حوارات ولقاءات

البروفسور حسن مكي يُقلّب صفحات العُمر


“البنطلون” الواحد حرمني من الاستمرار في التدريس بـ (الأحفاد)

الترابي تقديراته السياسية ضعيفة والصادق المهدي خارج المستقبل

العمل في الحركة الإسلامية كان سياسياً وليس دعوياً

فراغ الحركة الإسلامية أفرز حركات متطرفة وداعش مخترقة

أكملتُ الجامعة في سبع سنين، وعيَّدتُ خمسة أعياد بالسجن

الحركة الإسلامية مكثت في سجون النميري أكثر من ألف سنة

أنا مزاجي صوفي ولا أعرف السرورية.. وليت الحركة الإسلامية تعود

العالم (ماشي) للقمر ونحن (ماشين) للحجر

حاوره: عمر عبد السيد

في هذه السلسلة من الحوارات، نحاول أن نسلط الضوء على الجوانب الخفيَّة في حياة بعض الذين ارتبطوا لدى الذاكرة الجمعية للشعب السوداني بالإشراقات وربما الإخفاقات.

ونسعى من خلال ذلك إلى تتبع سيرة من أسهموا ــ سلبًا أو إيجابًا ــ في حركة المجتمع والسياسة، وبالطبع نهدف إلى تقليب أوراق حياتهم المرتبطة بالجانب العام، دون أن نتطفّل على مخصوصاتهم، حال لم تكن ذات علاقة مباشرة بالشأن العام. دافعنا في كل ذلك أن نعيد كتابة الأحداث والتاريخ، بعد أن تكشّفت الكثير من الحقائق المهمة، حول كثير من الوقائع التي أثرت في المشهد السياسي السوداني.

أ – الناس يعرفون البروفيسور حسن مكي الخبير الاستراتيجي، فما هو الوجه الآخر لـ “حسن” وأين وُلد وتربى؟

– أنا حسن مكي محمد أحمد، ولدت بمدينة الحصاحيصا في الربع الأول من عام 1950م، درست المراحل الدراسية الأولية والوسطى بالحصاحيصا ثم مدرسة حنتوب، ومنها إلى كلية الآداب جامعة الخرطوم، ومن أبرز زملائي في تلك الفترة الدكتور قرشي محمد علي والمرحوم الدكتور مجذوب الخليفة والباشمهندس الطيب مصطفى والسفير بهاء الدين حنفي. وأكملت الجامعة في سبع سنين، ثلاث سنوات منها كنت معتقلاً. وعيّدت خمسة أعياد بالسجن.

ب – بدأت علاقتك مع المعتقلات مبكراً، فما هي تبعات ذلك عليك؟

بسبب الاعتقال الموصول، تزوجت متأخراً من الدكتورة هويدا صلاح الدين العتباني، وثمرة ذلك الزواج 5 من الأبناء والبنات. وأذكر أنني عملت بعد التخرج بمدرسة الأحفاد الثانوية بنات، ولم أستطع المواصلة بها، وذلك لأن بنات الأحفاد ينتمين لطبقة عالية وأنا يا داب طالع من السجن، وعندي بنطلون واحد وقميص واحد، والماهية مشاركني فيها ناس البيت وإيجار البيت ولم أستطع شراء قميص أو فتيل ريحة.

ت – تركت مدرسة الأحفاد، بسبب الفوارق الطبقية، فأين كانت وجهتك بعدها؟

تلك الفترة تزامنت مع طلب قدمه لي المرحوم أحمد عثمان مكي مسؤول مكتب الطلاب بالحركة الإسلامية بأن أعمل في العمل التنظيمي وأتفرغ له، وكلفني بملف جنوب السودان، وكانت تجربة رائدة استفدت منها كثيراً، ثم ملف دارفور، ثم جامعة النيلين، وفي العام 1982م ظهرت وظائف في المركز الإسلامي الأفريقي، وتم قبولي، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن أعمل به وأصبح فيما بعد جامعة أفريقيا العالمية، وعملت كذلك في الجامعة الإسلامية ببريطانيا ثلاث سنوات.

