عبد الباقي الظافر

حرب على مشارف القصر..!!


أثناء الحملة الانتخابية في العام ٢٠١٠ كان معارضا سياسيا يسخر من إنجازات حكومة الانقاذ..المعارض الذي ينتمي لأسرة ( البادراب) المعروفة كان قد قدم نفسه مرشحا مستقلا لمنصب والي الجزيرة..في خطبة سياسية أوضح الرجل أن الناس على بعد خمسة عشر ميلا من القصر الجمهوري يتبولون في العراء ولا تتوفر لهم مياه شرب نقية..كانت المعلومة صادمة عند نسبتها إلى مقياس رسم محدد الأبعاد ..كلنا كنا ندرك معاناة الناس ولكن من يتخيل أن حدود ما نتوهم من عاصمة ينتهي إلى هذا الواقع البائس.
استحضرت مقولة ذاك المعارض وأنا اتابع وقائع حرب أهلية قبلية على تخوم ولاية الخرطوم..رجلان من ريفي أمدرمان تنازعا على مرعًى جاف..بعدها كل سعى للاستنجاد بقبيلته..حرب حقيقية وقعت بين قبيلتي الجموعية والهواوير..سقط فيها قتلي من الجانبين واستخدمت فيها أنواع مختلفة من الأسلحة بجانب عدد من السيارات ذات الدفع الرباعي وغير الرباعي،،لم تنته تلك الجولة إلا بوساطة .. هل قلت وساطة من والي الخرطوم ومعتمد ام درمان..وربما يكون وقف إطلاق النار مجرد هدنة تتجدد بعدها المعارك.
يا إلهي ..هل وصلت الحرب القبلية إلى تخوم الخرطوم وعلى مقربة من القصر الرئاسي..ربما لم تكن تلك الحادثة الأولى التي تتدخل فيها القبيلة بشكل سافر لحماية أفرادها..قبل سنوات حدث اختلاف ما بين الحكومة وأهالي إحدى المناطق بشرق النيل..الخلاف سببه إصرار الحكومة أن تتمدد الخطة الإسكانية والمشروعات الاستثمارية في تلك المنطقة الريفية..الأهالي يزعمون ان لهم حقوقا تاريخية..كلمة (تاريخية) هنا مهمة للغاية، لأنها تتحدث عن حقوق جدودهم القدماء في هذه الأرض التي كانت مسرحا لمرعاهم ..الملكية الجماعية الزائفة أدت لحرب قتل بسببها نفر من أهل المنطقة وبعض من جند الحكومة..على إثر الضغط والدماء اضطرت الحكومة ان تتنازل وتقر بحق معلوم لأهالي تلك المنطقة في خطة إسكانية إسعافية .
ذات النموذج تكرر بعد قيام مشروع مطار الخرطوم الجديد جنوب غرب أمدرمان ..الآن على مقربة من مطار الخرطوم القديم يتجدد نزاع بين الأهالي والحكومة..وفي شمبات والحلفاية هنالك مشاكل مشابهة بسبب الاعتقاد الخاطيء بوجود ملكية جماعية للأرض ..الحقيقة ان تنامي هذا المفهوم الخاطئ سبّب وسيتسبب في كوارث على الأمة السودانية ..الآن هنالك قبائل في دارفور ترفض وجود قبائل أخري بجوارها وتعتبرهم ضيوفا على ديارهم رغم أن وجود من يعتبرون غرباء ناهز الثلاثمائة عام..عند أية موجة عنف سيحدث تطهير عرقي بسبب ذاك الاعتقاد غير الصحيح..كل الأراضي غير المسجلة بأسماء افراد تعتبر أرضا حكومية.
في تقديري أن ظاهرة استقواء القبيلة سببها الرئيس ضعف الدولة السودانية ..هذه الدولة الآن في أضعف حالاتها رغم مظاهر السلوك التعويضي..الدولة كمفهوم بالطبع أوسع بكثير من مجرد الحكومة القابضة في الخرطوم ..الضعف سببه أن النظام الأهلي المتناغم مع الحكومة المركزية انتهي بفعل عوامل التطور الطبيعي ..المشكلة أن الدولة والمجتمع فشلا في إيجاد نظام جديد.. بسبب الفراغ حدثت الكارثة الحالية..الآن تتم المحاصصة السياسية على أساس قبلي مبين.
بصراحة ..مطلوب من النخب السودانية أن تقوم بدورها في تصحيح المفاهيم الخاطئة..رغم أن ذات النخب متهمة بتأجيج المشاعر القبلية حتى تستثمر ذلك نفوذا سياسيا تعود فوائده على الأفراد ، لا الجماعات..انتبهوا.. نحن الان نسير في الاتجاه الخاطئ بسرعة عالية..


تعليق واحد

  1. حادثة شرق النيل دي طالما ذكرتها كان مفروض تكون صريح في طرحك ليها.
    كان تقول مشكلة نافع علي نافع مع البطاحين واللتي قتل فيها اخو نافع احد رعاة البطاحين بدم باااااااااااااااااارد وتم تهريبه للهند ودخلت الاجاويد للصلح……..
    الحكومة سخرت كل امكانياتها لحماية اخو نافع وقبلها لتمليك نافع الأرض مسار النزاع.
    خليط وااااااااااااااااااااااااااااااااااضح يا بطل تلميحات.
    عينك للفيل تطعن في ضلو؟
    قول لي نافع وللزرعوا روح القبلية انتو عور في وشهم م تبقي المحرش الما بيكاتل.