لبنى عثمان

مجرد.. وعود


* أوراقي البيضاء حرت كثيرا ماذا أكتب فيها.. فقد توقف حبري عن الكلام.. كلماتي مكدسة منذ أيام في الذاكرة.. حرت لمن أرصفها.. وكيف أرتبها وبأي شكل أرسمها.. كل تلك الأحاسيس انتابتني ﻷنني في البعد أركن.. فالبعد غربة.. والغربة شتات وضياع وألم وخذلان.. تشتت روحك ما بين لوعة الحنين ولوعة شوق.. تظل راسخة بين طيات الزمن.. وضياع لرونزامة العمر في دهاليز غربة تأكل كل أخضر ويابس في حياتنا.. ألم يظل يغزو كل خلية في جسد أرواحنا يعتصرها.. فيوجعها حتى تستنطق كل زفرات الوجع..

* جميعا ننتظر العيد.. ﻷنه يمثل لنا فرحة.. ولكن أحيانا للعيد في أعماق البعض منا غربة لا نستشعر عمقها فينا إلا ليلة العيد.. ففي ليلة العيد يصحو فينا من الأحزان والذكريات مايفسد علينا بهجة العيد.. وكأن ريحا ما تهب علينا فتزيل الغبار عن الكثير من التفاصيل والكثير من الوجوه وكم هائل من الاصوات فتصبح في ليلة العيد في مواجهة موجعة تعتصر وجداننا لكثير مما فررنا منه وتجاهلنا وجوده فينا.

* أدركت أخيرا.. أن الحقيقه التي أتلمسها هي أنه لايوجد بشر أهداني وعدا ملموسا.. فكل الوعود التي أحتفظ بها في خزانة عمري.. كانت عبارة عن كتلة هواء فاسد.. أو قطرات ماء مالحة غير صالحة يتغير حجمها ولونها مع مرور الأيام كثيرا.. لهذا لم أمسك عقد امتلاكها يوما.. ولم تبق في يدي فترة طويلة.. وكلما أغلقت إحكام قبضة يدي للاحتفاظ بها لم أمسك إلا بكتلة هواء.. أو بعض قطرات ماء شارد.

* فكل امرأة تؤمن أن الوعود كوردة.. تخسر كثيرا ويخيب ظنها سريعا ﻷن الورود تذبل سريعا.. ككل الحكايات المعطرة برائحة تلك الورود.. تتلاشى بذبولها تماما.. كذلك معظم الوعود في حياتنا مصيرها التلاشي.. لذلك أرض الواقع ليست صلبة.. بل هي رخوة أكثر من اللازم.. لهذا نتساقط عليها نحن البشر كثيرا.. وحين نسقط فإننا نحتاج إلى الكثير من الوقت للنجاح في محاولة الوقوف مرة أخرى.. ونعود غالبا بالدموع وقليل من الندم ممزوج بشحنة ابتسامة تتلمس بعض الامل لتشعل به الشموع.. ونقترب حتى ننسى الألم من قلب مفجوع ووحدة لأجل العدم..

* ونتمنى لو أن هناك من يقاسمنا مابين الضلوع.. بلا دموع وبلا ندم.. ونجعل نبضه لأجلنا دوما مسموعا لتكون لنا القدرة على ترجمة مشاعرنا في كل حين.

* أتدري..؟

في أوراقي البيضاء.. كنت أريد أن أكتب لك فيها أغنية جديدة.. وفي لوحاتي أردت أن تظل ملامحك راسخة في أركان مرسمي لأيام عديدة.. وفي دواخلي.. أردت أن تشاطرني هموم أيامك.. وﻷكشف لك عن موهبتي في قرأءة ما تقوله عنك مشاعري.. فقط.. لأسعدك..

* أعدك.. نعم أعدك.. أن أحلم لك.. وأتمنى.. برغم يقيني أن كل الشموس التي سأرسلها إليك كي تمنحك الدفء في الشتاء لن تصلك.. وكل الشموع التي سأبعثها إليك كي تمنحك النور في الظلام لن تصل إليك..

* آخر الوعود

تمنيتك..

أنفاسي رئتيك.. فلا تقطع أهم مصدر في حياتي.

أتمنى وعدك.