الطاهر ساتي

السيلفي السوداني


:: ( سيلفي)، وبالعربية التصوير الذاتي أو الصور الملتقطة ذاتية..ظاهرة شبابية منذ تسع سنوات تقريبا، ولكنها تفشت في أوساط المراهقين والمراهقات في الثلاث سنوات الأخيرة.. وهي عبارة عن صورة شخصية يلتقطها صاحبها لنفسه باستخدام آلة تصوير ذات توقيت أو بأجهزة الموبايل ذات الكاميرات الرقمية..وبعد التصوير مباشرة، ينشرها على مواقع التواصل الإجتماعي أو يوزعها لأصحابه عبر الواتساب ..والبعض المراهق يعتمد صور السيلفي كصورة رئيسية زاهية في ملفاته الشخصية بالفيس بوك والواتساب وغيره..ودائما ما يحرص المراهق على توثيق رحلاته و حفلاته وقاعات دراسته بالسيلفي..يتقدم أصحابه، ويصورهم جميعا وهم (يبتسمون) أو (يكشرون)..أويقف هذا المراهق بجوار فنان الحفل ويصوره ثم يتباهى بالصور في الفيس بوك والواتساب.. وأحيانا يحرص المراهق على تصوير ذاته مع أصحابه للتعبير عن ( حالتهم النفسية)..!!
:: أيها الكبار، هل تحبون السيلفي كما المرهقين؟.. إن كانت الإجابة نعماً لدرجة الإدمان، فراجع الطبيب النفسي اليوم قبل الغد.. فالعلماء، جزاهم الله خيراً، درسوا ظاهرة السيلفي ثم وصفوها بأنها ظاهرة تعكس رغبة الشخص في التعويض عن أزمة ثقته في نفسه، وأن هناك فجوة عميقة جداً – كعمق ترعتي كنانة والرهد – بين مدمن السيلفي و المجتمع .. وقسموا السيلفي إلى ( ثلاثة سيلفيات).. فالسيلفي الخفيفة، وهي بعدد ثلاث صور يومياً..والسيلفي الحادة، وهي بعدد أكثر من ثلاث صور يومياً.. ثم السيلفي المزمنة، وهي فقدان السيطرة على الرغبة في التصوير، أي تصًور ذاتك على مدار الساعة ..!!
:: وللأسف، عجز علماء الطب النفسي – من أمريكا وحتى التيجاني الماحي – عن إكتشاف علاج لما أسموه بداء الإضطراب العقلي الذي يتسبب في (السيلفي المزمنة) ..وتشير كل الدراسات البريطانية، وكذلك دراسات بعض دول العالم الثالث والأخير، بأن الثلاث سنوات الأخيرة شهدت إنتشاراً واسعاً وتفشياً مخيفاً لظاهرة السيلفي.. ويقول المصور الفرنسي فيبيري : ( فكرة أن يلتقط الشخص صورة لنفسه خلال رحلة إلى الخارج أو خلال حدث ليقول (لقد كنت هناك) أمر أناني مثل المرحلة التي نمر فيها، وينبغي أن نكون جميعا أبطال حياتنا الخاصة).. أي غير الإضطراب النفسي، فالسيلفيون أنانيون أيضاً..!!
:: تلك هي ظاهرة السيلفي العالمية، وحمانا الله و إياكم من (السيلفي المزمنة)..أما الظاهرة السودانية، وعمرها نصف عام تقريباً، ومتفشية فقط في وسط سوداني مسمى – مجازاً طبعاً- بالوسط النخبوي ..وهي ظاهرة زيارة موسى هلال وشيخ الأمين والتصوير معهما، ثم توزيع الصور عبر الفيس بوك و الواتساب .. هلال والأمين، أحدهما زعيم قبلي و الآخر زعيم طريقة صوفية.. زيارتهما ثم التصوير معهما صار – تقريبا- حلم أي سياسي و أي صحفي، موالياً كان أو معارض..وينتشر هذا الحلم بحيث يكاد ( حلم مزمن)..لا يتصورون معهما (سيلفياً) كما يفعل المراهق، والحمد لله على ذلك، ولكنهم يحرصون على توثيق الزيارة ( جلوساً وقياماً) و( تجهماً وضاحكا)، ثم نشرها إلكترونياً..إنها السيلفي على الطريقة السودانية، وآخذة في الإنتشار ..وعليه، نأمل أن تخصص وزارة المالية ميزانية – لعلماء الطب النفسي – لدراسة ظاهرة ( السيلفي السوداني) ..!!