ث – ثورة شعبان تعتبر من المحطات المهمة في حياة الإسلاميين وخصوصاً الطلاب – حينها – هل كان لك دور فيها؟

ثورة شعبان كانت تهدف إلى الإطاحة بنظام النميري، وكنت من الذين خططوا لها ونفذناها في العام 1973م، وكانت كبيرة جداً، ومن الذين تزاملت معهم بالسجن من الإسلاميين يس عمر الإمام والدكتور حسن عبد الله الترابي، وبشير محمد سعيد والطيب زين العابدين وعدد من السياسيين وعبد الرحمن النور وأحمد خير وأبو حسبو وأحمد زين العابدين رحمهم الله، وتوسعت علاقاتي بالسياسيين داخل السجن ومعظمهم التقيت بهم بالسجون، وأكثر الذين دخلوا السجن في عهد نميري الشيوعيون.

ج – جزء كبير من نشاط الحركة الإسلامية انصب في العمل السياسي والتنظيمي، مقابل إهمال العمل الدعوي، كيف ترى ذلك؟

جُل عملنا في الحركة الإسلامية كان سياسياً وليس دعوياً، وعن نفسي فأنا أتشوَّق أن يكون لي عمل دعوي، وكنا ننظم الناس لابتعاث الإسلام في صورة دولة، وهذا مشروعنا منذ دخولنا حنتوب الثانوية. ولكن القراءات والكتب التي قرأناها كلها كانت تعبوية فقط، مثل معالم في الطريق وتفسير ظلال القرآن وكفاح دين، والإسلام عقيدة وشريعة، وحياة محمد لمحمد حسين هيكل، والحكومة الإسلامية، وكانت لنا أشواق للدولة الإسلامية وكنا نبحث للنموذج والتجربة الإسلامية، وأتيحت لي فرصة دراسة الماجستير عن حركة البعث الإسلامي المعاصر وسافرت إلى باكستان وطفت مدنها المختلفة

ح – حركة البعث الإسلامي المعاصر هل قادتك إلى الالتحاق بـ “المجاهدين الأفغان”؟

حركة البعث الإسلامي المعاصر كانت محور دراسة الماجستير، وبعدها ذهبت إلى المجاهدين الأفغان وجاهدتُ معهم (حكمتيار وبرهان الدين رباني ومحمد يوسن خالصي) وذهبت إلى إيران من على الحدود سيراً على الأقدام عام 1980م، واستضافني السفير علي الميري وكان رجلاً متديناً، وتعرفت على الثورة الإيرانية وقياداتها، ومن طهران سافرت بالبص إلى تركيا والتقيت بنجم الدين أربكان وأهداني كتابه الصناعات الصغيرة، ومن تركيا إلى مصر ثم السودان.

خ – خبرّنا عن تلك الفترة، خاصة أنها أسهمت في تشكيل شخصية البروفيسور حسن مكي؟

خلال تلك المدة، قررت أن يكون بحثي عن التجربة الإسلامية في إيران بحكم أن تجربتهم الإسلامية قد تمكنت من الدولة وتقعدت وأصبحت واقعاً. بعدها أتيحت لي فرصة لدراسة ظاهرة حوار الأديان وكانت مهتمة بها الجماعة الإسلامية ببريطانيا، وذهبت وعملت بالمؤسسة الإسلامية وتعرفت على الطلاب العرب والحركات الإسلامية وأصبحت إمام مسجد في لستر وكتبت رسالة الدكتوراه هناك، وبعض الكتب منها كتاب تنبأت فيه بانفصال السودان والمشروع التنصيري في السودان والثقافة السنارية. وعدت للسودان بعد انقلاب الإنقاذ، وكنت متابعاً لحركة الانقلاب، ولم يكن لي دور معنوي في الانقلاب ولكني كنت عضواً بمجلس الشورى وفوضنا الترابي لإحداث التغيير وأسميناه (مشروع التمكين).

