عثمان ميرغني

مطلوب فوراً..!!


تحسرت كثيراً وأنا أقرأ تفاصيل المخاطرة المثيرة (منشورة في الصفحة 7 بصحيفتكم التيار اليوم) التي أقدم عليها الأستاذ عبدالله ود الشريف من كوكبة (التيار).. ونقل بالكاميرا والسرد الجميل عالم آخر يعيش بيننا ولا نكاد نحس به..
فظاعة وبشاعة هذه المشاهد ليس من كونها تمثل عالماً باطنياً يكابد وضعاً خارج نطاق الإنسانية فحسب.. بل لأننا نعيش على بُعد كيلومترات قليلة منه ولا نفعل ما يجب فعله..
المطلوب ليس إغاثة ومساعدة هذا المجتمع المغلوب على أمره فحسب.. بل ادماجه معنا حتى لا يحس بالغربة المعطونة في الغبن فتتطور نزعاته إلى عدوانية يعبر عنها بشتى الصور.
عندما يأكل البعض هنا في العاصمة الحيوانات النافقة المرمية على قارعة الطريق ويشترونها بأبخس الأثمان.. فإن الحسرة ليست عليهم.. بل علينا نحن الذين لم ندرك أنه بإمكاننا ردم الهوة التي تفصلنا عنهم بمنتهى الحكمة وبأقل جهد ومال..
كم عدد صالات الأفراح في ولاية الخرطوم؟ كل هذه الصالات محجوزة يومياً.. أكرر يومياً.. وعلى مدار الساعة من الصباح حتى المساء ولعدة شهور قادمة.. حجزها بالدفع مقدماً قبل ثلاثة أشهر على الأقل.
هذه الصالات تفيض يومياً بصنوف الطعام الذي مهما أسرف (المعازيم) في أكله فهو يفوق قدرتهم على التهامه كله.. وغالباً يتركه أهل الفرح في مكانه..
لماذا لا تتولى جمعيات طوعية جمع هذا الطعام الطيب لتوزعه على المغلوبين على أمرهم في (المنطقة الحمراء) التي أشار إليها التحقيق الصحفي.. ليس لمجرد إطعام بطن جائعة بل لردم الهوة الاجتماعية .. وصناعة مجتمع متعايش بإحسان يتبادل صنائع الجميل..
من الجهالة أن نظن أن الشرطة السودانية تحرس كل متر مربع في هذا البلد وتمنع الجريمة فيه.. مثل هذه المناطق لا تحتاج لشرطة لتفرض فيها القانون وتمنع بيع وأكل الحيوانات النافقة.. يجب أن نقتحمها بصنائع المعروف.. بالصدقات والإحسان.. بالطعام والملبس وحتى المساعدات المالية المباشرة..
الحكومة ليس في وسعها أن تفعل لنا كل ما يجب أن نفعله.. ولطالما ألهبنا ظهر الحكومة بالسياط وقلنا إن (الحكومة الصغيرة.. تصنع مجتمعاً كبيراً).. لكن بالمقابل نحن في حاجة لنقول لمجتمعنا (أكبر أنت لتصغر حكومتك)..
بالله عليكم أين منظمات المجتمع المدني؟؟ أين المحسنين.. أين الصدقات؟؟
هل هي مجرد لافتات وشعارات ونصوص دينية تمضغ في الأفواه..
لماذا لا تنهض منظمة طوعية لجمع ما يفيض من صالات الأفراح.. بل ولتطلب من أهل الفرح أن يحصنوا أفراحهم بالتبرع بمزيد من الطعام.. إن كان عدد المدعوين للحفل مائة.. فليصنع أهل الفرح (120) وجبة ليكون الفائض منها صدقة فصنائع المعروف تقي مصارع السوء.. ولتحمل المنظمات الطوعية هذه الصدقات إلى أمثال هؤلاء المحرومين..
بدلاً من الحديث المكرور عن الجرائم في المناطق الطرفية ومطالبة الشرطة بالانتشار فيها.. الأجدر أن نغزوها بصنائع المعروف.. والإحسان..!!


‫2 تعليقات

  1. ولماذالا يعملو بما قال الله ان المبذرين كانو اخوان الشيا طين ويجودعليهم بطعام طيب

  2. هذه الصالات تفيض يومياً بصنوف الطعام الذي مهما أسرف (المعازيم) في أكله فهو يفوق قدرتهم على التهامه كله.. وغالباً يتركه أهل الفرح في مكانه
    الكلام دا مطبق فى المملكة العربية السعودية وتتولاهو جمعيات خيرية وتشرف على توزيعه ياريت تكون عندنا منظمات فى السودان مشابهة