يوسف عبد المنان

مرافعة “السيسي”..!!


اختار د. “التجاني سيسي” رئيس السلطة الإقليمية ومساعد الرئيس مدينه نيالا ليقول كلمته ويقدم مرافعته الأولى عن اتفاقية الدوحة والحكومة المركزية وإنجازات السنوات الماضية، ورفع كتابه وسط حشد كبير لقيادات دارفور السياسية والأهلية ضاقت بها قاعة نيالا وسط المدينة، وبدت مسحة حزن عميقة على نبرة الرجل وغضب مكتوم في الصدر على بعض شركاء اتفاقية الدوحة من السودانيين الذين بخسوا جهد الرجل على صعيد مشروعات البنى التحتية الذين كالوا له الاتهامات كيداً عن وجود شبهات فساد في عطاءات المشروعات، التي تعددت حتى بات صعباً على السلطة افتتاحها جميعاً في رحلة د. “التجاني” الحالية في تخوم دارفور، والتي تمتد لنحو أسبوع، وتشمل الولايات الخمس.
أسباب غضب د. “التجاني سيسي” عديدة ولها دواعيها، وقد كدح الرجل خلال السنوات الماضية في العمل الصامت من أجل مشروعات الشراكة بين حكومة السودان والقطريين وبعض الشركاء الآخرين، وقد بدأت مشروعات التعليم والصحة شامخة في كل محليات دارفور التي نفذتها شركات وطنية عبر عطاءات مفتوحة ومعلنة، أشرفت عليها وزارة المالية الاتحادية ومفوضية قسمة الإيرادات وأجهزة الرقابة الحكومية. ويعتقد د. “التجاني” إن تلك الإجراءات التي اتبعت كفيلة بسد أية ثغرات يتسلل منها الشك.. ولكن باغتت الرجل طعنات من الذين اختارهم هو كشركاء معه في القضية.
ثاني الأسباب التي أدت لغضب “السيسى” هو الأوضاع التي عاشتها دارفور في السنوات الماضية من صراعات وحروب قبلية أقعدت الإقليم، وأحالته إلى غرفة الإنعاش في الوطن المكلوم، وبدا “السيسي” غاضباً على تفشي الصراعات القبلية والعنصرية في دارفور، وشعوره بمسؤولية النخب والقيادات عن تلك الصراعات، وخطورة التمادي في الحروب القبلية مما يهدد وحدة السودان كوطن، ودارفور كإقليم. ووضع “السيسي” إصبعه على الجرح النازف وقال: (كلنا أهل دارفور مسؤولون عن الذي يحدث من صراع قبلي أهدر الموارد والآن يهدد هذا الصراع الوطن بالزوال). وانتقد بشدة الدور السلبي لقيادات دارفور في الصراعات القبلية، بل في بعض الأحيان يتم توظيف تلك الصراعات في الكسب السياسي الرخيص. ولم يشأ “السيسي” الحديث عن الاستفتاء المرتقب لتحديد النظام الإداري: هل دارفور إقليم واحد أم خمس ولايات؟ وتغاضى عن الحديث السياسي عن حركة التحرير والعدالة والانقسام الذي ضرب الحزب بخروج مجموعة “أبو قردة”، لكنه بدا واثقاً من أن المستقبل لصالح السلام في دارفور، ومن إمكانية تنفيذ حزمة مشروعات كبيرة في الفترة القادمة لتعويض أهل الإقليم الخسائر الفادحة التي تعرضوا لها بسبب الحرب.
في ولاية الضعين التي مزقها صراع (المعاليا) و(الرزيقات)، تحدث “السيسي” بمرارة شديدة جداً عن الدور السلبي لقيادات دارفور في الصراعات القبلية، وطالبهم بعدم (المجمجة)، وهي تعبير موغل في الشعبية المحلية، استخدمه من قبل في الفضاء الإعلامي العميد “حميدتي” وهو يصوب نقداً للمعارضة السياسية. لكن “السيسي” المعروف بانضباطه الشديد في الحديث فاض به الكيل، وشعر بأن ثمة حاجة ملحة للحديث بما في النفس جهراً، وأن الهواء الممزوج بالدخان المكتوم في صدره آن له الخروج والتنفس طبيعياً، حتى يأخذ قدراً من الراحة.. لكن كيف يرتاح ودارفور غارقة في أحزانها؟؟

المجهر السياسي


تعليق واحد

  1. هذا مصير كل وطني مخلص لبلده في ظل هذه الحكومة التي اصبحت عبارة عن ادارة تتبع لجهاز الامن الوطني و الكل فيها متهمون .
    لن يسمحوا لك بالنجاح لانك نموذج لا يستهويهم .