هيثم كابو

هيثم كابو يكتب بعد نجاته من موت محقق 2-2


الحديث ذو (سجون) والعفو عند (المقبرة)!!

إفادات الجاني في التحري.. غياب المعلومة.. وقصة الزيارة المزعومة!

(1)

وقفة أولى..!

* قلنا في الجزء الأول من هذا المقال على خلفية محاولة الاغتيال التي تعرضنا إليها قبل أسبوعين بخيمة الصحافيين بفندق القراند هوليداي فيلا إن التساؤلات تتقافز تباعاً بعد تلك الحادثة الغريبة والاستفهامات تتسابق للتمدد على الورق:

يا ترى لماذا أقدم الجاني على ارتكاب جريمة شنيعة كهذه؟.. هل ثمة جهة تحركه أو شخص ما يقف خلفه، خاصة وأن سرعة تحرك الأصدقاء الذين كانوا بالخارج في القبض عليه لم تمنحه فرصة الهرب رغم وجود بعض الأشخاص الذين طلبوا – بلا خجل – تركه يذهب لحال سبيله بحجة أنه ليس في كامل قواه العقلية وكأنهم يريدون للحادثة أن تدون ضد مجهول مثلما يحدث في معظم جرائم الغدر التي تطال الصحافيين؟.. وكيف لمختل عقلياً أن يترصد شخصاً بعينه من بين أكثر من مائتي شخص معظمهم من الصحافيين، ويسعى للغدر به وتوجيه ضربتين قاتلتين له، وألا يعتبر هذا (الاختيار المحسوب بدقة) نوعاً من (العقلنة)، فلو كان المعتدي يرمي كل من يقابله بالحجارة فلو زُهِقت روح أحدنا على يده لما تردد أولياء الدم في العفو مشفوعاً بالدعاء له أن يمن المولى سبحانه وتعالى عليه بنعمة الشفاء؟.. وهل تهجم الجاني على صحيفة (الرأي العام) من قبل ست سنوات بسكين وتهديده للأستاذ يحيى فضل الله بالقتل يمنحه حق أن يفعل ما يشاء دون أن يجد رادعا ليروج البعض بأن هذا الشاب (مجنون يستهدف فقط الصحافيين) وكأنما الجنون قد بات يُقسَّم حسب المهن والوظائف، متجاوزين حقيقة أن شخصاً كهذا يمكن له أن يستغل (سابق سمعته الجنونية) إن كانت لا تزال سارية المفعول في الوصول لأهداف يتم تحديدها والتخطيط لها بوعي وذكاء لا يملكه كثير من العقلاء، بالإضافة إلى أن بعض من يعرفون الجاني وسبق لهم أن جلسوا معه لفترات طويلة وناقشوه في مواضيع شتى لم يستبعدوا إمكانية استخدامه لتنفيذ أي مخطط مهما كان نوعه، ومدى الجرم الذي سيرتكب فيه..

(2)

طوفان الأسئلة!!

* أسئلة بديهية كثيرة تبحث عن إجابات تضمد علامات استفهامها يأتي على صدر قائمتها:

هل المريض نفسياً هو من يقول لحظة دخوله لقسم الشرطة إنه (مجنون رسمي) ولديه ملف بمستشفى عبد العال الإدريسي ويطالب بأن يتم تحويله للمستشفى قبل التحري معه؟.. وألا يمثل هذا التصرف (منتهى العقلانية) لجانٍ تم القبض عليه بعد ارتكاب جريمته فبدأ في التفكير بوعي تام في (طريقة مخارجة عاجلة)؟.. وهل تم إجراء كشف طبي للجاني من قبل (كونسلتو متخصص) عقب ارتكابه لجريمته للتبين هل كان وقتها في كامل وعيه أم لا؟.. وكيف يتم تحديد (نسبة الوعي) من عدمها في ظل وجود تباين علمي في وصف الأمراض – يختلف باختلافها تحمل المسؤوليات – فهناك (الجنون الكامل) و(الجنون المؤقت) و(انفصام الشخصية)؟.. وإذا سلمنا جدلاً بأن الجاني (معتوه) رغم عدم منطقية ذاك الوصف في ظل معطيات الحالة التي أمامنا فكيف خرج من المستشفى بعد بلاغه الأول، ومن يتحمل مسؤولية الجرائم التي ظل يرتكبها باستمرار وكل أهدافها (أسماء صحافية) تفرق دم الترصد لها ما بين السؤال المتكرر والملاحقة تارة، والوعيد والتهديد تارة أخرى فلم يسلم منه الأعزاء مزمل أبو القاسم وضياء الدين بلال والهندي عز الدين وآخرون لم يكشف عن أسمائهم بعد وربما ينتظر فقط اللحظة المناسبة للانقضاض عليهم؟ وإن كان الجاني (مجنوناً كما يقول عن نفسه مع أن الكشف الطبي لم يقل ذلك حتى الآن) فيا ترى أين العقلاء الذين يهمهم أمره، فهل يعقل أن يمر حوالي أسبوعين ولا يأتي شخص من أهل الجاني أو أصدقائه ليتابع إجراءات حبسه ويشرع في استخراج ضمانة له، أو يزور المجني عليه للاعتذار والتخفيف عنه وشرح حالة الجاني المرضية أملاً في الخروج من عنده بعفو أو تفهم على أسوأ الفروض؟

(3)

كلكم على (مرمى حجر)!!

