جمال علي حسن

الخرطوم والمطر.. لا بريدك ولا بحمل بلاك


برغم أننا في الأصل، بلد زراعي.. وأن العالم يعرفنا بهذه الصفة ولا يعرفنا كمنتجين للنفط أو الذهب أو غير ذلك لكن أكوام المدن والحضر السودانية جعلتنا لا نأبه لهذا الأمر كثيرا ولا نرحب بهذا الزائر الموسمي الذي قد يثقل بحضوره المكثف على البعض ويزعجهم..
لأن ثقافتنا ليس مبنية على توجهات وسلوكيات جمعية واعية ومتصالحة مع واقعنا الذي يقول إن روح اقتصادنا تعيش على المطر (المزعج هذا بنظر البعض) والذي لو احترمناه ورحبنا به وهيأنا له مجاله ومساره الذي يمضي فيه لكافأنا هو على الفور بأن يتحول لنا كله إلى خير وفير..
أسمع البعض هذه الأيام يتحدثون عن تأخر الخريف عن موعده باعتبارها من علامات حسن الحظ.. حسن حظ المواطنين من سكان المدن أو حسن حظ الحكومة أو الاثنين معاً.
حكومة ولاية الخرطوم ظلت تنتظر فصل الخريف باستسلام كامل لفشلها في إكمال مراسم استقباله بما يليق بمكانته وبموكبه العريض.. هي الآن مستسلمة لما سيحدثه من دمار وخراب.. حالها مثل حال المحكوم عليهم بالإعدام، الذين يرتدون البدلة الحمراء وينتظرون التنفيذ..
لكنه فعلها هذه المرة ليحرق أعصابهم ويعذبهم قبل تنفيذ حكم الإعدام.. فعلها الخريف وتأخر عن موعده موعد التنفيذ إذ لم تهطل علينا ولا (مطرة) واحدة جادة حتى يومنا هذا السابع من أغسطس.
بعض المسؤولين في الدولة وخاصة أولئك التنفيذيين في ولاية الخرطوم من الذين يرتدون البدلة الحمراء بدلة الانتظار.. بعضهم ضمن من يهمسون بحظهم الذهبي هذه المرة ويتمنون أن لا يأتي المطر أبداً.. أما البعض الآخر فهو يصلي الاستسقاء وقلبه مع الجفاف الآمن.
وزارة التربية قامت بفعل جيد جداً وهي توجه تلاميذ المدارس بأداء صلاة الاستسقاء يوم الأحد، فبجانب أهمية هذه الصلاة في تنشئة التلاميذ والطلاب على التربية الدينية وتقوية الوازع الديني، فإنها أيضاً تحقق هدفاً آخر هو تحسين صورة الخريف والمطر في أذهان هؤلاء التلاميذ وفي أذهان الكثير من الذين أصابتهم لعنة كراهية المطر.
المطر ليس له ذنب في ما يحدث لنا بسببه.. هو يأتي ليغيث الأرض وينبت الزرع.. يأتي محملاً بالخير الوفير لكن بخل أهل الأرض يجعلهم لا يحسنون استقباله.. المطر بريء فابحثوا عن المدانين في جريمة الخريف الموسمية.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.