فدوى موسى

رمال متحركة!


في حكم اليقين أن لا شيء ثابت فحياتنا جلها كتلة من التحرك والحراك.. والدنيا تبدو كالرمال الجائلة.. ولأن الطابع الديناميكي يفرض سطوته تتلاحق الخطى.. الواحدة تلو الأخرى حتى ان كرتنا الأرضية منذ أزلها تلف وتدور حول نفسها وذاتها.. لا عليكم فالعصر اليوم عصر الحركة.. وقفت للحظة أمام عربة صغيرة أشبه بالركشة في جوفها غسالة ملابس.. وتحمل شعار مكتوب بصورة واضحة «غسالة متحركة» أعجبتني الفكرة السريعة الإيقاع وتبقى لي أن أعرف كيف تؤدي هذه الوحدة المهام.. بالتأكيد أنها أقرب لإيجار الغسالة لمدة تكفي لغسيل الملابس المطلوبة.. وددت أن أنزل وأحيي الشاب الذي هو «غسال مواكب» على فكرته الجميلة وهو بالتأكيد نوع من التوظيف المحبب الإبداعي ومزيد من مخارج الإمتداد للإسراع للعيادات المتحركة.. المعامل المتحركة.. والحياة المتحركة..

٭ مشاعر متحركة!

أما الحراك الداخلي في نفوس الناس فهذا شأنه عجب.. إذ لا مناص من التحسب لتقلبات دواخل الآخرين تجاهك فكثيراً ما تكون يوماً محلاً للمودة والرحمة منهم، وفجأة تكون على النقيض ويركنونك للجفوة والشقاق أقلاه لو حدث سوء فهم صغير، وضاقت معه مساحات الإلتقاء لتوضيح الرؤية والرسالة والهدف.. فدوام الإلفة في حياتنا أصبح مستحيلاً للتداخل والتشابك ما بيننا والآخرين على تخومنا الخاصة دعك من العام الذي فيه موارد تحرك المشاعر أمراً إعتيادياً ومألوفاً بل تعارفوا عليه تحت طائلة عامة تعرف بـ«الحفر والدفن» وهي كلمتين أصيلتين في حياتنا الجمعية ومفاهيمها ولهما من الخبراء والمختصين من لم يحتاج لمعونة دراسة أو تخصص «كدًا بالفطرة ساي».. كثيرون معروفين بأنهم (فتانين).. فراقين حبايب.. نذراء شؤم لذلك تتجول مشاعر البعض خاصةً تلك التي لها قابلية مفرطة للتحرك إما لهشاشتها أو لعدم صدقها.. ويبقى بعض من تساؤل «أين أحباء الأمس.. أصدقاء الأمس.. أوفياء الماضي؟».. إذن مشاعرنا تتحرك بالأقدام!

٭ غضب متجول!

لا يزال غضبنا متحركاً ومتجولاً بداخلنا وحولنا.. في النفوس والبيوت والدول الإسلامية للحد الذي يرانا فيه البعض دراويش ومجاذيب.. لأنه ببساطة مس فينا الإعتقاد والحبيب صلى الله عليه وسلم.. فلا تحجروا على بعضنا أن انفرط عقد التعبير عنده «على قدر الجرح والحب تكون ردود الأفعال» وهكذا بمثلما فسروا الفيلم إياه بأنه حرية تعبير بقدر ما تكون غضبتنا.. وانفعالاتنا «ما قلتوا علينا دراويش… اها الدروشة أصبحت حالة عامة تطوف الدول جميعها.. وانتو وقت عارفين كده هابشين الدراويش مالكم؟».. والحبوبة على فراش الخرف التقطت من التلفزيون المضاء أمامها الاربعة وعشرين ساعة شيئاً تسأل «يا ولد الناس ديل مرقوا مظاهرات مالم؟».. فيرد عليها «يا حاجة روقي دي إحتجاجات على الفيلم الشين المسيء للنبي».. لترد «استغفر الله منهم النصارى ديل أبان عيوننا خدر مالم متوريننا ومقومين نفسنا عليهم»

٭ آخر الكلام

تطوف بنا الأيام واللحظات في رمالها الجائلة.. وتأخذنا بعيداً وقريباً من الأهداف وتبقى البؤرة المقصودة بعيدة عن المرمى.. وآن الأوان أن نرمي سهام في عين الهدف حتى نؤكد أننا نعبر بصدق عن حرياتنا وتعبيرنا.. مع محبتي للجميع..