تحقيقات وتقارير

زيارة “أوباما” لأديس أبابا.. أجندة مكشوفة وأخرى تُقرأ بين السطور


في إطار جولة أفريقية وصل الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” مساء (الأحد) إلى إثيوبيا قادماً من كينيا في زيارة تمتد حتى اليوم (الثلاثاء). وحطت طائرة “أوباما” أول رئيس أمريكي يزور إثيوبيا في مطار”بول” الدولي، ليجد في استقباله رئيس الوزراء الإثيوبي “هايلي مريم ديسالين” وزوجته.
وتأتي زيارة الرئيس الأمريكي في وقت تشهد فيه القارة الأفريقية أزمات عدة، من بوروندي وجنوب السودان مروراً بأفريقيا الوسطى، ونيجريا، وليبيا، الأمر الذي يرفع سقف التوقعات عالياً بأن يحث “أوباما” الاتحاد الأفريقي على الالتزام بشكل أكبر من أجل احترام شرعيته حول الديمقراطية والانتخابات والحوكمة.
{ طمأنة من شبح الاتفاق النووي
يرى المحلل السياسي الأستاذ “عبد الله آدم خاطر” في حديثه لـ(المجهر) أن الاهتمام الأمريكي بالقارة الأفريقية ظل في حالة تزايد مستمر بداية بالرئيس الأمريكي السابق “بيل كلينتون”، عادّاً زيارة “أوباما” الحالية لأفريقيا تأتي في هذا الإطار سيما في الجوانب الاقتصادية. ولفت “خاطر” إلى أن الولايات المتحدة تحاول من خلال الزيارة طمأنة القارة الأفريقية بأن الاتفاق الإيراني النووي الأخير لن يضر بها، سيما وأن لإيران تأثيراً كبيراً في العديد من دول المنطقة.. وفيما يتعلق بإمكانية فرض عقوبات على دولة جنوب السودان عدّ “عبد الله آدم خاطر” تلويح “أوباما” بالعقوبات أريد به حض القارة الأفريقية على حل مشاكلها في إطارها الأفريقي، وأشار حول ما إذا كان “أوباما” سيتطرق للشأن السوداني من عدمه، أشار إلى أن السودان ليس لديه شيء محدد حتى يتم التحدث بشأنه، سيما أن السودان انضم منذ وقت مبكر لقائمة الدول المناهضة للإرهاب، بجانب كونه ساهم في توقيع اتفاق مع الجنوب قضى بانفصاله، بمعنى أنه أوفى بما قطعه على نفسه.. وبخصوص قضية دارفور يرى “خاطر” أن المجتمع الدولي بما في ذلك واشنطن يعول على اتفاقية سلام دارفور (الدوحة)، ولفت إلى أن السودان لن يكون ضمن أجندة “أوباما” الرسمية في المنطقة.
{ “أوباما” يحول أديس أبابا إلى ثكنة عسكرية
ذكر موقع “دير تيوب” الإثيوبي أن مدينة “أديس أبابا” تحولت إلى ما يشبه منطقة عسكرية، بسبب الوجود الأمني الكثيف في المطار والمناطق التي يمر بها الرئيس الأمريكي “باراك أوباما”. وحسب الموقع، فإن طائرات الهليكوبتر التابعة للجيش الأمريكي غطت سماء العاصمة، قبيل مجيء الرئيس الأمريكي، هذه الطائرات كانت محملة أيضاً بمقاتلين أمريكيين لمراقبة الوضع الأمني للمدينة، في المقابل، حرك الجيش الإثيوبي بعض مقاتلاته الحربية في سماء المدينة لمراقبة الوضع أيضاً، إضافة إلى نشر أسلحة ثقيلة وجنود إثيوبيين في مطار “بول” الدولي، الذي وصل إليه الرئيس الأمريكي.
{ أن تأتي متأخراً
يرى كثيرون أن زيارة “أوباما” ربما محاولة منه للتعويض عن ما فات من قبل أول رئيس أمريكي أسود، خاصة وأنه تعرض للانتقاد لعدم تقديمه الاهتمام الكافي للقارة الأفريقية.. وفي هذا يقول “ديزيريه اسوغبافي” ممثل منظمة (أوكسفام) لدى الاتحاد الأفريقي إن (“أوباما” هو ابن القارة، كنا نريد أن تأتي الزيارة في السنوات الأولى لولايته الرئاسية بدلاً عن اللحظة الأخيرة لإفساح المجال أمام تطبيق قرارات، لأن لا شيء يضمن أن يتقيد الرئيس الأمريكي المقبل بالالتزامات التي سيعلن عنها الآن).
