رأي ومقالات

جلابية العيد


ما ان بدأ شهر رمضان في حزم حقائبه مغادرا ..حتى امتلات الأسافير بقصص السفر لقضاء العيد مع الاهل …قد وجد كل اناس وجهتهم …واذا بنفسي وحيدة ..أستمع الى أغنية الراحل مصطفى سيد احمد.. (كنت براي ..وجاني حنين الكون اتكوم )…جاني حنين الكون اتكوم الى عطبرة ..تلك البقعة الصغيرة في الخريطة …قلت ما الذي يمنعني من حزم حقائبي والاتجاه شمالا؟؟ ..اشياء كثيرة ..ومشاغل عدة ..ولكني سألت نفسي قائلة هب انني استطعت السفر عبر المكان ..هل من الة للزمن تاخذني الى هناك؟؟ الى زمن مضى ..لكنه يتراءى لي كما الامس ؟؟…الى عيد بعينه …كان يوم الوقفة فيه حافلا ..مليئا باعمال عدة ..اذ انه ورغم بدء نظافة العيد منذ بداية الاسبوع الاخيرلرمضان .. لابد من هبوب الاتربة (يوم الوقفة) ..شئ لا اجد له تفسيرا من قبل ناس الارصاد ..ولكن تلك الاتربة كانت تحمل لنا (الاكيدة) بان العيد بكرة وانه (ثبت شرعا )…لا ادري لماذا كانت والدتي رحمة الله عليها تصر عندما نبلغ سن محددة ..على ان نرتدي صباح العيد جلباب كان يدعى في ذلك الزمن (جلابية الرجال) ليس لي تفسير للاسم ايضا ..ربما لانه كان واسعا ..طويلا حتى القدمين ..قماشه زاهي وذو الوان عديدة ..تخيطه جارتنا بحرفية عالية وتزينه ب(قيطان ملون )..ارتداء ذلك الجلباب صباح العيد يعني انني كبرت على لبسة العيد الصباحية (بتاعة البنات الصغار )…وانه تمت ترقيتي الى (حمل الشيالة) والقيام بواجب الضيافة تجاه المهنئين بالعيد الذين يأتون زرافات ووحدانا لتحية جدتي رحمة الله عليها…كنت اقفز سعيدة بتلك الجلابية رغم انها كانت طويلة ..فقد كنت دائما مخيبة لامال الخياطات ..ولكن ذلك لم يمنع فراشات الفرح من ان تدغدغ اعلى معدتي وتجعلني على اهبة الاستعداد لتقديم الحلاوة والخبيز …(يا بت جيبي الشيالة ) ..اسرع الخطى وانا اتعثر في اطراف الجلابية واكاد انكفئ على قدمي ..ولكن ذلك لم يثنيني عن القيام بالمهمة العظيمة ..فقد ان الاوان لاخرج للأضواء … ذلك زمن قد ولى لم يكن احد يفتقدني فيه… كانت افواج المهنئين تأتى وتخرج دون ان يلتفت احد الى يدي الممدودة ..كنت اصغر اخواتي ..واقصرهن ..واقلهن لفتا للانظار ..ولذلك عزمت ان اقدم نفسي للعالم في ذلك العيد بالاداء الجيد للمهمة الموكولة الي …الا و هي حمل ( الشيالة) الذي لابد ان يكون بطريقة محددة ..(قدميها باليمين ..عارفة لو لقيتك مديتي يدك الاشولنجية دي ..ارجي الراجيك )..ملوحة باصبعها في الهواء ..وعيناها تشتعلان تهديدا .. ..أطاطأ رأسئ (منقنقة) …سامية اختى كانت ذلك (الصول ) الذي نخشاه في البيت …(ناهد ..عيدي المسح بتاع البرندة .. نادية ..ما تعملي فيها نايمة قومي غسلي عدتك)..وتتفرغ هي طبعا للاهتمام بنفسها وعمل (الرول ) في شعرها …ربما لذلك حلمت كثيرا ان اكبر …ويصير عمري 25 عاما (لا ادري لماذا هذا الرقم ) ولكني كنت اعتقد انني ساكون طويلة ولن اتعثر بجلابية العيد …وكذلك سأجد من اصرخ فيه ..ويأتمر بامري صاغرا…(يا بت جيبي الشيالة )…أفرح بالنداء واجري لتلبيته ..امد يدي اليسرى ..واسارع للتبديل باليمنى ..يختلط الامر على صديق والدي ..ثم يضحك قائلا (كل سنة وانت طيبة يا نادية ) ..يملؤني الغيظ ..(انا ما نااااادية …انا نااااااهد)…يهز راسه (بالله ؟ والله ما كنت عارف حاج قرناص عنده بت اسمها ناهد؟)…ايه ..دنيا…وووو(كنت براي وجاني حنين الكون اتكوم ..واتمنيت لو كنت معاي ) ….كل عام وانتم بألف خير

د. ناهد قرناص