صراعات العاصمة.. حلايب أخرى.. حتى أنت يا عراق..؟!

في الولاية..
> الأحداث القبلية التي دهمت الخرطوم، طبيعية ومتوقعة طالما أن قضايا ملكية الأرض والانتفاع منها والتحيزات القبلية والولاء لآصرة الدم أقوى من أي شيء آخر في بلادنا. فالريف الجنوبي والشمالي، ليسا استثناءً عن بقية مناطق السودان، لكن المحزن أنه الأقرب لمناطق الوعي والمدنية، وكان ينبغي أن تعالج مشاكله وهمومه بطريقة تختلف عن ما يجري في أجزاء أخرى عُرفت بالنزاعات والصراعات الدامية، خاصة بين قبائلها.
> السيد والي الخرطوم يستطيع التعامل مع هذه القضايا والمشاكل وحلها بحكمة وسهولة، فهو قد اكتسب خبرة طويلة في إدارة ملفات مثل هذه عندما كان وزيراً للداخلية والدفاع، وسبق أن تعاطى بشكل مكثَّف مع قضية دارفور عندما أضيفت إلى مهامه في النصف الثاني من العقد الماضي، مهمة ممثل رئيس الجمهورية لولايات دارفور، وطاف في تلك الأيام كل بقاع دارفور التي كانت قد تأججت نزاعاتها القبلية وزادت اعتداءات الحركات المتمردة على الأهالي، وعرف ما هي أسباب النزاعات والاحتكاكات التي تحدث بين القبائل بسبب الأرض أو المراعي أو اشتداد التعصُّب للقبلية دون رشد، وطغيان هذا الشعور الجمعي السالب الذي يدفع أبناء كل قبيلة إلى الصدام والمواجهات وتبني وجهات نظر كان يمكن ألا تقود إلى الاحتراب.
> بهذه الخبرات المكتسبة، يستطيع والي الخرطوم ابتداع وابتكار وسائل لحل النزاع الذي يحاصر الولاية من طرفيها الشمالي والجنوبي، وينبغي للمتعلمين والخبراء والإدارات الأهلية ووسائل الإعلام أن تقدم أنموذجاً لبناء كيفية المساهمة في الوصول الى وضع نهاية لمثل هذه الصراعات، وهي لا تختلف عن صراعات المناطق البعيدة عن عاصمة البلاد.
> فما يجري بالولاية هنا تحت أنف الحكومة الاتحادية وسمعها وبصرها.. فنحن جميعاً أمام صورة شائهة في عاصمة البلاد، فليست مهمة حكومة الولاية وحدها، بل هناك عشرات النُّظار والزعماء والسلاطين ومجالس شورى قبائل السودان كله يقيمون بصورة دائمة وغير دائمة في ولاية الخرطوم، ولديهم علاقات وتجارب وصلات تمكنهم من قيادة مبادرات صلح وتقديم النصح لكل الأطراف حتى تخرج الولاية الكبرى من هذه المحنة الطارئة.
الحدود السودانية المصرية.. حلايب أخرى!
> تقارير خطيرة من شهود عيان في المنطقة الممتدة من حدود ولايتي نهر النيل شمالاً والولاية الشمالية حتى ولاية البحر الأحمر، في مناطق صحراوية نائية، يتحدثون عن انتهاكات واختراقات خطيرة في حدودنا مع مصر، حيث يتجاوز التدخل المصري إلى داخل العمق السوداني قرابة المائة وخمسين كيلومتراً ومائتي كيلومتر وتزيد. وتتواجد القوات المصرية بكامل عتادها داخل الأراضي السودانية وتفرض أتاوات على المعدِّنين التقليديين في بعض المناطق النائية التي لم تصل إليها السلطات المحلية في يوم من الأيام.. والأخطر من ذلك إنه تتم عمليات قبض وتوقيف واعتقال بصورة مستمرة من السلطات المصرية على المواطنين السودانيين، ويجبر بعضهم على تسليم ما لديه من ذهب ودفع رسوم باهظة، وتم اختطاف عدد كبير منهم واحتجازهم.
ظهر جزء من جبل الجليد في هذا الاحتجاز القسري، في قضية الصيادين المصريين مؤخراً.
> بعض المعلومات تشير إلى وجود تنسيق سوداني مصري، لضبط الحدود ومحاربة التهريب والاتجار بالبشر، ربما يكون هو السبب في التواجد المصري على الأراضي السودانية، لكن هذا الأمر الذي نتحدث عنه، لا علاقة له بذلك. فطبيعة التواجد المصري والتحركات في أماكن التعدين والعامل مع المعدنين يختلف تماماً عن عمليات ضبط الحدود ومنع المهربين والهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات والأسلحة.
> وحتى نكون أكثر تحديداً، الحديث يدور حول مناطق(أونيفي، جبيت المعادن، وديت، والعلاقي، ونوراييت) بولاية البحر الأحمر، وجزء من أراضي الولاية الشمالية وجيوب صغيرة نائية شمال ولاية نهر النيل. ويحكي المواطنون عن ما يجري في هذه الأصقاع القصية البعيدة عن التواجد الرسمي السوداني، فهذه القضية لم تعد سراً، وتحتاج من الدولة لتكثيف وجودها وحسم هذه التدخلات حتى لا تكون هناك حلايب أخرى..
حتى أنت يا عراق..؟
> تقارير اقتصادية تصدرت الأخبار في وسائل الإعلام الخارجية تتحدث عن أزمة الكهرباء في بلدين ما كان يمكن أن يحدث فيهما نقص هائل في خدمات الكهرباء، فالعراق ومصر يواجهان أزمة حادة تكاد تفوق ما نعانيه نحن في السودان، ولم تجد الحكومة العراقية لبلد كان يعد الأول في الوطن العربي في عهد صدام حسين في تدني قيمة الخدمات الكهربائية، ومن أكبر منتجي النفط في العالم، لم تجد حكومة بغداد علاجاً غير زيادة نسبة الكهرباء بعد أن أنفقت «45» مليار دولار في الصيانة وتحديث الشبكات والتوليد الحراري والمائي خلال الفترة الماضية، وزيادة الكهرباء في العراق قد تصل إلى نسبة عالية بجانب المضي في سياسة رفع الدعم..
> في مصر رفعت الحكومة أسعار الكهرباء بنسب 19% وتعتزم رفع الدعم كلياً في بعض القطاعات السكنية والصناعية مع مراعاة الفقراء ومحدودي الدخل، وتواجه الحكومة معضلة كبيرة، فقد صرفت العام الفائت عشرين مليار دولار على قطاع الكهرباء، ورغم ذلك لم تتحسن الأوضاع.
> مشاكل تواجه إثيوبيا وإرتيريا وكينيا وأوغندا، وفي بلاد أخرى خارج القارة الأفريقية، حيث باتت الطاقة ومصادرها تمثل عبئاً ضخماً على الحكومات، بارتفاع كلفة توليدها..
> لسنا وحدنا.. لكننا نحتاج لأي علاج مختلف لن تكون آثاره الجانبية أكثر ضرراً، لربما تنتج العبقرية السودانية حلولاً أفضل مع التوازن ما بين زيادة الأسعار وعدم الضغط على المواطن ..

Exit mobile version