مزمل ابو القاسم

وصفة إصلاح الدولة


* تابعت عبر التلفاز (من خارج السودان) تفاصيل المؤتمر الصحافي الذي عقده سعادة الفريق أول بكري حسن صالح، النائب الأول لرئيس الجمهورية، واستعرض فيه ملامح برنامج إصلاح الدولة بأسلوب بسيط ومباشر.
* نعتقد أن عمليات الإصلاح (السياسي والاقتصادي والاجتماعي) ترتبط بكيفية تنفيذ الرؤية الموضوعة لنهج إدارة الدولة في الدستور.
* الواقع الحالي يشير إلى أن نصوص الدستور في وادٍ، والمطبق على أرض الواقع في وادٍ آخر.
* عرَّف الدستور طبيعة الدولة السودانية في أول مادة، ونصَّ على أنها (ديمقراطية غير مركزية)، وقسَّم (في المادة 24) مستويات الحكم إلى قومي وولائي ومحلي.
* المستوى القومي مسؤول عن الملفات السيادية الكبيرة، مثل الأمن والدفاع والعلاقات الخارجية وغيرها، والولائي والمحلي يمارسان السلطة التنفيذية ولائياً، ويقدمان الخدمات للمواطنين من مستوىً أقرب.
* تبعاً لذلك تم تقسيم الدولة إلى ولايات، امتلكت كل واحدة منها حكومتها (بجهاز تنفيذي) متكامل، يحوي ولاة ووزارات ومحليات، كما توفرت على سلطة تشريعية وقضائية.
* كان ذلك التقسيم يستلزم حصر السلطة المركزية في حكومة رشيقة، بعدد محدود من الوزارات الاتحادية، ليصبح السودان دولة (لا مركزية) حقاً لا ادعاءً.
* تم إنشاء أجهزة الحكم الاتحادي، وبقيت الدولة المركزية بهيئتها القديمة، بل ازدادت تضخماً، وتمددت ليبلغ عدد الدستوريين زهاء ثلاثة آلاف، ويبلغ عدد الوزارات المركزية قرابة الأربعين، ويصل تعداد الوزراء الاتحاديين إلى بضعة وسبعين، بخلاف بقية الأجهزة الحكومية ذات الطابع الاتحادي، من مصالح وصناديق ومفوضيات وهيئات، وبخلاف السلطة الإقليمية لدارفور، وما تم بذله للشرق.
*حكومة مركزية ضخمة الجثة، و18 والٍ، و18 حكومة ولائية، والمئات من الوزراء الاتحاديين والولائيين، وبرلمان قومي، و18 مجلس تشريعي ولائي، ومئات المحليات والمعتمدين، وهلم بذخاً وتضخماً!
* لا تمت المحافظة على الهيئة القديمة للدولة السودانية من ناحية تنفيذية، بمديرياتها التسع، ولا تنزلت فلسفة الحكم اللا مركزي على أرض الواقع، لتقرِّب مستويات الحكم من المواطنين.
* تم الجمع بين الأختين، فكان الناتج جهازا تنفيذيا مترهلا، ينفق ببذخ (مدمر) على آلاف الدستوريين، ويسخو على عدد هائل من منسوبي وزارات ابتدع معظمها ليغطي محاصصات سياسية، استهدفت استرضاء مكونات حزبية وجهوية ضعيفة، نتجت عن انقسام (أميبي) لبعض القوى السياسية، مثلما حدث مع أحزاب الأمة والاتحادي، ومع المنسلخين من الحركات المسلحة.
* تضخَّم الصرف الحكومي، والتهم (البند الأول) معظم مداخيل دولة معدمة، فقدت ثمانين في المائة من مصادر دخلها بعد انفصال الجنوب، وكانت المحصلة كارثية على الخزانة العامة.
* إصلاح حال الدولة السودانية يبدأ بإصلاح الخلل الكبير في تركيبتها البنيوية.
* إما أن يتم تنزيل فلسفة الحكم الاتحادي بتقليص حجم السلطة المركزية، أو تعود هيئة الدولة السودانية القديمة، بمركزية راشدة تقلل الإنفاق الحكومي المتضخم.
* من تلك النقطة يبدأ الإصلاح الحقيقي، وكل ما دونه هباء.


تعليق واحد