هيثم كابو

ذوبان كامل


* برغم تاريخه التليد وجذوره الممتدة في باطن الأرض وأثره الفاعل في صياغة الوجدان السوداني منذ قديم الأزل، ورفده للساحة الفنية بأعذب وأجمل الأصوات إلا أن (فن الغناء الشعبي) بدأت أوراقه في الذبول وأخذ نجمه في الأفول.
* قلنا من قبل إنه لا وجود لهم بساحة (الفن) البتة.. ولم نسمع لهم في الآونة الأخيرة أي (غناء).. ولا جديد يذكر لديهم حتى يتفاعل معهم أبناء (شعبي).. فمن يا ترى أعطى (اتحادهم) الآن حق التعريف عن نفسه باسم: (إتحاد فن الغناء الشعبي)..؟!!
* أسئلة تحتاج لإجابات عاجلة:
كم هو عدد فناني الغناء الشعبي الآن..؟؟ وهل لهم نشاط فاعل؟.. وهل هنالك أغنية شعبية بالمفهوم الذي كان متعارفاً عليه في زمن الفنان الفلتة الراحل المقيم محمد أحمد عوض والمبدع الراحل صديق الكحلاوي؟.. إنها تساؤلات شخصت أمام عيني وتلقفها قلمي بسرعة ووجدت نفسي أختزل الإجابة عليها بعبارة من أربع كلمات:
(كان اسمه الغناء الشعبي)..!!
* بعض محاولات التجديد من قبل أصوات شابة تردد أغنيات شعبية لا تسد الفراغ الذي أحدثه الغناء الشعبي بالساحة الفنية.
*حفرت حنان النيل في الوجدان عميقاً لذا يصعب نسيانها وإن اعتزلت الغناء منذ سنوات وإن حدث ذلك لا قدر الله فإنك سريعاً ما تتذكرها كلما تسمع عبارة تقول: (علامة الذوق الرفيع).
* الذين يتساءلون عن سر تبخر أغنية (جناي البريدو) بسرعة الإفلات رغم الرواج الذي أحدثته عند ظهورها، ينبغي عليهم إدراك حقيقة أن ذاكرة المستمع (تفرمط) كل عمل عابر ولا تحفظ سوى رصين الغناء، فالفقاقيع تتلاشى والزبد يذهب جفاء..!
* كل من كان يصنف (جناي البريدو) من أغاني الدلوكة ربما اختلط عليه الأمر فهي من الأعمال التي يمكن أن تحتفظ بها إنصاف مدني في (شنطة أداء ستاتي) ولكنها لا يمكن أن تنال شرف أغنيات السيرة والدلوكة ذات الإيقاع الصاخب والهدير العاتي.
* لا علاقة البتة كما قلنا من قبل بين (دلوكة) محجوب كبوشية مثلاً، و(دلاليك) طه سليمان.. (وهذا الأمر لا يحتاج لتوضيح وبيان)..!!
* (دلوكة محجوب كبوشية) تعني (خمج أم هُبك) وغناء الحماسة وعرضة الفرسان والفراسة و(دق السيطان) وزغاريد النسوان في (البُطان)، بينما (دلوكة طه سليمان) ما هي إلا مجرد تقليد أعمي وأطرش لإنصاف مدني بأغنيات يمكن أن تجلب فقط لصاحبها السخط العام و(عدادات وشوية قروش)، ولا فرق بينها وبين أغنيات (رقيص العروس)..!
أنفاس متقطعة
* مصيبة بعض البرامج التلفزيونية أن القائمين على أمرها يعتقدون أن معظم المغنين السودانيين يجيدون الحديث في قضايا الموسيقى والفنون، والواقع يقول إن للحديث حناجر مثلما للغناء مطربون.. (ولكن البعض يسعى لكسب كل الأشياء فإذا به يسقط في امتحان الكلام ويخسر تجويد الغناء..!!).
* إن كان الفنان الهادي الجبل مُقصراً في حق نفسه كمطرب، فإن الساحة الفنية مُقصرة في حق الهادي الجبل (الملحن) الذي يتمتع بقدرات لحنية مذهلة و(خرافية).. مشكلتنا أننا لم نكتشف (الملحن) الهادي الجبل بعد ولم نعرف جماليات أنغامه، لذا لم نستفد منه بالصورة المثلى، وما أحوجنا إلى ألحانه في ظل ما نسمعه من أعمال متشابهة أفضل ما يميزها الاجترار و(الفقر النغمي) والاستسهال والتكرار..!!
* لو لم يلحن الهادي الجبل أغنية سوى (المدينة) لكفته وشهدنا له بالعبقرية..!
نفس أخير
* ولنردد خلف أمل دنقل:
سيقولون: جئناك كي تحقن الدم.. جئناك. كن – يا أمير- الحكم
سيقولون: ها نحن أبناء عم.
قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة في من هلك وغرس السيفَ في جبهة الصحراء
إلى أن يجيب العدم.. إنني كنت لك فارسًا، وأخًا، وأبًا، ومَلِك!


‫2 تعليقات