جمال علي حسن

الحوار الذي يستعجله عثمان ميرغني


التأخير الوحيد الذي نؤيده حتى ولو كان من باب المماطلة أو التكاسل وعدم حماس المؤتمر الوطني لإقامته هو الحوار بتشكيلته وعناصره الحالية.

لا معنى لإقامة حوار وطني مستعجل لا يحضره المستهدفون بالحوار أنفسهم.. قد نقبل به اضطراراً بعد أن تيأس الساحة السياسية تماماً وتشعر باستحالة ضم الأطراف المعنية والشريكة في الأزمة السياسية والأمنية في البلاد.

أختلف مع رأي أستاذنا عثمان ميرغني الذي وصف مشهد التأجيل في الحوار على أنه نوع من (الزوغان) الذي يمارسه المؤتمر الوطني أو بذلك المعنى.

أعتقد أن المؤتمر الوطني في هذه النقطة بالذات مارس أعلى درجة من الواقعية في موقفه.. نعم هو غير متحمس لحوار جزئي مع أحزاب صغيرة لا تمثل المعارضة المعنية والمستهدفة بالطاولة.. وحتى لو اضطر الحزب الحاكم إلى إقامة هذا الحوار غداً فلن يكون هناك طرف مقتنع بأن ما يجري هو الحوار المطلوب.. هو فقط نوع من الحوار الإجرائي أو الجزئي مع أطراف صغيرة وفرعية بل بعضها موالٍ للحكومة وتعتبرها المعارضة (معارضة المعارضة)..

الحوار على طاولة (7+7) الحالية لا يحقق الوفاق السياسي أو الوفاق الوطني المثمر والمطلوب والذي يعالج الأزمة القائمة.. هذا مع احترامنا الشديد للقوى السياسية التي طال انتظارها على الطاولة والتي من المفترض أن تقدم جهداً عملياً في إقناع الآخرين للانضمام للحوار بدلاً عن هذا الانتظار السلبي.

لا تقلق يا أستاذ عثمان، الحوار المنقوص هذا سيقام في نهاية المطاف ولكن هل تعتقد أنه سيفرز أي تغيير على أرض الواقع على المستوى السياسي أو الأمني؟.. قطعاً لا لكن ومن باب حرص المؤتمر الوطني على مشاعر حلفائه ومشاعر المختلفين مع موقفه جزئياً سيقام هذا الحوار قريباً حسب متابعتنا للأمور.

لكنه سيكون حواراً غير نهائي ومعادا فيما بعد.. حوار تنتج عنه محاصصات تزحم الجهاز التنفيذي المترهل أصلاً وتنتج عنه معادلات جديدة إن لم تعقد الأمور فهي قطعاً لن تصلحها أبداً.

لابد من دخول الكبار في حلبة الحوار لابد من مشاركة الصادق وقوى التحالف والجبهة الثورية بعد وضع السلاح.. لابد من السعي لإشراك هؤلاء جميعاً وبأي طريقة غض النظر عن اختلاف الناس معهم وتحفظاتهم عليهم فهؤلاء هم أطراف الأزمة، أما الاستعجال وحوار الكلفتة مع أحزاب غير مؤثرة في الساحة، فسيكون خطوة باهتة لا أثر لها إلا عند تلك الأطراف المشاركة في هذا الحوار.. حتى المؤتمر الوطني نفسه لن يكون مقتنعاً أو يشعر بأنه أنجز شيئاً يذكر.

المشكلة أن الحوار بطبيعته هو العمل الذي ليس باستطاعة طرف واحد فقط إنجازه، فهو لا يشبه توقيتات الانتخابات التي يمكن للمؤتمر الوطني أن يتمسك بها وينجزها ويقول للآخرين إنكم رفضتم المشاركة وزهدتم في ممارسة حقكم الدستوري وهذا أمر يخصكم.

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.