرت حديث عاصم عن هذه الشابة، واستحضرت مع عدد من الكتابات والأحاديث، ادركت تماماً بعدها ان من راي ليس كمن سمع.
شادن غنت اليوم فاطربت، تحدثت فاقنعت، ﻻ اقول تستحق شرف تقديم هذا التراث، فهي انتزعت بوعيها هذا المشروع، فهنيئا لها به، ونحن على الوعد والرهان.

خروج مثل هذه الثقافات، بلهجتها المحلية كما فعلت شادن، هو ما نحتاجه الآن لبناء هوية السودان، لدينا الكثير غير المكتشف في الشرق والغرب.. الشمال والجنوب، جمع كل هذا الإبداع وتقديمه في باقة واحدة هو بالضبط ما نحتاجه اليوم.

الوطن المنهك، في حاجة الى توحيد هويته اوﻻ، فليس من المنطق ان نتحدث عن وطن ﻻ يعترف ابناءه ببعضهم، لذلك اعتقد ان البداية من الهوية ستكون الطريق الاقصر الى الهدف المنشود. كونوا جميعاً مثل شادن، قدموا لنا اشياءنا المحلية بالطريقة الحديثة لنتعرف على بعضنا.

إلى شادن
انت فنانة حقيقية.
ليس من اي باب هذا الحديث سوى الحرص على استمرار المشروع الفني الناجح، انصحك بالابتعاد عن الحديث السياسي المباشر، ففي آخر الحلقة مجدتي الوالي أحمد هارون كما مجدت الخنساء شقيقها صخر، وهذا ما سيجعل الناس ينفضون من حولك، الفنان يجب ان يراعي توجهات الجمهور المختلفة. كوني بعيدة من السياسة حتى ﻻ ينمطك الجمهور على انك “مؤتمر وطني” او غيره. كوني فنانة للجميع.

بقلم: حافظ أنقابو


تعليق واحد