د – دعنا نتطرق إلى علاقتك بالدكتور حسن عبد الله الترابي؟

دكتور حسن الترابي له إسهامات مقدرة في مجال المرأة، وكنت من اللصيقين به، وفي زماننا كانت صورة المرأة لا تظهر في الدعاية الانتخابية، وكان الاهتمام بها حصرياً على الشيوعيين والعلمانيين، والترابي ألف كتابه (المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع)، وأدى هذا الكتاب لتغيير عقلي كبير وجعل الإسلاميين يتفاعلون مع قضية المرأة.

ذ – ذلك الكتاب كان له مفعول السحر في تغيير مفاهييم الإسلاميين في التعامل مع المرأة؟

ذاكرة التاريخ تؤكد أنه حدث تغيير كبير، بعد الكتاب، وفي العام 1978 – 79 وضع دستور الحركة الإسلامية، وعرَّف الحركة الإسلامية بأنها “حركة إسلامية تسعى لكسب السلطة السياسية عن طريق الإصلاح والجهاد والسعي المترفق”، وأصبح لدينا مشروع، والترابي استفاد من المصالحة الوطنية رغم أصوات المعارضين، والحركة الإسلامية قضت في سجون النميري أكثر من ألف سنة، وذلك إذا كان متوسط سنين السجن 4 سنوات لأكثر من 250 من الإسلاميين.

ر – راجت قصص وحكاوي عن استفادة الإسلاميين من فترة السجن، وهناك من يرى أن السجن أجبرهم على التراجع عن مصادمة النميري؟

رأى الإسلاميون وتيقنوا باستحالة اختراق الدولة العميقة إلا بالتصالح معها أو اختراقها من الداخل، وبهذا نجح الترابي في ما فشل فيه إخوان مصر في ثوراتهم 1955، و1965، و2011م، والآن يدفعون ثمناً غالياً لهذه المواجهة حتى الآن. والترابي جنَّب الناس المواجهة وعمل على اختراق مكونات الدولة العميقة، ولذلك انقلاب الإنقاذ كان مترفقاً، حتى إن الناس ظنوا أنه مدبر من الأمريكان أو المصريين.

ز – زلات كثيرة وأخطاء فادحة وقع فيها الترابي على الرغم من أنكم تنظرون إليه نسيج وحده؟

زادت قناعة الناس بقدرات الترابي خلال فترة مايو، ووصلت ذروتها في الديمقراطية إلى أن تمكن من إحداث انقلاب الإنقاذ بترفق، لكن أعتقد أنه وقع في بعض الأخطاء، ومن أكبر تلك الأخطاء تخلصه من المجتمع السياسي الإسلامي بسرعة، وكان يظن أنهم رجال حركة وليسوا رجال دولة، ومهمتهم انتهت بانتهاء الانقلاب في يونيو 1989م، وقام بحل مجلس الشورى والمكتب السياسي، وهذا القرار هو بداية المشاكل الحالية للإنقاذ. والآن أكثر من 25 عاماً والإنقاذ تحكم والبلد تشهد تراجعاً في عدد من المجالات لعدم القراءة الاستراتيجية السليمة والتخطيط، وأخشى في مقبل الأعوام إذا سارت الأمور بنفس هذه الوتيرة أن نرتد للعصر الحجري في ظل تطور الغرب، و(العالم ماشي للقمر ونحن ماشين للحجر).

