مزمل ابو القاسم

ناموسة في “ضهر” فيل


* حطت ناموسة على ظهر فيل فلم يشعر بها، وعندما همت بمغادرة ظهره الماهل قالت له: (يا الفيل اعمل حسابك.. أنا حا أطير)!
* تهديد الحزب الاتحادي الديمقراطي بمفارقة السلطة، والخروج من الحكومة، حال إقرار أي زيادات على فاتورتي الماء والكهرباء، لم يحظ بأي اهتمامٍ من الشارع السوداني، لأن الجهة التي أصدرت ذلك التهديد لا تمتلك تمثيلاً مؤثراً في الحكومة، وبالتالي لن يأبه لها أحد إن بقيت أو خرجت.
* بالمثل لن يحظى التلويح المذكور بأي اهتمام من المؤتمر الوطني، بعدما أعلن أمينه السياسي أن أمر الزيادات لم تعرض على أجهزة الحزب، وأن أي تصريح عنها (لا يمثل إلا الشخص الذي أدلى به).
* من تحدَّث عن زيادة فاتورة المياه وزير في حكومة المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم، ومن تحدَّث عن أمر زيادة فاتورة الكهرباء وزير مهم في الحكومة الاتحادية وينتمي إلى المؤتمر الوطني، بل يتربع على قمة أمانة العاملين فيه.
* علاوةً على ذلك كله فإن الوزير المعني حمل الخطة المقترحة (لتطوير مرفق الكهرباء) وذهب بها إلى رئيس الجمهورية (والمؤتمر الوطني) مباشرةً، وحصل منه على ضوء أخضر للتنفيذ، بشرط ألا تمس الزيادات الشرائح الضعيفة والمتوسطة.
* ذلك يعني أن (الموضوع منتهي)، وأن الزيادات آتية لا ريب فيها، ولو أنكرها المنكرون.
* مجريات الأمور تشير إلى أن المؤتمر الوطني نفسه لا يستطيع أن يوقف تلك الزيادات إذا أراد، لأنها تخطته فعلياً إلى مستوىً أرفع، علماً أن قياديي الحزب في ولاية الخرطوم أكدوا أن زيادة تعرفة المياه (بنسبة مائة في المائة) أجيزت مسبقاً في المجلس التشريعي السابق للولاية، وبالطبع فإن المؤتمر الوطني كان (وما يزال) يمتلك أغلبيةً مطلقةً في المجلس المذكور، فإن كان الحزب لا يعلم شيئاً عن أمر الزيادات بعد ذلك كله فأنعم به من (كومبارس)!
* لا المؤتمر الوطني، ولا البرلمان ولا غيرهما يستطيع إيقاف زيادات أصبح أمر سريانها مسألة وقتٍ لا أكثر، وكل ما يدور عنها حالياً لا يتجاوز محطة تسويقها والترويج لها، لتخفيف وقعها القاسي على المواطنين.
* تمت زيادة أسعار القمح، وارتفع سعر الخبز فعلياً، وفي الطريق زيادة مؤكدة على تعرفة الكهرباء، وزيادة بنسبة مائة في المائة على فاتورة المياه، ولن نستبعد أن يتحول الحديث الهامس عن تحرير تعرفة المواصلات، وتركها لآلية السوق إلى واقع ملموس (بأعجل ما تيسر).
* من الواضح أن الحكومة حزمت أمرها على تحرير قطاع الخدمات بالكامل، وأنها ناشطة في تسويق التحول الجديد، ومجتهدة في تبريره، وإن كان ذلك يتم بعشوائية مقيتة، وبطريقة مستفزة للقطاعات المسحوقة، وهي تمثل غالبية الشعب السوداني، باعتراف الحكومة نفسها.
* لنأخذ الحديث الذي يتردد يومياً عن أن كلفة إنتاج المتر المكعب من المياه تبلغ جنيهين، وأنه يباع للمواطن بخمسة وسبعين قرشاً، ونذكر أن من يرددون ذلك الحديث الفارغ لم يقدموا أي دراسة علمية، ولم يستدلوا بأي أرقام موثوقة ليثبتوا بها صحة ما يزعمون.
* هب أن ذلك صحيح، وأن الكلفة التي يتحدثون عنها صحيحة، فما الغريب في أن تدعم الحكومة مواطنيها، وتقدم لهم مياهًا نظيفة بسعرٍ مدعوم، طالما أنهم يدفعون لها الضرائب والزكاة والعوائد والعشور، وينشطون في دفع أكثر من ستة وثلاثين ألف نوعٍ من الرسوم؟
* المواطن الذي يمتنون عليه، ويعايرونه بشراء الماء والكهرباء بسعرٍ مدعوم، يدفع قيمة كل تلك الخدمات مقدماً لوزارة التخطيط العمراني، قبل أن يتسلم أرضه، ويدفعها سنوياً على هيئة (عوائد) تفرض على كل دار، ويدفعها مرة ثالثة بإلزامه بدفع قيمة توصيل الخدمات إلى داره، ويدفع رسوماً بعدد شعر رأسه عند كل حركةٍ وسكنة، ويمول مخصصات آلاف الدستوريين، فماذا يضيرهم لو وفروا له الماء والكهرباء بسعرٍ مدعوم؟
* قبل أيام صرح أحد مسؤولي قطاع المياه مؤكداً أن شركة الكهرباء تشاركهم بأخذ نسبة من قيمة فاتورة المياه، نظير تحصيلها من المواطنين، فانظروا وتأملوا كيف يتعاملون مع المواطن باعتباره بقرةً حلوب يتناوبون في عصر ضرعها حتى يصيبه اليباس ويتشقق.
* لو كانت الحكومة تنفق نصف الأموال التي تجنيها من المواطنين على قطاع الخدمات لأصبحنا أفضل من دول الخليج في كل الخدمات الأساسية، ولتمكنت الدولة من ضخ السمن والعسل للناس في حنفيات المياه!
* أما تهديد الحزب الاتحادي الديمقراطي بالخروج من الحكومة، حال إقرار الزيادات، فتنطبق عليه قصة الناموسة مع الفيل!
* المؤتمر الوطني لن يأبه (للاتحادي) إن بقي، ولن يشعر به إذا طار!
* علماً أن مجريات الأحداث أكدت أن (الفيل) نفسه لا يعلم شيئاً عن الزيادات، ولن يستطيع إيقافها لو أراد!
* أفضل ما أنتجته قضية زيادات فواتير الماء والكهرباء أنها أثبتت للناس حقيقة أن أحزاب (الفكَّة) لم تعد مصنفة في خانة الكومبارس وحدها، وأن الحزب الحاكم صار أكبر وأضخم (كومبارس) في الساحة السياسية السودانية حالياً!


تعليق واحد

  1. يا مزمل المنطق وقول الحق لا يحتاج الى الاساءة وساقط القول
    اتفق معك ان الموتمر الوطنى هو القابض على كل الامور ولكن الافضل قول دور الاحزاب الاخرى واثرها
    بالواضح وذلك ليس فى حدث واحد بل فى الممارسة السياسية برمتها