{ جدول الزيارة
من أبرز محطات الزيارة التي سيقف عندها الرئيس الأمريكي، كلمة سيلقيها في مقر الاتحاد الأفريقي من قاعة (نيلسون مانديلا) أمام مجمل القارة ليعيد التأكيد على التزام بلاده منذ القمة الأفريقية الأمريكية في أغسطس 2014، تتناول الحرب الأهلية المستعرة في جنوب السودان، في مسعى لحشد دعم أفريقي توطئة للقيام بعمل حاسم ضد قادة هذه الدولة الوليدة الذين يرفضون الانصياع إلى تحذير أخير بضرورة وضع حدٍّ للمجازر التي تُرتكب هناك وذلك بحلول منتصف أغسطس. كما سيركز “أوباما” خلال زيارته على مكافحة ما يسمى “الإرهاب” ولا سيما بعد أن فرضت إثيوبيا نفسها حليفاً قوياً في محاربة حركة الشباب الإسلامية من خلال مشاركتها بفرقة من أربعة آلاف عنصر في قوات الاتحاد الأفريقي (أميصوم) المنتشرة في الصومال حيث تؤمن الدعم للقوات المحلية الضعيفة.
{ مبادرات
وقال “جاكوب اينوه ايبن” المتحدث باسم رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي “نكوسازانا دلاميني زوما”: (نتوقع تنفيذ عدة مبادرات في مجال بناء بنى تحتية للاتصالات والنقل). وتابع المتحدث أن (“أوباما” قدم مع ممثلين عن شركات أمريكية كبرى، وزيارته دليل على أهمية القدوم إلى أفريقيا فهي بمثابة تشجيع للقطاع الخاص.. يجب ألا تفوت الولايات المتحدة هذه الفرصة بينما أفريقيا في مرحلة حاسمة من النمو). وعدّ “ديزيريه اسوغبافي” ممثل منظمة (أوكسفام) لدى الاتحاد الأفريقي (غالبية النزاعات الجارية في القارة الأفريقية مرتبطة بمسائل الحوكمة السياسية). وأضاف إن (مجال المواطن في تراجع في عدد متزايد من الدول الأفريقية، ومن بينها الدولتان اللتان تشملهما زيارة “أوباما”. وعندما يتحول الأمر إلى توجه إقليمي، فإن الاتحاد الأفريقي في الموقع الأفضل لتبني موقف مشترك من شأنه أن يضع حداً لهذا الميل).
{ “أوباما” و”ديسالين”
انتهت القمة الرئاسية بين “ديسالين” و”أوباما”، بعدها خرج الرئيس الأمريكي واضعاً أديس أبابا وواشنطن في كفة واحدة في مجال الحرب على الإرهاب حينما وصفها بأنها (شريك بارز) في الحرب ضد حركة الشباب الصومالية، وقال إن القوات الإثيوبية كان لها دور مهم في إضعاف الحركة المرتبطة بتنظيم القاعدة. ولم ينس “أوباما” أن يذكر مضيفه بتعزيز سجل حكومته في حقوق الإنسان والحكم الرشيد، قائلاً إن البلاد ستكون في حال أحسن (لو سُمعت كافة الأصوات). وقد نزلت تلك التصريحات برداً وسلاماً على مجموعات ضغط حقوقية داخل إثيوبيا وخارجها التي كانت تعتقد أن زيارة الرئيس الأمريكي ستصب في صالح حكومة “ديسالين” التي تواجه اتهامات بالقمع ومصادرة حقوق الإنسان.. وكانت قد حذرت مجموعات حقوقية إثيوبية من أن زيارة “أوباما” قد تعطي مصداقية (لحكومة تقمع الحقوق الديمقراطية).
{ جنوب السودان.. الصداع الدائم
واحد من الملفات الشائكة التي يحملها “أوباما” في حقيبته وهو قادم لأفريقيا هو ملف الدولة الوليدة التي مضت في مسار الحرب الأهلية لما يزيد عن العامين ونصف العام، وأدت إلى مقتل الآلاف وتشريد نحو مليوني شخص، الأمر الذي جعله يطلق التهديدات باتخاذ إجراءات إضافية للضغط على الأطراف المتناحرة في جنوب السودان كي تنهي صراعها الدامي الشهر المقبل. وقال “أوباما” في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الإثيوبي إن الوضع في جنوب السودان (يزداد سوءاً بكثير)، مؤكداً على أنه (لم يعد أمامنا الكثير من الوقت). وحث الرئيس الأمريكي على العمل لإحراز (تقدم) في أزمة جنوب السودان التي أنهكتها الحروب، حتى وإن كان ذلك عبر فرض عقوبات وحظر سلاح على أطراف الأزمة إذا لم يتم إنهاء القتال بحلول الموعد النهائي المحدد في 17 أغسطس المقبل.