س – سارت الحركة الإسلامية على نهج سياسي وعقدي غير مطروق – وربما غير مألوف – فكيف تراها في الماضي وفي الحاضر؟

ساد اعتقاد لدى كثيرين – وهذا حقيقة ماثلة – بأن الحركة الإسلامية في الماضي كانت حركة أشواق ومعارضة ومجاهدات. والآن دخلت مرحلة الغنائم وقطف الثمار بدون استعداد وتخطيط وتنظيم وبرمجة (ومنهم من يلمزك في الصدقات)، ولا أستطيع أن أجرح في أمينها العام، ولكنه بعيد عن قضايا الحكم، وطرح برنامج الهجرة إلى الله قبل فترة، والآن الناس يهاجرون إلى العصر الحجري، والشباب الآن ليست لديه أي عواطف للبقاء في البلد أو حتى المشاركة في ثورة أو إصلاح سياسي أو خلافه، وكلهم يريد أن يهاجر إلى أمريكا أو الخليج والانضمام للحركات المجاهدة.

ش – شاءت الأقدار أن تلتحق باكرًا بالحركة الإسلامية فماذا أضافت لك، وهل خصمت منك؟

شيء مهم جداً في حياتي ومؤثر، أنا مدين به للحركة الإسلامية، فقبل انضمامي لها ما كنت أعرف شيئاً عن الثقافة الإسلامية، والحركة الإسلامية سلَّكتني في مسالك الثقافة الإسلامية، وجعلتني أرتبط بالصلاة والصوم والمقاصد السياسية والعمل التنظيمي، ومن خلال تواصلها طفت على العالم الإسلامي، ومن داخل السجن تعرفت على الطبقات السياسية المختلفة، والحركة الإسلامية تحتل أكثر من 60%- 70% من الذاكرة، وعلَّمتنا العيش في الظروف المتقشفة والصعبة. ولم تخصم مني إلا في المجال الأكاديمي فأقراني أكملوا الجامعة في أربعة أعوام وأنا أكملتها في سبعة أعوام.

ص – صارت المواصيل بينك والحركة تبدو منعدمة، فهل ما زلت عضواً بها؟

صدقاً، لم أعد عضوًا بالحركة الإسلامية بالمعنى التنظيمي لا، وفارقتها منذ 1994م. فلا يمكن للابن أن يطلب من أباه أن يكون جندي مشاه، وهو ضابط عليه. ومنذ دخولنا الحركة الإسلامية قلنا إن الطاعة لا بد أن تكون طاعة مبصرة وليست عمياء، والحركة الإسلامية مشروع تفكير وتأملات وليست للحشد والتعبئة والولاء.

ض – ضاع حلمك ببناء نموذج سياسي وفكري ودعوي، راشد يرتكز على ثوابت الدين والمعرفة؟

ضلّت الحركة الإسلامية الطريق، ولم تعد على ذات النهج. ومنذ عام 1994م شعرت بأن القوالب التنظيمية بالحركة الإسلامية لا تسعني، ولم أطق التمثيلية الداخلية، وعندما كنت أذهب لاجتماعات مجلس الشورى أشعر بأنها صناعية وليست حقيقية وشعرت بأننا مساقون لاتجاه محدد وقبلة محددة وببوصلة محددة، وأنا لا أجيد المصانعة.

ط – طرقت أبواباً تبدو مغلقة في فترة التسعينيات، وتحدثت حول المسكوت عنه في العمل التنظيمي الذي يهيمن عليه الترابي؟

طاف بذهني أن آخذ مواقف مستقلة، وبالفعل كتبت مقالات عن التداول السلمي للسطلة والطبقة السياسية، واعتبرها إخواننا سابقة لأوانها. وللأسف كانوا يعتقدون أن بالشعارات يتعالون على أمريكا وأوربا، واستضافني المرحوم علي عبد الفتاح في حلقتين في التلفزيون القومي، تم بث حلقة واحدة والحلقة الثانية لم تبث حتى الآن. وقلت فيها باستحالة قيام دولة إسلامية مغلقة ومنعزلة عن العالم الخارجي، ولابد من توطيد العلاقات مع دولة الدولار بدل استعدائها.

