الطاهر ساتي

400 وهم مربع


:: ومن السوابق، في عالم اللصوص بأمريكا، تسلل أحدهم ليلاً إلى منزل موظفة بأحد البنوك الأمريكية..ثم تفاجأ – في نص الصالة – بالموظفة، وكانت متدينة..لم تصرخ ولم تشتم ولم تطلب الشرطة، بل أجلست اللص على كرسي ثم شرعت تحدثه عن الكتاب المقدس والرب والإيمان وعدم الإعتداء على حقوق الآخرين، ثم نصحته بالتوبة والإقلاع عن السرقة..تأثر اللص بالمحاضرة لحد البكاء، ثم طلبت من الموظفة أن تصلي معه، فاستجابت للطلب..وبعد الصلاة، نفذ اللص السرقة تحت تهديد السلاح وغادر المنزل، ولكن بعد أن شكر الموظفة المتدينة على المحاضرة والصلاة..!!
:: ونحكي – لمواليد العام 1999- عن مطار الخرطوم الدولي بأمدرمان.. وقد صاروا شباباً..في عام ميلادكم، أصدرت حكومتكم قراراً بتشكيل لجنة عليا لتنفيذ مطار الخرطوم الدولي بأمدرمان..تلاشت اللجنة سريعاً، وحل محلها كيان مسمى بوحدة تنفيذ مطار الخرطوم .. ولم يكن لها موقعاً دستورياً ولا مؤسسياً ولاقانونياً في هيكلة الدولة عندما تحدق في دستور الدولة ومؤسسية أجهزتها..ومع ذلك، كانت للوحدة ميزانية لا تخصم من ميزانية هيئة الطيراني المدني جنيهاً..أي كانت الوحدة موازية لهيئة الطيران في ( الميزانية والمهام)، وتم ذلك في أكتوبر 2005.. وكنتم حينها أطفالاً في ( سنة أولى أساس)..!!
:: وإستبشر آبائكم وأمهاتكم خيراً بهذه الوحدة ( الماعندها كرعين).. فالمهم تنفيذ المشروع..مضى العام الأول من عمر الوحدة، ولم يحدث شئ بأرض المشروع غير تسويرها..ثم مضى العام الثاني، ولم يحدث شئ بأرض المشروع غير ( حفر آبار)..ثم مضى العام الثالث من عمر الوحدة، ولم يحدث شئ على الأرض غير (تشجيرها)..وفي العام الرابع من عمر الوحدة، كان الإنجاز مدهشاً، إذ تمكنوا من بناء ( فلل فخمة)، مسماة بيوت إدارية و( إستراحة)..وفي العام الخامس، نجحوا في زراعة ( نجيلة).. وهكذا.. سنوات من التنجيل والتسوير والتشجير و ( حفر الآبار)..!!
:: ثم فجأة، أصدرت وزارة المالية قراراً بتحويل قروض الصناديق لغرض آخر غير المطار..أي صرفت النظر عن المشروع ..وبعد أشهر من هذا القرار، أصدرت رئاسة الجمهورية قراراً بإلغاء تلك الوحدة و ( كنس آثارها)، وآيلولة ممتلكاتها لهيئة الطيران المدني..نعم، بعد ست سنوات من إهدار المال العام فيها، تخلصت منها الحكومة..ثم فأجأتنا الحكومة – قبل سنتين – بتوقيع عقد مع شركة جك هاربر الصينية على تمويل وتنفيذ المطار الدولي، وعلى أن يتم التنفيذ خلال ( 40 شهراً)، ومضى منها (24 شهراً)، ولا تزال أرض المشروع محض (فلاة وفيافي)..!!
:: ولكن حكومة الخرطوم وجهات أخرى أخرى إستغلت تلك الفيافي كأحسن ما يكون الإستغلال .. وعلى سبيل المثال، نقرأ ما يلي .. ( المخطط السكني الفاخر، الأكثر تميًزاً بجوار مطار الخرطوم الدولي الجديد، فالموقع جذاب وشرق المطار مباشرة، ويعتبر المخطط الوحيد بجوار المطار الدولي، وشهادة بحث من ولاية الخرطوم، ويفصل بين المخطط والمطار الدولي فقط شارع (100 متر)، ويتم بيع القطع بالخرطوم ومساحة القطعة 400 متر مربع و..)، و غيرها من المغريات التي تملأ خيال المشتري بأنه يجلس أمام منزله – يسقي الشجر – ويتأمل في حركة طائرات الدنيا والعالمين بمطار الخرطوم الدولي ..إنهم يبيعون للناس (السمك في الموية)، ولأن القانون لا يحمي البسطاء، فالبسطاء يشترون ( الأوهام )..!!


‫2 تعليقات

  1. هذه الاراضي تم توزيع جزء لمغتربي امريكا بالدولار. وكل الاجراءات بما يعادل الدولار.
    المشروع مطار عايزين ابيعوا الهواء.
    وليتهم اتقوا الله في امة الخير.
    ووفوا وعدهم. ورضي الله عن الفاروق عمر.