فدوى موسى

رسل لي رصيد!


كاذب بن كاذب من يحاول التخفيف من توسع النظرة المادية عند الكثيرين بصورة واضحة لا تخطي في كثير من الاختيارات الانسانية جانبها الوجداني الحالي من تداعي هذه الرؤية الظالمة.. ففي نقاشات خاصة مع بعض الشابات دون تكلف يقلن «انهن في الغالب الاعم وليس اطلاق العموم منهن لان بعضهن قانعات» يفضلن الارتباط بالرجل الميسور الحال وان كان على بعض علات وقصور ذلك ان المال زينة تخفف الكثير من صعوبات هذا الزمن.. وقد لا تكون النظرة هذه مجردة وجافة لكنها تنطوي على بعض الإحتمال للشريك القادم مقابل بعض الضغط الشعوري الذي يتطلبه ذلك الإحتمال.. إحداهن في لحظة صفاء قالت لي «انها تعيش مع هذا الرجل بلا احساس حقيقي وانما افتعال في افتعال فهو يحقق لها كل طلباتها ويسخر الامكانيات من حولها وتسأل ماذا تريد اكثر من تلك المتطلبات بيت فخم.. خدم حشم.. دابة رائعة وزينة مكتملة» اما تلك الشابة «الأجنبية» وهي تقدم كوب القهوة بطقوس خاصة تبوح إنها تكتفي فقط بمن يسد عليها إحساس الغربة مقابل إرساله رصيد تكلمه به.. تفضفض أناء الليل والنهار وتخلي كنانتها من هموم البعاد عن الأهل والأرض ولا بأس من ان يكون ذلك الشاب غنياً فذلك أفضل ومدعاة للرِّضا والإستمرارية في هذا الإسناد «فالكلام بقى بالقروش» ولا خير ان تدير مسجل قرب موقعها ويتغنى لها المغني إبن البلد سيد الغناء الهابط «قالت لي بريدك.. بريدك شديد.. عشان مواصل يللا رسل لي رصيد».. غير مبالية بما تنتهي إليه هذه «النقة والرصيد» خاصة وان أهل شورتها صديقاتها الصبايا في ذات ظرفها وحالها.. ولسان الحال «الحال من بعضو».. وحالة الانفراط والاقتصاد تزيد من ضراوة هذه التحولات في الأفكار التي يفترض ارتباطها بمباديء الحياة الكريمة لكن البعض يمارسها بشيء من الاستسهال.. ورجل يقهقه قائلاً «انه يمارس الغش اللذيذ وذلك بتفخيم الرجل الاول دائماً.. سيارتك سعادتك ان كان المدير الكبير والرئيس المباشر بالعمل أو من يتقدم عليه درجةً حتى يأمن من استقراره في دواخلهم ويسهل عليه تمرير طلبات الحوافز والمساعدات والدعم حتى لا يكون محروماً من قضاء حاجة أو خصاصة» وهو في ذلك لا يختلف كثيراً عن «جماعة رسل لي رصيد»..
أم «عمك» الذي يعرف كيف يحرك كوامن هذا ضد ذاك! وذاك ضد هذا ! ويلعب بالحبال (المكجنك في الضلمة بحدر ليك.. والبحبك كان غلطت بغفر ليك) يؤنس كل شخص او فرد بغرضه ولأنه يعرف ان ذلك الأكثر قرباً وتؤدةً يعزف على الوتر بإجادةٍ رائعةٍ ونهاية الأمر انه يحصل على (مبلغ.. ظرف.. أو ربما حزمة) بالتأكيد لا يبالي كثيراً ان يقوم بذات العمل في الإتجاه الآخر الذي جاء منه بهذه (السبوبة) فهو «مزدوج» معك وعليك.. يميل تجاه ما تجود به الأيدي.. أما الحاجة التي «باست الكعبة» تُمارس اليوم نوعاً من الدَّجل والشعوذة فهي تشيع أنها تنام بالخيرة وتصحو بها.. فيصطف أمامها حتى بعض الملتحين وبعض الملتزمات زياً حدَّ الغطاء.
آخر الكلام
لو حاولت رصد حالات الإنجراف نحو «المنفعة المادية» لوجدت ان مياهاً كثيرةً جرت تحت جسر الحياة السودانية التي يعيشها الاصلاء والمتعايشون معهم وبدرجةٍ من الدرجات تجد ان المال هو الذي يدخلك في جدلية مع ثبات المباديء.
مع محبتي للجميع..