ظ – ظهرت بعض التيارات الدينية والفكرية المتشددة، كيف تنظر لهذا؟

ظهور هذه الحركات المتطرفة، في اعتقادي هو نتاج للفراغ الذي تركته الحركة الإسلامية، مما أدى إلى بروز داعش والتكفيريين وغيرهم. والحركة الإسلامية كانت في الجامعات تصبغ المسار العام، وكانت تهتم بإصلاح الشأن السوداني الداخلي، وتضاؤل وانكماش الحركة الإسلامية أفسح المجال للتيارات المتطرفة من داعش وغيرها، وهي تيارات غير واضحة المعالم وليس لديها مشروع سياسي.

ع – على ذكر “داعش” كيف تنظر لتمدده وما كيفية نشأته؟

على عكس الكثيرين، تتملكني قناعة بأن “داعش” تكونت من القاعدة، والقاعدة هي انعكاس لتلاقح فكر الإخوان المسلمين مع السلفية الجهادية بالخليج، والملك فيصل لما حصلت محنة الإخوان في مصر استقطبهم للمملكة العربية السعودية ودخلوا الجامعات السعودية ووجدوا التيار السلفي الذي يدعو للتوحيد ونبذ الشرك ومحاربة البدعة والشيعة.

غ – غموض كبير يكتنف نشأة “داعش” وهناك من يرى أنها صنيعة غربية؟

غيرّ الإخوان – بعد استقطابهم بواسطة الملك فيصل – بعض المفاهيم، وقاموا بإعطاء بعد ثالث وهو إقامة الدولة الإسلامية والعمل السياسي ومواجهة الغرب، وأصبح مشروعاً، وعندما اندلعت الثورة الإيرانية، كان يُراد للمجتمع السني أن ينتصر على المجتمع الشيعي، وعندما اندلعت الحرب في أفغانستان ذهب المجاهدون إلى أفغانستان لتحريرها من الشيوعية. ودول الخليج دفعت الشباب للجهاد وأسامة بن لادن منهم.

ف – فعلاً هذا يبدو حادثاً، لكن أفكار “الجهاديين” لم تكن على النهج الحالي لـ “داعش”؟

في حقيقة الأمر، أنه عندما دخلت القاعدة إلى العراق لمجابهة المشروع الأمريكي، حصل فيها انقسام وظهر فيها مصعب الزرقاوي وآخرون، وهؤلاء شعروا بأنهم لا يمكن أن يتلقوا التعليمات من قيادتهم الموجودة بأفغانستان، وجاءت فكرة تكوين الدولة الإسلامية.

ق – قام تنظيم داعش على ثوابت ومفاهيم وطرائق إدارة تتنافى مع مفاهيم تنظيم القاعدة؟

قليلون يعرفون أن مشروع الدولة الإسلامية (داعش) هو تحالف كبير فيه جزء من الخارجين على القاعدة الزرقاوي والبغدادي وتحالف عرب السنة بالعراق وسوريا التي كانت رافضة للمشروع الشيعي وبقايا الإخوان المسلمين الذين شعروا أنهم فشلوا في إقامة مشروعهم الإسلامي الذي ينشدون، ولم يستطيعوا مجابهة المرحلة.

ك – كثيرٌ من الناس يشيرون إلى وجود تحالف بين داعش وبعض بقايا نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين؟

كنت – ولا زلت – على قناعة بمشاركة بعض الضباط السنيين الذين ذابوا بدخول الأمريكان وفقدوا مواقعهم في الجيش العراقي، في ظهور تنظيم داعش. فهؤلاء تواطأوا وسهلوا استلام الموصل بكنوزها ووجدوا فيها بليون دولار كاش وبلايين الدنانير وآثاراً وناساً متحضرين، ووجدوا أنفسهم لهم دولة وهي أصلاً في التاريخ كانت موجودة، وقاموا بإعادة هذا الإقليم الواحد من الرقة الشام إلى الموصل في العراق وأصبحت لهم دولة كبيرة وصنعوا لها عملة من الذهب.

