عثمان ميرغني

حالة.. إحالة..


جالكم كلامي .. نصحتكم كثيراً وقلت لكم أحرصوا على قراءة (مابين السطور) في الصحافة السودانية.. فالحقيقة مخبوءة هناك.. ما وراء السطور..
أول أمس نقلت الصحف تصريح نائبة رئيس البرلمان قولها أن السيد محمد الحسن الميرغني من أولياء الله الصالحين ويستطيع بـ(معجزة) حل كل مشاكل السدوان خلال ما تبقى من (181) يوماً التي وعد فيها بحل معضلات السودان.
أمس.. خبر رئيسي في الزميلة صحيفة (السياسي) يقول (عاملون بالبرلمان: المجلس مسكون)..!!
و(مانشيت) الزميلة صحيفة (ألوان) أمس يقول (نواب: نشفق على حال المسؤولين من يوم الحساب).
هل لاحظتم العامل المشترك بين هذه الأخبار؟
قاسمان مشتركان بينها.. الأول هو البرلمان..والثاني هو (حالة الإحالة)..
نواب الشعب الذين دفعنا (800) مليار جنيه لانتخابهم.. ثم ندفع لهم من حر مال فقرنا المدقع مرتبات ومخصصات باهظة شهرياً.. قرروا (إحالة أوراق الحكومة) إلى (يوم الحساب)!! .. ولم أقل (إلى المفتى)..
عندما يقول نائب برلماني أنه يشفق على حال المسؤولين (من يوم الحساب)!! فهو يقدم استقالته.. يتخلى عن دوره في الرقابة وتمثيل الشعب في الحفاظ على مصالحه. ويحيل أوراق المسؤول إلى (يوم القيامة)..
نعم (يوم القيامة) حق وفيه حساب يصل لدرجة( ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره.. ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره)… لكن الأعمال في الدولة تخضع لميزان الحياة الدنيا.. الحساب هنا قبل الآخرة.. حتى لا ينتظر الشعب إلى يوم القيامة لإصلاح حاله..
وحتى لا ينظر البعض لما قاله النائب المحترم على أنه مجرد (خفة دم!) لم تكن في سياق يعتد به.. يجدر قراءته مع تصريحات نائبة رئيس البرلمان (الكبير شخصياً).. التي أسندت خطة الـ(181) يوماً التي تعهد بها السيد الحسن الميرغني للشعب السوداني.. أسندتها إلى (معجزة) مستمدة من (كرامات) السيد الحسن.. كأني بها تطلب من الشعب السوداني إلغاء كل مفردات الواقع (الواقع أرضاً) والتعويل على (معجزة) من رحم الغيب..
وطالما أن قيادة البرلمان تنتظر(المعجزة) .. ونواب المجلس التشريعي في الخرطوم ينتظرون(يوم الحساب).. فالأجدر بالعاملين في المجلس الوطني فعلاً -كما قالت صحيفة السياسي- أن يتقدموا بشكوى من(الجن) الذي يشاركهم في مبنى البرلمان بالتحديد في طابق(البدروم) والبلكونات.. على حد ما ذكر الخبر..
وربما يظن القارئ أن أمثال مثل هذه الأخبار هي مجرد(شطحات) نابعة من روح صوفية مستغرقة في النفس السودانية.. لكنها غير ذلك تماماً.. هي تكشف إلى أي مدى(انجذب) العمل العام .. حالة استغراق في الغرق..
كبار الموظفين يلجأون إلى الشيوخ ليحموا بهم ظهورهم.. و(البخرات) والبخور تملأ دواوين الحكومة.. والفرق الرياضية تعتمد على (أناطينها) أكثر من مدربيها ومحترفيها..
(حالة إحالة) كاملة.. تعتري البلاد..!!


تعليق واحد

  1. البصدق انو ديل نواب او يعترف بالطريقه الجو بيها مفروض يصدق ما يقوله