فدوى موسى

قوموا لفوا كدا!


[JUSTIFY]
قوموا لفوا كدا!

(عبدو) هذه الأيام يتأمل في الأحوال من حوله بعين المتبحر المتدبر.. يتخذ موضعاً في تلة قصية تنفرج منها الزوايا لأكبر مساحات الرؤية.. ينظرهم في غدوهم ورواحهم متعمقاً في سبر الأغوار.. يقول لنفسه «هذا أحسنهم هذا موسى ثم يكتشف أنه فرعون».. ينظر لتلك «يقول هذه الست فيجد أنها مجرد خواء».. ويدخل في سكرة الزهد والدروشة ويزيد من معدل طلوعه لتلة.. استرقاقاً وإرهافاً.. ثم يغمّض، يصمت وتصم آذانه.. (عبدو) المهموم أصلاً بالمسيرة البشرية كأنه يريد أن يكون «قائداً أممياً» تتلبسه هذه الأيام أدواء البعض من أسفاف التربص والاستهداف.. بدأ يحس أن هناك من يريد منافسته في الطلوع للتلة وربما لسرقة زاويته الممتدة، من الحادة للمنفرجة، للعمودية إلى المستقيمة.. وبدأ يبحث عن الظل الذي هُيأ له أنه رأه.. ويرهف للصوت الذي تخيل أنه سمعه.. وتكبر في رأسه فكرة المؤامرة والاستهداف فيبحث عن الصوت والصورة ليجدها لثورين يبحثان عن قطيع تركهما منعزلين وحيدين.. فلا يجد إلا أن يقول لهما ضاحكاً «وجعتوا قلبي» ويأخذ عصا وحجارة قائلاً بأعلى صوته قوموا لفوا كدا يا بقر يا وهم.

٭ غلطة الشاطر.

(عبدو) يعتقد أنه شاطر.. لذلك عندما يقوم بأي خطأ بقصد أو بلا قصد يفسره على أنه غلطة الشاطر.. ولاعتقاده أن الشاطر دائماً مميز، يظن أنه حتى خطأه ضرباً من ضروب التميز والفلاحة.. أوكلوا إليه في الحي مهمة «استنهاض شباب الحي من أجل الألفية ونقل النفايات».. في كل الأكياس السوداء كسواد قلب البعض الذين يتربصون بمشروعه الحديث لجعل الحي خالياً من الأوساخ تحت شعار (الحي والنظافة الإليكترونية).. الإستراتيجية الربع قرنية لجعل الحي أنظف أحياء المدينة.. دفع بعدة حزم وتراتيب لاستخلاص المفاهيم المبدئية في طور الانطلاقة الكبرى لتحقيق روح العولمة والنظرية الكونية في ملامح العصر المنفجر بالآلية المعلوماتية والاستخباراتية، واضعاً في أجندة «النظافة» استخدام مستحدثات نظم المعلومات الجغرافية لالتقاط الأوساخ حتى ولو على سطح القمر.. توسعت الرؤية عنده للفقر فوق حواجز الاختلاف.. عبوراً لما يجمع ويؤلف قلوب أهل الحي دون النظر للاختلافات الجوهرية في المفاهيم والمعتقدات وما يفرق.. وإمعاناً في تأطير كل أهل الحي «لواءاً جامعاً» شريطة أن يكون هناك هامش للمناورة والتكتيكات المقبولة في حدود أن لا يتعدى دورهم الخطوط الحمراء «للعدو المحتمل» الذي يظل طول عمره محتملاً دون الانتقال من خانة الاحتمال هذه.. ويبدو أن غلطة الشاطر كانت في نظرية الاحتمال هذه.

آخر الكلام:

يظل التأمل والركون للحكمة نوعاً من التقنيات الإنسانية في المسيرة البشرية «القاصدة» إلى أن يقع المقدور ما بين الصحيح وغلط «الشطار» وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح.

[/JUSTIFY]
[LEFT]مع محبتي للجميع[/LEFT]

سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]