تحقيقات وتقارير

رواتب الموتى.. وظائف محرّمة على الأحياء


أصدر والي الجزيرة محمد طاهر إيلا فرماناً جرى توزيعه في جميع المؤسسات الحكومية، بضرورة التحول إلى النظام البنكي وبطاقات الصراف الآلي من توه وساعته. لكن الوالي “الشرقي” ما درى أنه سيجد أمراً عجباً، إذ تزامن مع تلك النقلة التقانية التي أريد لها إحكام الضبط وتقليل الجهد؛ إنجاز اكتشافات يمكن تسطيرها مع العجائب التي تجتاح بلادنا، حيث خلت القوائم المرفوعة للبنوك من (155) عاملاً ظهروا آخر مرة في كشف الرواتب لشهر يوليو المنصرم، ثبت أن تسعة منهم في عداد الأموات.

توالي المفاجآت

وعلى هذا المنوال، فمن المحتم أن تطال المفاجآت ولايات كثيرة حال ذهبت بقيود موظفيها نواحي البنوك، فساعتئذٍ فقط سيتنحى عن كشوفات الصرف من غادر الحياة، ومن غادر مهنته فيما لا يزالان يستمتعان بامتيازات الراتب الحكومي، مكاتفين في ذلك الأحياء ممن اعتادوا مزاولة مهنهم بانتظام فيزيائي يجعلهم يشغلون الحيز والمكان وكذلك مهامهم.

سيكون أقرب الناس إلى رسم الفجاءة في كامل قطر وجهه، هو والي جنوب كردفان اللواء عيسى آدم أبكر، الذي رهن صرف المرتبات لعاملي الولاية المصنفة بأنها ولاية (شدة) بإظهار وثيقة (الرقم الوطني). ومع أن الخطوة قد تجابهها صعوبات، لكنها ستفرز في النهاية تصفية الكشوفات من الموتى والمتغيبن عن العمل ومن جرى تغييبهم عمداً.

طرق وطرائق

ينفذ الموتى عادة إلى كشوفات الأحياء الراتبية من بوابة الفساد لا عداها. فالمكان الطبيعي للميت أن يرقد في المقابر أو يظهر في البورتريهات وفي ذكريات محبيه، وأن يطل في أعمال البر التي خلفها، وفي قيد كشوفات جمعية (حسن الخاتمة) وسجل الوفيات، لكن وجوده في كشوفات الرواتب لا يعني سوى أن أحداً ما يفاد من هذه المبالغ ويحولها إلى منفعته الشخصية من دون علم المؤسسة أو بعلمها أحيانًا.

صحيح، قد يتعاطف العاملون مع زميل لهم انتقل إلى الرفيق الأعلى ويرون أن الوفاء لأسرته يستلزم إخفاء حدث وفاته سراً والإبقاء على راتبه مستمراً لأجل استمرار استقرار أسرته التي قد يكون (المرحوم) عائلها الوحيد. لكن تلك الفعلة تعني خدمة غاية نبيلة لكن بوسيلة ملتوية، فيما ينبغي عليهم أن يعلموا أن الله (ما شقّ حنكاً.. ضيعو).

خسائر فادحة

صراحة لا يجب الاستهانة بالموتى، فقد تشكل رواتبهم مع من لا يزال يزاول مهنته أرقامًا مهولة. فإن قلنا إن رواتب الموتى التسعة في ولاية الجزيرة مع الـ (146) متغيباً تبلغ فقط (500) جنيه سنصل إلى أنهم يكلفون الخزينة العامة مجتمعين مبلغ (77.5) ألف جنيه بصورة شهرية.

لذا هب أن تلك الرساميل توجهت نواحي قطاعات حقيقية، إذن لنهضت البلاد، ونهضت معها صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّه.

بالعين المجردة

لن تتوقف خسائر الاقتصاد عند المال وستتعداها للرجال في حالة تعيين الموتى. في ولاية الجزيرة وحدها كان في المقدور تعيين (155) عاطلاً عن العمل في محل من هجروا المهنة ومن هجروا الدنيا بزينتها وزخرفها.

ليس ذلك وحسب، فإن البون شاسع بين الخدمة المقدمة من قبيل مؤسسة تضم في ظهرانيها موتى بلا عمل، وبين التي يحيا منسوبوها على مقولة (من أخذ الأجر، حاسبه الله بالعمل).

يرد الخبير في مجال الخدمة المدنية، عبد العزيز الهندي، ظهور الموتى في كشوفات الرواتب لقلة المتابعة من قبل الممسكين بزمام الأمور، فضلاً عن مشكل لا يقل أهمية ويتعلق بلا مبالاة تسم سلوك بعض الموظفين السودانيين.

مربط الفرس

يتوقع أن تحذو الولايات كافة حذو إيلا والفكي، فالعمل بنظام الوثائق الثبوتية المستحدثة والأنظمة البنكية الحديثة، يحقق نتائج باهرة في المال العام، وفي تنقيح كشوفات الرواتب من أسماء الموتى التي لا ينبغي ظهورها إلَّا في شواهد القبور. لكن ذلك ما لم يكن مرتبطًا بإحكام الضبط والرقابة، فقد يعود الموتى لصرف رواتبهم مستخدمين بطاقات الصراف الآلي.

الصيحة


‫4 تعليقات

  1. كلهم حراميه ناس مدني ابوي كان شغال الله يرحمو اتوفي بعد الوفا مجرجرينا تلاثه سنه في المعاش لحدي ماقالو تدفعو حاجه عشان الاجرات تمشي تخيلو زول مااااات ندفع رشوه

  2. لماذا لا يحاكم الذين استلموا مرتبات الموتى والمرتبات الوهمية
    لماذا السرقة في الشريعة الانقاذية ليست حرام على بعض الفئات
    ده لغز غريب وعجيب
    طيب عرفنا هناك موظفين وهميين واموات يستلمون رواتب
    من هو المستلم؟
    لماذا لا تتم محاكمته وفضحه ونشر صورته
    الحاصل شنو يا جماعة فهمونا
    عقولنا طارت

  3. ده كلوا ياتي من عدم وجود الضبط المؤسسي في الوحدات الحكوميه وغير الحكومية

  4. ياريت لو المرتبات بتمشي لاهل الميت … دي بتمشي لجيوب تانيه