منى ابوزيد

فَرْقعات مُلوَّنة ..!


“لا تمش ورائي فقد لا أعرف الطريق، ولا تمش أمامي فقد لا أتبعك، بل امش إلى جواري فقد نصبح أصدقاء” .. أنيس منصور!
في مناخات الإنسانية – على وجه العموم – مثالب منهجية تقف حجار عثرة أمام تحقيق المنجز الإبداعي مهنياً كان أو شخصياً، وفي مناخنا السوداني – على وجه الخصوص – عشوائية فكرية .. و”مَسكَنَة” سلوكية شائعة .. تجعل جهدنا الرسمي والشعبي منقوصاً على الدوام وشائهاً في تقدير الآخرين .. وما أدراك ما تقدير الآخرين ..؟!
ما رأيكم في مشروع قومي، أول همه ومبلغ علمه “الاشتغال على صورتنا الذهنية حكومة وشعباً في عقول وأفئدة المصريين”؟! .. إذا أردنا فلاحاً لا بد أن نتجاوز مناهجنا السياسية القائمة على طردية العلاقة بين تبخيس الذات والمبالغة في توقير الآخر، وأن ننتهج تخطيطاً محكماً لبناء الكبرياء السودانية .. ولا بأس في أن نستعير من المناهج المصرية قبل أن نشرع في تأسيس خطة عشرية لزراعة الفخر ..!
التناول الإعلامنا المحلي قبل “إعلام الآخرين” للقضايا المشتركة – مع الشقيقة مصر – يظهر جلياً كم نبدو في معظم أحياننا متهدلي الأكتاف .. شاخصين .. متعلقين بتعبيرات وجوه سياسية بعينها .. آملين في خير حركاتها .. مستعيذين من شر سكناتها، وإن كانت حركاتها وسكناتها في حقيقتها المجردة أقل تأثيراً – على عافيتنا الإقليمية – مما نظن ونرجو ..!
المشي جنباً إلى جنب لم يكن أبداً طابع العلاقات السودانية المصرية التي كانت خطواتها تشهد فصولاً من التعثر والهرولة، ولكنها اليوم تشهد وقوفاً عند منعطف، يؤكد الطرفان أنه جديد ..
شكلانياً تدلل الألعاب النارية على جدية الاحتفال، وعليه فلا أحد يستطيع أن يقلل من شأن كرنفالية الأحداث .. لكننا في الغالب لا نرى غير الفرقعات الملونة أياها .. والتي تدلل على ابتهاج المحتفلين لا أهمية الحفل ..!
فالأمر على ساحات التطبيق – وليس هذا تقليلاً من حجم اللطف ومقدار الحماسة! – مرهون بكثير من الاختبارات والموازنات التي نشفق على خارجيتنا من وعثاء طريقها .. هذه الصراحة (البايخة) في إبداء التحفظ – على لون الفرح المسكوب في لوحة تجديد النذور السياسية بين إخوان المنطقة ـ لا إخوان التنظيم! ـ تقتضي إشفاقاً واضحاً من بعض المآلات ..!
مشكلة السودان مع مواقف الحكومات المصرية المتعاقبة تجاه قضاياه ليست في تصنيف شخصية صانع القرار، بقدر ما هي إشكالية عامة وعميقة في نظرة الشخصية المصرية عموماً إلى الشخصية السودانية، وموقف الساسة هناك من جدوى رفع درجة الاهتمام بتطوير العلاقات مع هذا السودان ..!
تزعجني كثيراً – ومثلي كُثُرْ – تلك النظرة الرومانسية التي يرنو بها ساسة السودان – حكومة ومعارضة – إلى موقعه في خارطة أولويات السياسة في مصر .. الندية الشعبية قبل الرسمية، – وقياس الأفعال والانفعالات ببيض النمل إن أمكن! – أحفظ لكرامة بلادنا، وأجدى لنصرة قضايانا وأقوم لتسيير دفة علاقات الجوار المتداخلة حيناً .. والمتشابكة أحياناً .. لا أقل .. وليس أكثر .. !
هناك فرق – آخر لحظة