{ زيارة تاريخية
بدوره، وصف رئيس الوزراء الإثيوبي “هيلا مريام ديسالين” زيارة الرئيس الأمريكي بـ(التاريخية)، مؤكداً أنها تأتي في وقت تشهد فيه إثيوبيا نمواً اقتصادياً منتظماً لأول مرة منذ سنوات. وقال “ديسالين” إن زيارة “أوباما” تأتي في الوقت الذي تبذل فيه إثيوبيا جهداً كبيراً في مكافحة الإرهاب والصراعات وانعدام الأمن، مشيراً إلى أن هذه الزيارة تمثل أفقاً جديداً في العلاقات الثنائية بين البلدين، وأضاف إنه ناقش مع “أوباما” عدة قضايا منها سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والتعاون في عدة مجالات، مشدداً على أن واشنطن تمثل حليفاً إستراتيجياً لأديس أبابا في مختلف المجالات. وأشار “ديسالين” إلى أنه ناقش مع “أوباما” سبل تشجيع المستثمرين الأمريكيين على العمل في إثيوبيا، حيث توجد فرص كثيرة يمكنهم الاستفادة منها بشكل كبير. كما ناقشا تنسيق الجهود المشتركة لمكافحة التغير المناخي. وأكد رئيس الوزراء الإثيوبي التزام حكومته بتطبيق النظام الديمقراطي في البلاد، كما أكد أيضاً احترامها لحقوق الإنسان وعملها بشكل جدي من أجل التسريع بجهود تقوية مؤسسات الدولة في مختلف المجالات. ووافق “ديسالين” على الاستمرار في التعاون بين إثيوبيا والولايات المتحدة على نطاق واسع، وذلك بالرغم من وجود اختلافات بسيطة في بعض القضايا.
وتابع رئيس الوزراء الإثيوبي قائلاً إنه تطرق في محادثاته مع “أوباما” إلى التعاون في مجال الأمن ونشر السلام في المنطقة، كما وافقا على العمل من أجل تحقيق السلام الدائم في جنوب السودان الذي يشهد صراعات واضطرابات مستمرة، وأكد على ضرورة العمل من أجل نشر السلام في الصومال عن طريق تعزيز ودعم قوات الأمن الصومالية لمساعدتها على أداء واجبها في حماية أراضي البلاد، كما أشار إلى أهمية تكثيف الجهود من أجل مكافحة الإرهاب في المنطقة والقضاء على حركة (الشباب) المسلحة. وأوضح رئيس الوزراء الإثيوبي أنه اتفق مع الرئيس الأمريكي على تعميق التعاون في مجال الاستخبارات ثنائياً وإقليمياً، مؤكداً ضرورة هذا التعاون لمكافحة التهديدات الإرهابية.
{ عدم اتفاق
قال مسؤول أمريكي إن الرئيس “باراك أوباما” التقى مع قادة من كينيا وإثيوبيا وأوغندا والاتحاد الأفريقي، بينهم وزير الخارجية بروفيسور “إبراهيم غندور”، ناقشوا بعض المقترحات بشأن جنوب السودان منها فرض عقوبات وإنشاء (قوة تدخل إقليمية) إذا لم توافق الأطراف المتحاربة في جنوب السودان على اتفاق سلام بحلول 17 أغسطس. وقال المسؤول إن المجموعة اتفقت على خطورة الوضع بجنوب السودان، لكن المحادثات لم تشهد إجماعاً على ما يمكن فعله في حالة عدم التوصل لاتفاق سلام.
{ العصا في انتظار جوبا
قالت مسؤولة أمريكية، إن الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” بحث في لقائه مع بعض القادة الأفارقة ومن بينهم رئيسا يوغندا وكينيا ورئيس وزراء إثيوبيا ورئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي ووزير الخارجية البروفيسور “إبراهيم غندور”، خطة بديلة لجنوب السودان التي يمكن أن تتضمن فرض عقوبات إذا لم يتوصل الطرفان المتحاربان في البلاد إلى اتفاق سلام بحلول منتصف أغسطس، وأضافت المسؤولة إن الاجتماع لم يؤد إلى انفراجة كبرى لوقف الحرب الأهلية المستمرة في جنوب السودان منذ ديسمبر 2013، وقالت إنه إذا لم يقبل الجانبان العرض سيتم بحث اتخاذ إجراءات إضافية، وتابعت: (لقد أظهر الطرفان أنهما غير مباليين تماماً ببلدهما أو بشعبهما، وهذا أمر يصعب تداركه، وتشمل الخطة البديلة فرض حظر على السلاح وعقوبات تشمل تجميد أرصدة الأفراد وفرض قيود على سفرهم، ويمكن أن تطبق العقوبات بالتعاون مع دول أخرى بالمنطقة والاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة).

المجهر السياسي


تعليق واحد