* تبقى مثل هذه الحوادث المريبة التي تخرج للناس ملفحة بثوب الغرابة نواة لظاهرة قد تطفو على السطح قريباً، فالتساهل فيها يُغري منفذيها بالتمادي، ويفتح شهية المخططين لها – عندما تكون مدبرة – للمضي فيها قُدماً، ومن يراها الآن بعيدة عنه مهما كانت مهنته أو طبيعة عمله ونشاطه سياسياً ورياضياً أو إعلامياً أو فنياً فإنها غداً – وفقاً لأي اختلافات في وجهات نظر – قد يجدها على (مرمى حجر) منه.

(4)

غرابة إفادات الجاني!

* كثيرون يتساءلون عن دوافع الجاني، وسر ارتكابه لهذه الجريمة البشعة، وتقديرنا في المرحلة الحالية للتحريات يجعلنا نمسك عن التعليق إلى حين، ولكن الغريب حقاً أن الإفادة الرسمية التي سجلها الجاني للشرطة مبرراً بها فعلته النكراء كما علمت من الفريق محمد أحمد علي مير شرطة ولاية الخرطوم عندما زارني مشكوراً بالمستشفى أن المعتدي عزا سبب محاولة القتل لحادثة (استفزاز قديم)، زعم فيها أنه جاءني بمكتبي بصحيفة (اليوم التالي) حاملاً مقالاً، وطلب مني نشره في (الملف الثقافي) الذي أشرف عليه – على حسب ادعائه – وما كان مني سوى اضطهاده وطرده بطريقة مذلة (!!!!).

بالضرورة أن قارئ (اليوم التالي) المتابع لكل ما ينشر فيها يعلم جيداً أن سياستها التحريرية خرجت للناس مبنية على الاختلاف، فلا توجد بالصحيفة (ملفات ثقافية وفنية) تتمدد في عدد من الصفحات في أيام معينة حتى أكون مشرفاً عليها أو مساهماً بالكتابة فيها، ففلسفة تحرير الصحيفة تقوم على (لا مركزية) المواد، وبالإمكان أن تجد المادة الفنية (فيتشر) بالصفحة الأولى، والمادة الثقافية في تقرير بالصفحة الخامسة، فالصحيفة تعتمد على التنويع كنهج عام بينما يتم إفراد المساحات للمواد المختلفة على امتداد الصفحات حسب أهميتها لا نوعها.

وإن كان ادعاء إشرافي على ملف ثقافي (منسوف فكرة)، فإن الأغرب حقاً أن الجاني الذي قال إنه زارني بمكتبي باليوم التالي في (التحري الرسمي)، فات عليه أن يكون أكثر تدقيقاً وحصافة فأنا لم أدخل مباني (اليوم التالي) في حياتي أكثر من ثلاث مرات – وإن كنت أشرُف بالكتابة فيها يومياً – ناهيك أن يكون لي فيها مكتب أو كرسي، فمكتبي منفصل وفي مقر شركة خاصة ومقالاتي التي تنشر باليوم التالي تصل للصحيفة عبر البريد الإلكتروني.

(5)

اعتداء أم محاولة اغتيال؟

* لاحظت أن كثيرين يعتقدون أن الحادثة كانت مجرد اعتداء أو رمي بحجر من على البعد، لذا لم أندهش لمن ظن أن الأمر مجرد (اعتداء) وليته كان كذلك، ولكن للأسف ما حدث وفق الوقائع وتصنيف القانونيين كان (شروعاً في القتل) مع سبق الإصرار وكامل الترصد، فالجاني الذي (تفرعن) في لحظة غدر جاء من خلفي تماماً وكاد وقتها رأسي أن ينشق لنصفين بعد تعرضي لضربة مميتة في نصف الرأس تماماً حسبتها للوهلة الأولى حديدة سقطت من أعلى أو (قطعة أسمنت مدببة) استقرت برأسي نتيجة انهيار جزء من (ركيزة) المبنى، وعندما أغمضت عيني لا إرادياً حدثت لي حالة (زغللة) بينما ترنحت يمنة ويسرة، وبعد حوالي عشر ثوان لا أكثر سقطت على الأرض بعد أن تلقيت ضربة ثانية في الرأس – ولو لا لطف الله عز وجل – كانت الضربتان كفيلتين بأن تجعلاني ألفظ أنفاسي الأخيرة، فعناية المولى سبحانه وتعالى وحدها قادتني لتجميع ما تبقى من قواي المتهالكة في وقت ظن فيه كل من هرع لمكان الحادثة أنني قد غبت عن الوعي تماماً إن لم أكن قد فارقت الحياة، فالجاني كان يمسك بقطعة أسمنت (إنترلوك) بكلتا يديه ويضرب بها من الوراء بكل ما يملك من قوة ولكن عناية السماء كانت أكبر من كل سابق تخطيط وإجرام وغدر.

نحمد الله على كل ابتلاء وحال، وما حدث لم يكن اعتداء ولكنه للأسف كان محاولة اغتيال.

(6)

انحناءة للجميع

* شكراً نبيلاً لكل الأصدقاء والأحباء والزملاء والأهل والقراء الذين طوقوني بحب دافق خلال الأيام الماضية وظلت زياراتهم متواصلة، وشكراً كثيراً لكل من خط حرفاً على صفحات صحيفة أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فلو لم أخرج من هذه المحنة بشيء سوى ذاك الحب الدافق لكفاني و(ما عدمناكم يا رب وإن شاء الله ما تشوفوا شر).

نفس أخير

* يا روح ما بعدك (معتوه)!!


‫2 تعليقات

  1. ياخى ماتدى الموضوع اكبر من الحجم الطبيعى وتعمل لنفسك اهميه فى الفاضى . الفعل مرفوض ويدان باقوى العبارات . يجب ان لا نستغل كل حدث عابر ونعمل هيلامانه.