الطاهر ساتي

و الرعاية أيضاً..!!


:: هي ظاهرة تكشف حال الرعاية في كل البلاد التي تموت من البرد حيتانها..وعلى سبيل المثال، عندما ترتفع في بريطانيا موجة الصقيع وتنخفض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر بالعشرات، ترتفع أعداد الموتى والمرضى في أوساط الفئات المسماة بالأكثر هشاشة.. وتلك الفئات – الأكثر هشاشة – هي كبار السن غير قادرين على استخدام أجهزة التدفئة بسبب العجز عن الحركة، وكذلك الفقراء غير القادرين على شراء تلك الأجهزة، ثم المشردين وفي الطرقات..هؤلاء هم ضحايا الصقيع بأوروبا..ورغم دور الرعاية والعناية و الوقاية، لاتزال الطبيعة هناك تقهر تلك الفئات لحد الموت و المرض ..!!
:: و اليوم.. مصر أيضاً، كما وادي حلفا، تشهد – منذ منتصف الأسبوع الفائت – إرتفاعاً مفاجئاً في درجات الحرارة بلغت في مدائنها الجنوبية (54 درجة)، ليرتفع عدد الضحايا إلى ( 66 حالة)، حسب إحصاء وزارة الصحة .. وبوادي حلفا، حتى مساء أمس، بلغ عدد ضحايا إرتفاع درجات الحرارة ( 14 حالة).. رحمهم الله جميعاً.. وهناك ثلاث حالات بالمستشفى.. وكلهم، الموتى و الإصابات، ما عدا حالة واحدة، من (كبار السن)..تتراوح أعمارهم ما بين (65/ 70 عاما).. والسبب، التعرض لضربات الشمس والإجهاد الناتج عن إرتفاع درجات الحرارة ..وقد تستمر هذه الموجة بجنوب مصر وشمال السودان، حسب هيئة الإرصاد، حتى نهاية هذا الأسبوع..!!
:: بالسودان، لم – و لن – يفعلوا شيئاً غير الإحصاء و الترحم على ضحايا وادي حلفا ثم إتهام الشمس ..ولكن بمصر تم تشكيل غرف الطوارئ للمتابعة والرقابة والإرشاد والنصح بما يلي ..مع تقدم السن، تضعف وظائف الكلى، فالكلى هي المسئولة عن حفظ السوائل فى الجسم بصورتها الطبيعية، وفى حال عدم شرب السوائل فإن الكلى لا تستطيع الاحتفاظ بالسوائل..ومع تقدم السن أيضاُ، يضعف الجهاز المناعى في الجسم، ولذلك يجب تناول (السوائل الكافية)..ولكل هذا، كان ولا النصح بضرورة مراقبة كبار السن بحيث لا يتعرضوا لأشعة الشمس في أوقات الظهيرة، مع الحرص على إبقائهم في أماكن ذات تهوية، ثم مدهم بالسوائل طوال ساعات النهار..!!
:: هناك، بمصر، غرف طوارئ و إرشاد و متابعة مركزية.. ولكن هنا، لاشئ مركزي غير مؤتمر صحفي يتهم الشمس ..وحال المشافي هناك يغني عن الرصد و السؤال، وناهيك عن حال أجهزة وسلطات الإرشاد والتوعية الصحية..وأحسنت السلطات المحلية عملاً بتعطيل الدراسة و تقليص ساعات العمل، فهذا أضعف الإيمان و حد الإستطاعة..ولكن باستثناء حالة طفل و شاب في العقد الثالث من العمر (مشتبه بالسحائي)، فان كل حالات الوفاة والإصابة بوادي حلفا من إحدى الفئات الأكثر هشاشة (كبار السن).. أي ليسوا طلاباً بالمدارس، ولا من الباحثين عن الذهب في (الفيافي والهجير).. وعليه، مع الإيمان بالقضاء والقدر، فأن إرتفاع نسبة الوفيات في كبار السن يشير إلى دور ( الرعاية الأسرية)، وما يجب أن يكون في هجير الصيف و زمهرير الشتاء..!!


تعليق واحد

  1. ماشاء الله ، مقارنة بأوروبا ومصر وما يحدث عندنا ، أحلام سعيدة !! أكثر من 90 بالمائة من ركاب البصات السفرية القادمة من الولايات إلى الخرطوم هم إما مرضى يبحثون عن العلاج أو أقارب قادمون لزيارة مرضى بمستشفيات العاصمة فكيف نتوقع لمستشفى ريفي بائس أن يكون لديه إمكانيات أو إستعداد لأي طاريء من أي نوع سواءً من الشمس أو البرد أو الفيضان ـ فإذا كان على المريض بمستشفيات العاصمة توفير المحلول والحقنة والبنج والشاش بنفسه ليتم إجراء العملية له فكيف بمستشفى في أقصى الشمال المهمل أصلاً ـ بالرغم من أن مباني الوزارة تعج بالحركة والسيارات قابعة أمام المبنى وأمام بيوت المسئولين طوال ساعات العمل يموت الأطفال داخل بيوتهم بلدغات العقارب نظراً لعدم وجود أمصال في المراكز الصحية والمستشفيات ناهيك عن رش البيوت بالمبيدات ، والمجلس التشريعي يجتمع وينفض والحكومة الولائية تنحل وتتشكل ولاجديد ـ والشمس تضرب ضربتها وتغيب والفيضان يبلع بلعته ويمضي وسيل الوادي المنهمر يكتسح كسحته ويصمت وكل منهم يأخذ من الأرواح ما قدر له أن يأخذ وبعد أن يموتوا يتفضل المسئول رغم مشاغله ومسئولياته الجسام بزيارة أهالي الموتى للمواساة وإطلاق بعض التصريحات عن حرصهم وإهتمامهم بالمواطن وتحذيره بالإبتعاد عن الشمس والبرد والفيضان والسيل والعقرب والثعبان حتى لا يموت ويتسبب في تكبد المسئول مشاوير للعزاء والمواساة ـ وهذا هو نصيب المواطن السوداني فعليه أن يقتنع فالقناعة كنز لا يفنى .