مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : إعلانات «مشروعات التنمية» ولا تنمية


> وتقرأ عن مشروعات التنمية بولاية الخرطوم.. والتنمية تعني النشاط الإنتاجي.. لكنك تجد الولاية تترجمها إلى المعنى التجاري، فهي تعلن وتروج لمشروعات التنمية ولكنها تفتتح الأسواق للنشاط التجاري في السجانة وغيرها.
> لكن ما نعرفه أن التنمية هي الإنتاج الزراعي والحيواني والصناعي.. فلا تكون حاجة إلى القمح والسكر من الخارج، ولا اللحوم ولا الدواء ولا الملابس. أي بأن «نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع»، وهو شعار تنموي مصبوغ بالأجندة السياسية، وهذا ما كان قد جلب إلى أهله السخرية لأنهم حتى الآن يأكلون مما لا نزرع ويلبسون مما لا نصنع ويستشفون عند من لم يتخرجوا في كليات الطب بالجامعات السودانية. لكن الآن في أسواق ولاية الخرطوم نتاجر ونبيع ونبتاع ما لا نزرع ولا نصنع.. فهل هذه هي مشروعات التنمية؟! لقد وضعت مفردة التنمية في سياق لا يناسبها. لقد اعتدينا على معاني مفردات اللغة العربية.
> كل ما حدث هو تنظيم للأسواق وتوفير للسلع التي لا نزرعها كلها ولا نصنعها كلها فيها. اذن هي ليست مشروعات تنمية يمكن أن تقينا شر «الندرة».. وتخفض أسعار السلع المختلفة.
> وكان الأولى أن تهتم الولاية بالمشكلات الملحة الآن، مثل أزمة وزحمة وعدم رحمة المواصلات، ومثل «النظافة».. بدلاً من أن تعطي الأولوية لفتح مزيد من الأسواق غير الضرورية لحركة تجارية تسميها مشروعات تنمية وهي ليست كذلك.
> لكن الملاحظ الآن وفي مرحلة تشكيلة حكومية جديدة لولاية الخرطوم، هو أنها ستستمر في برنامج الإيرادات باعتباره هو الأهم.. هو الأهم رغم مشكلة المواصلات وعدم النظافة والاختناق المروري الحاد.. ووقوع الحوادث في طريق شرق النيل السريع بسبب سوء السفلتة وسوء طريقة تعبيد الطريق.
> المواطن في ولاية الخرطوم ليس في حاجة إلى أسواق جديدة أو محدّثة تسمى له «مشروعات تنمية».. فهو يحتاج الى سهولة المواصلات بحيث لا يتأخر عن عمله ودراسته.. ويعود إلى بيته دون تأخير عنه.
> والمواطن في ولاية الخرطوم يحتاج إلى عمليات نظافة تخدم له برنامج الرعاية الصحية للوقاية من الأمراض التي يتسبب فيها غياب النظافة بالمستوى المطلوب كما يراه الأطباء.
> والمواطن في ولاية الخرطوم يحتاج الى مشروعات تنمية حقيقية تحارب «الندرة» وتخفض الأسعار.. مشروعات تنمية بمعناها اللغوي الحقيقي.
> ولاية الخرطوم إذا نظرنا إليها في حدود مركزها ومدنها السكنية الفاخرة وغير الفاخرة داخل هذا المركز وقريب منه، يمكن أن نقول إنها تحتاج الى إنشاء أسواق أو تحديث أسواق قديمة بمواصفات تقليدية.
> لكن إذا نظرنا إلى كل مساحاتها من جبل الأولياء إلى الحقنة ومن ود حسونة إلى فتاشة.. فإن مشروعات التنمية الأهم التي نحتاجها داخل الولاية ليست هي افتتاحات الأسواق لبيع سلع لا ننتجها كلها، وجزء منها يهدر جزءاً عظيماً من مخزون العملة الصعبة، وإنما هي الإنتاج بكل أنواعه.. في مساحات الولاية التي تصلح للزراعة والصناعة والرعي إن كانت المساحات الرعوية قد انحسرت بسبب سكنى كثير من المهاجرين إلى الولاية من الولايات الأخرى في بعض الأودية ومجاري السيل، وهي المساحات الأفضل للمراعي طبعاً.
> فلا وجدنا بعض المراعي ولا أمن الناس السكن فيها، مثل سكان مرابيع الشريف والكريَّاب التي سقطت فيها منازل مشيدة بالمواد الثابتة.
> إذن حينما تملأ ولاية الخرطوم بعض الصحف بأخبار وإعلانات ما تسميها مشروعات التنمية، وكذلك شاشات القنوات الفضائية وأثير الإذاعات، وتكون هذه المشروعات بلا إنتاج ولا خدمات.. بل فقط نشاط تجاري.. فهذا يبقى غير مقبول طبعاً.
> ويبقي سيراً في اتجاه غير اتجاه حلول مشكلات الولاية المتمثلة في إنتاج السلع الجيدة الصالحة، وفي المواصلات وغياب النظافة والاختناق المروري.. هذه هي المشكلات الحقيقية وليست الأسواق في السجانة وغيرها.
غداً نلتقي بإذن الله.