ل – ليتك حدثتنا عن إمكانية زوال أو استمرار “داعش”؟

لا أعتقد أنها ستزول وأظن أنها ستستمر، وستكون محاصرة كما المشروع الإسلامي في السودان، وهي استفادت من الاحتقان وازدهار المشروع الشيعي والتواطؤ السني مع الغرب، وبذا استطاعت أن تكسب الذين يرفضون تحسين العلاقة مع الغرب ويرفضون المنهج الشيعي والشيعة.

م – ماذا تقول عن الأحاديث التي تجزم بأن داعش صنيعة غربية أو أنها مخترقة؟

ما من شك لديّ، حول أن داعش حركة مخترقة، وبها أكثر من خمسة آلاف عنصر من الغرب، وهؤلاء منهم على الأقل ألف عنصر استخباراتي غربي، وهؤلاء يشنون عليها حرباً نفسية ويمكن أن يفعلوا أي شيء حتى يحافظوا على بقائهم ولا ينكشفون، فيقطعوا الرؤوس ويحرقوا بالنار وهذه الممارسات تصادف هوى عندهم.

ن – نحى كثير من الشباب إلى الالتحاق بتنظيم داعش، كيف ترى هذا الأمر؟

نحن في السودان لسنا بعيدين عن الحركات الجهادية وهي موجودة في السودان، ولا ننسى حادثة غرانفيل وخلية الدندر وغيرها، ونحن ذهبنا وقاتلنا في أفغانستان والبوسنة والهرسك، وإذا كان الذين في جيلنا ذهبوا إلى أفغانستان فسوريا والعراق أقرب بكثير والمشتركات موجودة. و(داعش) تجربة جديرة بالقراءة، والواجب النظر لها بعين الاعتبار، ولا يمكن أن أشجع أحداً للانضمام لها.

ه – هل تستمع إلى الغناء، ومن من الفنانين تسمتع له؟

هناك مقدرات يتمتع بها الكاشف والكابلي جعلتني أطرب لهما، وجيلنا كان فيه محمد وردي وعثمان حسين.. وبالمناسبة أنا لست من هواة المدايح ولا أستمع لها.

و – وضِّح لنا وجهة نظرك عن الترابي، الصادق المهدي، الميرغني، صادق عبد الله عبد الماجد، وغازي صلاح الدين والشيخ محمد هاشم الهدية؟

واحدة من قناعاتي أن الترابي رجل له قدرات كبيرة، وله تجديد خصوصاً في مجال المرأة وغيرها، ولكن تقديراته السياسية كانت ضعيفة.. وأما الصادق المهدي فقد أتيحت له فرصة كبيرة، ولكنه الآن في التاريخ أكثر مما في المستقبل.. وأما محمد عثمان الميرغني فقد ظلم نفسه وظلم طائفته… وأما الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد فهو رجل مستقيم.. وأما دكتور غازي صلاح الدين العتباني فهو رجل مثابر.. وأما الشيخ محمد هاشم الهدية فهو رجل له سماحة من الأخلاق.

ي – يملك البروفيسور حسن مكي رؤية عميقة، فما هو رأيه في الإخوان المسلمون، والصوفية، والحركة الإسلامية، وجماعة أنصار السنة، والسرورية؟

يتملكني يقين بأن الإخوان المسلمون هي حركة مهمة وانطماس معالمها أدى لبروز الحركات المتطرفة.. وأما عن الصوفية فأنا مزاجي صوفي.. وأما الحركة الإسلامية فليتها تعود.. وأما جماعة أنصار السنة فقد اهتمت بجانب التوحيد.. وأما السرورية فلا أعرفها.

الصيحة

مكي1

مكي2


‫2 تعليقات

  1. بروفسور حسن مكى كنز من كنوز السودان . متقد الذهن . يحلل وكانه يقراء المستقبل من كتاب .