جمال علي حسن

وحدة الإسلاميين.. تسريع أم تأخير للوفاق الوطني


اتجاه جاد ورغبات متوافقة على جمع شمل الإسلاميين في السودان، بعد فراق بائن وطويل.. هذه الخطوات التي تمضي الآن وتدفعها أشجان وأشواق وعواطف أبناء الرحم الفكري الواحد، ربما ولدتها دروس وخبرات وتجارب خاضتها الجماعتان الإسلاميتان على مستوى الحكم والمعارضة.
فإذا كان حزب المؤتمر الشعبي قد جرب خلال السنوات الماضية التحالف مع القوى السياسية المعارضة والانتظام في معسكرها بشكل أو بآخر عدة مرات، فإن المؤتمر الوطني الحاكم كان هو الآخر قد خاض تجارب مماثلة خلف لافتة المشاركة في الحكم فتوافق مع أحزاب سياسية تقليدية بموجب اتفاقيات مختلفة مع الاتحاديين وأنصار السنة وبعض أحزاب الأمة وغيرها من التنظيمات الحليفة للحزب الحاكم من جماعات سياسية وجهوية.
الطرفان.. الشعبي والوطني جربا كل تحالف توفيقي أو تلفيقي متاح أمامهم على مدى أكثر من خمسة عشر عاماً لكنهما وفي كل تلك التجارب لم يتوفر عندهما الشعور بحالة الانسجام الكامل الذي يمكن أن تتوفر فرصته في حالة توحدهما من جديد والتحالف مع الجزء الأصيل والطرف الفكري المكمل للكيان القديم.
هذا الاتجاه هو اتجاه استراتيجي بلاشك لكن السؤال: هل التوقيت الآن هو التوقيت الأنسب؟ هل ستضيف وحدة الإسلاميين نقاطاً في رصيد الوحدة الوطنية الآن أم العكس؟ هذا السؤال ليس سؤالا ً غريباً.. فبعض أحزاب الحوار الوطني الموجودة الآن هي في الأصل كيانات وأحزاب غير إسلامية لكنها حليفة للحزب الحاكم أو مشاركة في الحكومة، كان الحزب الحاكم قد فتح أبوابه لها واستوعبها لتقوية موقف الدولة أو تقوية موقفه أو في إطار محاولات ودعوات سابقة لتحقيق الوحدة الوطنية والوفاق السياسي، ومن الطبيعي أن تتأثر علاقات بعض تلك الكيانات مع المؤتمر الوطني في حالة تحقيق وحدة الإسلاميين، بعضهم قد تشمله مظلة الوحدة نفسها مثل حزب غازي صلاح الدين وجماعة الطيب مصطفى لكن هناك أحزابا أخرى لا علاقة لها بوحدة الإسلاميين وقد تدفعها تلك الخطوات للتفكير في الانضمام إلى المعسكر الآخر الأقرب لها فكرياً وثقافياً..
فالمعسكر الآخر المكون من قوى التحالف والأحزاب التقليدية والحركات من الطبيعي أن تبرز فيه نفس التوجهات لتقوية تحالف الأحزاب غير الإسلامية مع بعضها البعض في رد فعل طبيعي لمشروع وحدة الإسلاميين وبالتالي ستكون هناك حسابات جديدة في الساحة السياسية وخارطة تحالفات استراتيجية جديدة متوقعة.
بعض القوى الضعيفة التائهة فكرياً وسياسياً قد تبقى موجودة على هامش المعسكر الإسلامي الجديد باعتبار أنها غير مؤهلة فكرياً للوجود في قلب هذا المعسكر أو في قلب المعسكر الآخر اليساري أو التقليدي القديم.
كل هذا متوقع لكن الشيء الأكيد في تقديري هو أن وحدة الإسلاميين ستزيد المسافة الفاصلة بينهم وبين الآخرين في هذه المرحلة وبالتالي لن تصب في مصلحة تحقيق الوفاق الوطني حالياً على الأقل.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.


تعليق واحد

  1. الوحده تقوي النسيج الإجتماعي وبالوحده يصبح السودان بمثابة الدول يشار إليها بالبنان