فدوى موسى

وردة على شاهد قبر!


٭ ليست بالبعيدة أفكار بعث الحياة من وسط الموات والسكون.. لحظات مهيبة تلك التي عشتها بكل مزيجات الحزن والفرح واللا تركيز والتركيز.. لا أدري ما سر عبارة « مقابر نموذجية» ولكن لا عليكم المهم هو أن صباح العيد وبعيد الصلاة يتحرك أصحاب الفقد إلى زيارة أهل القبور.. المقابر لها حديثها الخاص جداً.. الوجوم.. الصمت.. العبرة.. هذه الدنيا بزحامها وزخمها لا تسوي إلا تلك الانبطاحات تحت ثرى الفضاء وتلال القبور القصيرة، لا تقول إلا أن هناك دائماً وقفة تأمل وارتجاء، تختلف فكرة كل زائر .. فتلك تحمل بعض حبوب الدخن والذرة للحمام تنشرها حول قبر فقيدها.. وهذه تحمل زهوراً كانت المرحوم تحبها … وهذا يحمل نخيلاً يضعه على القبر.. وأخرى تحمل أبريق مليئ بالماء لعلها تبلل به القبر.. ليس بالبعيد عن الخيال محاولات تخيل ما يدور داخل هذه القبور التي يذهب إليها المفقودون وحيدون إلا من أعمال كسبوها في حياتهم.. ولو أن هناك حرمات للموت وهيبة لقام بعض مجانين التقنيات بتركيب ما يمكنهم من كشف حرمة القبور « استغفر الله».. المهم قرائي.. في زيارتي لقبر أخي الراحل.. اكتشفت أن القبور عالم آخر من الحياة الصامتة.. لكل قبر قصة ورواية اختتمها بهذه «الرقدة الأبدية» بدأت بتأمل مسيرة أخي الراحل منذ نعومة أظافرة.. أيام دراسته.. شقاوة طفولته.. مراهقته وانبلاج شبابه الذي فقد فيه.. ارتجفت كبدتي وخالجني إحساس عميق بان هذه الدنيا لا أمان لها.. فربما تتخطفك أيدي المنون وأنت في عنفوان أيامك وأملك للغد.. أرتأيت قبر أخي كأنه منزل من منازل الحضارات القديمة.. لا أدري لمَ.. لا أعرف مدى مد جذور هذا الاحساس .. لم أترك لنفسي المجال للاستفسار.. حاولت أن أنجذب لهؤلاء الزوار الذين يضعون على موازاة رؤوس موتاهم معلم لطبيعة الزيارة.. ويلا جمال هذه الوردة على تراب قبر الراحلة في شبابها.. بلا أثر لهذه الوردة على شاهد قبرها.

آخر الكلام:

دعوة لزيارة القبور بانتظام حيث انقطاع الحياة «موية وكهربا» تماماً إلا ما سلف من أعمال وطيبات الأفعال.. وحتى أفهم فكرة «المقابر النموذجية» أدعو الله حسن الخاتمة والقبول ..

مع محبتي للجميع.