الطاهر ساتي

المنجمون …!!


:: ومن لطائف الرئيس الراحل نميري، رحمة الله عليه، إحتجت إدارة هيئة الأرصاد الجوية ذات عام على تردي وضع الهيئة، وطالبت الحكومة بتحسين الوضع ..ثم تقدمت للرئيس نميري بقائمة مطالب فيها تحسين الراتب مع حزمة بدلات منها ( بدل لبس)، لأنهم يطلون على المشاهدين عبر شاشة التلفزيون عند قراءة نشرة الأخبار الجوية..وبعد الموافقة على بعض مطالب القائمة، رفض نميري النظر في طلب (بدل اللبس)، وخاطبهم غاضباً : ( لبس شنو؟، إنتوا ما تظهروا في التلفزيون، ظهروا العصاية بس)، وكان يقصد المؤشر الذي يستخدمه مقدم النشرة الجوية و يتجول به على ..( خارطة الطقس)..!!
:: ومنذ أغسطس العام 2013، وإلى يومنا هذا، غابت خارطة الطقس عن شاشة تلفزيون السودان، ولم تفقدها جهة مسؤولة..غابت تلك الخارطة عن الشاشة لأن ميزانية التلفزيون عجزت عن قضاء بعض حوائج هيئة الإرصاد وتكاليف نشرتها الجوية، أو كما يبررون..وهذا التبرير غير صحيح .. فالحقيقة هي أن الخيال الإداري – بالتلفزيون – أضيق من أن يستوعب ويفهم قيمة النشرة الجوية وجدواها في حياة الناس والبلد..فالنشرة الجوية كانت ولا تزال عند هذا الخيال الإداري الضيق مجرد مؤشر – أوعصاية كما أسماها نميري – يتحرك يميناً ويساراً على الشاشة..!!
:: واليوم، بالقنوات العالمية – والمحلية المحترمة – لم تعد للنشرة الجوية ( موعد محدد)، مع أخبار التاسعة كما كانت قبل تغييبها، بل على مدار اليوم والساعة تجد أحوال الطقس و درجات الحرارة على شريط إخباري لا يغيب عن الشاشة إطلاقاً..فالإنسان عندهم بحاجة إلى معرفة خبايا الطقس اليومي وخفايا المناخ السنوي، ولذلك يخدمونه على مدار الساعة بأحوال الطقس و المناخ ليتحسب لما قد يحدث..ولكن هنا، حيث موطن التواكل و الخمول واللامبالاة، أجهزة الدولة المكلفة بخدمة الإنسان لا تخدم هذا الإنسان المنكوب إلا ب ( المفاجآت)..!!
:: يتفاجأ بالمطر بعد منتصف الليل، يتفاجأ بالجفاف في عز الخريف، يتفاجأ بالخمسين درجة مئوية في منتصف الظهيرة، يتفاجأ بالغبار مع أول الفجر، ويتفاجأ بالصيف في الشتاء.. وهكذا.. رغم توفر العقول والتكنلوجيا القادرة على (التنبؤ والإستنتاج )، بغرض التحسب و(الحيطة والحذر)، كل تفاصيل ومسارات الحياة العامة والخاصة في بلادنا تمطي صهوة ( فرس المفاجآت)، لأن بؤس الإدارة عاجز عن تسخير تلكما العقول والتكنلوجيا لخدمة المواطن..وبلا حياء – وبجهل مدقع – يطالبون هذا المواطن بتوخى الحيطة والحذر بعد وقوع الكوارث أو جفاف الأرض..!!
:: و يوم أمس، طالب بعض نواب الخرطوم الحكومة بعدم إعتماد تقارير هيئة الإرصاد، بإعتبارها مشكوك فيها، وبإعتبار خبرائها وعلمائها ( منجمون)..تأملوا الجهل حين يكون ( مسؤولاً)..علماء وخبراء، بين ليلة وضحاها، صاروا ( منجمون)، بأمر سلطة تجهل هذا العلم وتطوره التكنلوجي..وما لا يعلمه نواب الخرطوم، وكل زراع السودان أيضاً، أن هيئة الإرصاد الجوية رفعت لمن يهمهم الأمر تقريرين في هذا العام ( 15 ابريل، 15 مايو )..و ذكرت فيهما بالأرقام أن حجم أمطار هذا الخريف ( دون المعدل).. و الهيئة لم تفعل ذلك إلا لتتحسب السلطات.. ولم تتحسب، ولم تعلن عن تقارير الهيئة، ربما ليتفاجأ المزارع ..وعليه، بناء على رغبة نواب الخرطوم، نقترح حل وتشريد المنجمون بهيئة الإرصاد الجوية وتأسيس وزارة وزيرها ( شيخ الأمين)، ووزيرة الدولة ( وداعية)..وذلك، لحين إنقشاع سحب الجهل عن سماء بلادنا..!!


‫2 تعليقات

  1. فب فترة ال 60 وال70 كان النشرة الجوية لاتخطيئ وكانت يعتمد عليها حتي بعض دول الجوار وأما الأن رقم التطور اصبح الارصاد الجوي مكان شبه

  2. هيئة ارصاد شنو انا في يوم من الايام دخلت موقعهم الاليكتروني لاتعرف علي تنبؤات الاحوال الجوية تفاجأت ان النشرة لها عدة سنوات ولم تحدث .. بصراحة لا اعرفها الان ما اذا كان يحدثونها ام ماذالت كما كانت منذ عدة اعوام