الصادق الرزيقي

هل يملك إجابات؟


> لا تحتاج البيئة السياسية التي تُهيِّئ لنجاح الحوار الوطني إلى شهادة واعتراف وترخيص وإذن عبور من السيد ثامبو أمبيكي رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى التي تقوم بدور الوسيط في قضايا السودان المختلفة، من تفاوض في المنطقتين، إلى الحوار بين الحكومة ومعارضيها. فالبيئة السياسية الإيجابية والصالحة، يحسها المواطن السوداني ويتعاطى معها المجتمع السياسي في حال أقدمت الحكومة على خطوات إيجابية، هي مطلوبات الوفاق والحوار. فالإصلاح السياسي والاقتصادي الذي وعد به المؤتمر الوطني ونادت به الحكومة لحظة إعلان الرئيس للحوار الوطني، إذا تم تطبيقه، يكفي لإصحاح البيئة السياسية ويدفع بقوة تجاه ما نصبو إليه جميعاً في لم الشمل السياسي والاستعاضة بالتحاور عن العنف وحمل السلاح والتمرد على الدولة.
> ستواجه السيد أمبيكي لدى قدومه الخرطوم مثل كل مرة أسئلة لا يستطيع هو وحده الإجابة عنها. فالمعارضة السياسية أو المسلحة التي تتمرد على الدولة، بينها والحكومة جدار سميك من عدم الثقة، وتتشكك في صدقية كل خطوة تقوم بها الخرطوم الرسمية، وتنظر بنوع من الريبة في الترتيبات الجارية بشأن الحوار الوطني وخارطة الطريق التي وضعتها لجنة «7+7» التي تضم الحكومة والأحزاب المنخرطة في عملية الحوار.
> لقد تأجلت عملية الحوار وانعقاد مؤتمره العام لما يقارب العامين، دون مبررات مُقنعة تركزت جُلَّها في الجوانب الإجرائية والمواقيت المضروبة، دون أن يدخل الحديث والنقاش «اللحم الحي»، فآلية
> «7+7»، أعدت عدة تقارير، من بينها تقارير الاتصال بالحركات المتمردة، لكن هذه التقارير شبه نشاط لجنة الاتصال بالحركات المسلحة التي يقودها رجل الأعمال والبرلماني صديق ودعة، والتي تكونت قبل سنوات وحتى اللحظة لم تُثمر أعمالها في إقناع الحركات المتمردة في دارفور بقبول وثيقة الدوحة والجنوح للسلام.
> مثل هذه التقارير التي تعدها آلية «7+7»، تفتقر للمصداقية الكاملة، إلا ولم تخاطب أمهات القضايا وتصل إلى نقاط حاسمة حيالها. فهناك أزمة في إقناع بعض الأحزاب السياسية المعارضة، وهي تنظر بنوع من التشكيك وعدم الاقتناع بما تقوم به الحكومة بشأن استحقاق الحوار وتهيئة مناخاته، خاصة في ما يتعلق بالحريات السياسية والمبادرات العملية لوقف النزاعات والحروب واستعادة الثقة. فإذا كانت الأحزاب المعارضة لا تأبَّه بالكثير من أدبيات لجان وآليات الحوار، فما بالك بالحركات المتمرة التي لم تبدِ أية قناعة في وقت من الأوقات، بعملية الحوار والحلول السلمية ..!
> كل شيء يحتاج إلى إجابات عملية واضحة من الحكومة، يستطيع الوسيط الأفريقي ثامبو أمبيكي التحرك في إطارها وإقناع كل الأطراف في الداخل والخارج ومن وقف وراء النشاط العسكري المعارض أو يحرض القوى السياسية المعارضة أن هناك تغيير في الخرطوم، ويمكنه التأكيد على أن الطقس السياسي داخل السودان دافئ وممطر، تتلطف أجواءه بغمامات من الثقة المتبادلة.
> لا يستطيع السيد أمبيكي تحريك عملية السلام ولا الحوار دون أن يضع قدميه على أرضية صلبة وقاعدة قوية ينطلق منها، فليس بالشعارات والتعابير والخطب الرنانة المرسلة تُبنى عملية الحوار، فلابد من تقدم إلى الأمام وفي الأيدي أفعال ملموسة وإدارة فعالة تصنع الواقع السياسي الجديد الذي نتطلع إليه جميعاً حكاماً ومحكومين.. إذا كنا نعاني اليوم من ظروف ضاغطة في الخدمات والوضع الاقتصادي بكل تعقيدات صورته الراهنة، فإن فاتورة السلام والاستقرار السياسي والاقتصادي، يجب دفعها من رصيد الحوار والتصالح والوفاق والوئام بيننا كسودانيين، ولا يمكن صناعة سلام واستقرار والبلاد تجابه الحروب والنزاعات والصراعات والتآمر الخارجي. فكل هذه تقابلها التزامات واجبة السداد من كل الأطراف حتى نخرج من النفق المظلم ونصل إلى الضفة الأخرى من الموج المتلاطم من الأزمات والقضايا.
> نأمل ألا تكون زيارة السيد أمبيكي كسابقاتها، فإن كان سيجلس في نهاية المطاف عند خاتمة زيارته ويديه فارغة من أية نتائج وثمار وطحين.. فلا فائدة. المهم أن يضع النقاط فوق الحروف ويملأ وفاضه من الإجابات عن الأسئلة الصعبة التي سيواجهها عن أسباب تعثُّر قطار الحوار والوفاق الوطني السوداني، ونأمل ألا تكون إجابته إنه قدم لمساعدة السودانيين في دفع أزماتهم ومشكلاتهم، فلم يجد المعاول وأدوات الحفر ..!