ضياء الدين بلال

(حقنة) !


كنت في مرافقة مريض من الأعزاء في إحدى المستشفيات الخاصة، وصلت لقناعة عملية بوجود أزمة خطيرة في الدواء!
قرأت كثيراً من الأخبار عن ندرة الأدوية، وكلفت عدداً من المحررين لإجراء تحقيقات صحفية عن أزمة الأدوية، لم أكن أتوقع أنها وصلت لهذا الطور الخطير.
لأكثر من ساعتين ظللت أبحث عن حقنة لإيقاف “التقيؤ” ولم أجدها، أحد الصيادلة أسر لي بوجودها في صيدلية محددة بالاسم ثم قال لي : (معليش يا أستاذ سعرها حيكون غالي شوية لأنها قاطعة)!
ألجمتني الدهشة قلت “هل وصل بنا الحال مرحلة دخول الأدوية إلى السوق الأسود؟”!!
في اليوم الثاني كان عليَّ القيام برحلة بحث شاق عن (حقنة شرجية)، هي كذلك معدومة تماماً حتى في صيدلية الإمدادات الطبية!

أخيراً وجدتها ولكن مخصصة للصغار ومريضي على تخوم السبعين وكان الرد من الصيدلي : (للأسف ما عندنا غيرها، في فتيلين فقط)!
صديق قال لي إنهم اضطروا لإحضار أدوية منقذة للحياة لمريضهم من خارج السودان وهو طريح العناية المكثفة بأحد المستشفيات الخاصة، فإذا بالممرضين يطلبون منهم-على حكمة الفقرا اتقسموا النبقة- إعطاء مريض آخر (حبة أو حبتين عشان ما بقدر يجيب الدواء من الخارج)!
هذه الحقن الضرورية التي ظللت أبحث عنها ليومين كانت في حقب ما قبل البترول متوفرة حتى في المراكز الصحية الريفية!
الإمدادات الطبية خط الدفاع الأخير غير قادرة على توفير أدوية قليلة التكلفة وضرورية لحياة المرضى!
لماذا لا تُهدم مباني الإمدادات كذلك لتحول مساحة الأرض لحدائق مزهرة؟ إذا لم تصلح للزهور فزراعة البصل أنفع وأجدى ولا يخلو من الفوائد الصحية!