مقالات متنوعة

حسن إسماعيل : المريخ عوج الدرب


وهيئة الإرصاد الجوية تحاورتا مثل حصان جامع لا يستقر على حال، وتنبؤاتها مثل تنبؤات المتنبئ يومذاك لتظل الحقيقة الواقعة أن موسم الأمطار قد تأخرت أنامله عن طرق أبواب سماواتانا لأسابيع ولكن..
ها هي البروق تشع أضواءها من سماوات أخر، وها هو المريخ يتنزل غيثاً فاصلاً جديداً في تاريخ كرة القدم في السودان وحظ ومقام أنديتنا فيها على وجه العموم وتاريخ سجالها مع أندية شمال أفريقيا على الوجه الأخص وإن شئت تحديداً أكثر فضع يدك على دول الجزائر وتونس ومغرب فالكفة ظلت راجحة على الدوام وبفارق شاذ لمصلحتها مع خلو لكفتنا والي وقت قريب إلى أن كاد أن يستحيل الأمر إلى عقدة مستوطنة لا تجدي معها كل الوصفات والتمائم والمحايات.
خلال الأسابيع التي مضت كان المريخ يتسلق سارية الحدث ويغير ويكتب صفحات جديدة في تاريخ هذه المنافسه، المريخ يقف أمام التاريخ و(يحوشه) ويمسكه من زمامه ويغير مساره نحو طريق جديد، المريخ هذه الأيام يصلح أن نطلق عليه (عوج الدرب)
تنزل المريخ أمس الأول في إستاده غيثاً نافعاً وهو يرفع قامة وقيمة حظنا في تاريخ المنافسة.
حزب المريخ يوم أمس الأول كان حزب الوطن صاحب الأغلبية المطلقة المتخصص في طرح برامج الابتهاج والغبطة والسرور ثم يفي بما يطرحه كاملاً
شاهدت الكرة من داخل الأستاد فلم أشاهد من قبل هذا بمن حظى بمثل هذا الإجماع ، لم أر همة الإنسان السوداني كما رأيتها يوم أمس ولم إصراره وصحيح عزمه كما رأيته يوم المباراة.
منذ مباراته في الجزائر قدم الفرنسي غارزيتو تيماً جريئاً متدفق الثقة في نفسه ويسد أذنيه عن صراخ المسا طب ويرد فقط برجلبه وراسه ويدخل منافسيه في اظافرهم
انتصر المريخ يوم الأحد فانتصر خط الاستواء وابتهج مناخ السافنا الفقيرة وانطرب إقليم الصحراء وتعددت العنق السمراء واستطال الكبرياء السوداني ونهض مرغني المأمون وأحمد حسن جمعه وهماً ليشهدا تنزيل الوصية القديمة (جدودنا زمان).
انتصر المريخ فارتوت القضارف واغتسلت النيل الأزرق وتلافح النخل باكراً في الحسبناب والجابرية ومنصوركوتي وتحزم العربان للعودة من أعالي بحر العرب والارتواء من أودية الرمل والحفائر.