تحقيقات وتقارير

النائب البرلماني .. أونلاين و(متصل الآن)


ثمة إتجاه داخل البرلمان لتزويد النواب بأجهزة (آيباد) أو (لأب توب)، وربطها بالوزارات لتمكين أعضاء المجلس الوطني من متابعة أداء الوزارات والإطلاع على المعلومات المطلوبة وتكوين فكرة عن الموضوعات التي يرغب النواب في استدعاء ومساءلة الوزير المعني عنها، الأمر الذي طرح إستفهاماً على منضدة المجلس الموقر، هل بإمكان جميع نواب المجلس التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، وما هي المعايير التي من خلالها تتم عملية إختيار النائب البرلماني، ففي بعض الأحيان ربما يعزف المواطنون عن المشاركة في أنشطة الحياة السياسية لشعورهم بأن تصويتهم لمرشّح ما سيكون كعدمه، أو أنه سيمارس دوراً شكلياً لإكمال نصاب المجلس المنتخب له فحسب، لهذا تمثل نقطة معايير اختيار النائب البرلماني وسُبل تقييمه قبل التصويت لصالحه أهمية كبرى يجب مراعاتها من جانب الحزب السياسي قبل الدفع بمرشحه.

حتى يدرك الناخب قيمة صوته الانتخابي وأهمية ترشيحه لنائب ما، من خلال إدراكه للدور المحوري الذي سيقوم به داخل المجلس الوطني، ومدى تأثيره في مسيرة العمل العام، وربما يجد الناخب سهولة في الحكم على مرشّح فاز بالفعل بدورة سابقة، وذلك من خلال التقييم الفعلي لأدائه أثناء فترة وجوده بالبرلمان، وبالتالي يكون من حقه الترشح مرة أخرى باعتبار أن (ماضيه يزكيه)، لكن يبقى السؤال كيف تتم عملية اختيار النواب الجُدد من قبل الأحزاب لدفع بهم كمرشحين عنها في الانتخابات، بعد أن أصبح التعامل داخل المجلس الوطني بأجهزة التكنولوجيا الحديثة (الآيباد) و(اللابتوب).. القيادي بالمؤتمر الوطني د. ربيع عبد العاطي ابتدر حديثه لـ(ألوان) بأن عملية إختيار النواب هي مسألة مخلوطة جداً في الكليات الشورية المصنوعة داخل الحزب، مبيناً أن الترتيبات التي أجريت من القواعد في اختيار النواب الحاليين للبرلمان التي تمت مراجعتها من قبل قيادة الحزب لم تكن كاملة ولن نستطيع القول بأنها أصابت، مشيراً إلى أن المعايير التي اتخذتها لجنة الاختيار اعتمدت على الكفاءة والقدرة والشخصية، لكن الكليات التي ساعدت في عملية الاختيار نفسها لم تكن مؤهلة بحسب ربيع الذي أكد في حديثه أن الأسماء التي تقود المجلس الوطني الآن كانت نتيجة لجهود مختلفة، وقال بخصوص تراجع المؤتمر الوطني عن شرط المؤهل الأكاديمي لمرشحيه بترشيحه لـ«أميين» وخريجي محو الأمية وخلاوى، أن بعض المناطق فيها رموز اجتماعية ورموز ثقافية ليس من الضروري أن يكون تعليمهم تعليم نظامي، ضرباً المثل بالمصري العقاد، ومبيناً أن الشعبية التي يتمتع بها أولئك المرشحون وسط قواعدهم قد تلعب دوراً مهماً في المصالحات القبلية وإرساء التعايش السلمي.

في مقابل ذلك يرى المحلل السياسي د. عمر حمد حاوي أنه من المفترض أن يكون الشخص الذي يتم اختياره للبرلمان مؤهلاً لذلك، وهذا من الناحية النظرية، لكن من الناحية العملية هناك موازنات عديدة تتحكم في عملية الاختيار أهمها الجماهيرية التي يتمتع بها الشخص في دائرته ومؤكد أن كل حزب سيقدم الأكثر شعبية في الدائرة المعنية رغم أهمية المؤهل العلمي الأكاديمي في هذه العملية، وهو ذات الأمر الذي أكده بعض المراقبون الذين ذهبوا في حديثهم إلى أن التأهيل لا يعني أن يكون النائب البرلماني حاصلاً على مؤهل علمي أو أكاديمي فقط، ولكن يقصد بالتأهيل أن يكون أهلاً لهذا المنصب وأن تكون لديه رؤية مستنيرة وواعية لكل ما حوله وخاصة المشكلات التي يعاني منها أبناء دائرته وأن تكون لديه خطة عمل وبرنامج انتخابي سيعمل به بعد انتخابه، وقد يرى البعض أن عملية التقييم للنائب بالمجلس الوطني تتمّ عن طريق جمع المعلومات والخلفيات والتي تتأتى من خلال نشاط ذلك النائب قبل وأثناء العملية الانتخابية ومن خلال التحليل الموضوعي لخطاباته ولقاءاته الجماهيرية ومناقشته شخصياً في بنود برنامجه واستطلاع رؤيته المستقبلية لكيفية تقديم الخدمات والدعم وإيصال صوت أبناء دائرته إلى صنّاع القرار وسعيه الدءوب لحل مشاكل أبناء دائرته خاصة فيما يتعلّق بالجهات والهيئات الحكومية، لكن بعد أن كشف البرلمان عن إتجاه لتزويد النواب بأجهزة (آيباد) أصبح مطلوباً من النائب مواكبة العولمة التقنية كذلك.

بعض نواب البرلمان قدموا اعترافات في الدورة السابقة للمجلس الوطني وصفت بالمثيرة متعلقة بعملهم البرلماني والرقابي خلال الفترة الماضية، وأقروا بمصادقتهم على قوانين يجهلون معانيها وبنودها، وأضافوا:(كنا نجيز بعض القوانين ثقة منا في العلماء الذين وضعوها)، وأردفوا: (لازم نجيز ما مغلوبين على أمرنا نعمل شنو)، وجاء هذا الإقرار بحسب تقرير نشر في الزميلة (المستقلة) على خلفية مشروع القانون الذي قدمته وزارة الاتصالات للبرلمان لإجازته والخاص بقانون الرقم الموحد، والذي أحدث ربكة واضحة في أول جلسات مناقشته، ليقف معظم البرلمانيون علي أرجلهم مرددين (مافاهمين حاجة في القانون) مما حدا رئيس البرلمان بالتدخل طالباً من وزيرة الاتصالات تهاني عبد الله بالتوقف والرد على استفهام النواب واحداً واحداً، الآن بعد أن أصبح التعامل داخل المجلس بوسائل التكنولوجيا الحديثة، هل سيستوعب النواب فكرة إستخدامها أم الأمر يحتاج إلى كثير عناء وجهد، حتى يصبح النائب البرلماني مؤهل تقنياً، فالنائب الذي طالب من أجله رئيس البرلمان السابق د. الفاتح عز الدين الجهات التنفيذية التي تودع مشاريع وقضايا منضدة المجلس بصياغتها بطريقة مبسطة، هل يستطيع التعامل مع التكنولوجيا المعقدة.

خالد مأمون
صحيفة ألوان


تعليق واحد