عثمان ميرغني

مكافحة (الحديث عن الفساد)!


د. عصام أحمد البشير خصص خطبة الجمعة أمس في مسجد النور للحديث عن مكافحة الفساد.. ذات الموضوع الذي كانت تبحثه لجنة برلمانية أمس الأول الخميس.. لسن قانون (مفوضية مكافحة الفساد)..
ورغم أن الدكتور عصام مشهود له بالفصاحة والبيان.. ويطرب السامعين حد النشوة بالكلمات.. لكن هذه القضية بالذات ليست في حضن البلاغة وحلاوة التعبير.
هناك قضيتان أساسيتان، الأولى هي الفساد.. والثانية هي (الحديث عن الفساد).. فالدولة جادة جداً في مكافحة الثانية (الحديث عن الفساد) ومترعة بالغرق في بحر الكلمات في الأولى..
ولا أدلّ على ذلك من مقترح (مفوضية مكافحة الفساد).. التي يجتهد البرلمان الآن لوضع قانونها.
القانون الجنائي السوداني والقوانين الأخرى المساندة له كلها تكفي تماماً لتشمل تحت طائلتها كل السلوك الذي يندرج تحت الكلمة الفضفاضة (الفساد).. والذي ينقصنا ليس القانون لمكافحة الفساد.. بل سيادة القانون..
ما معنى أن يضع البرلمان قانوناً بأكثر من (30) بنداً لمفوضية مكافحة الفساد؟!، هل كانت الثغرة في القوانين؟، عشرات القضايا التي سمع بها الناس، وسارت الهوينى كوصف الشاعر (مر السحاب لا ريث ولا عجل).. هل كانت ضحية غياب المواد التي تتعامل مع القضايا.. لن أسمي هنا قضية بعينها؛ لأني أدرك أن القارئ ليس في حاجة إلا ليسرح بخياله قليلاً بلا جهد فيعيد استذكار قضايا شهيرة.
في تقديري أن كلمة (الفساد)- نفسها- تعاني من (فساد المعنى).. ليس هناك جريمة في القانون تسمى (الفساد)!، هناك وصف دقيق لكل سلوك خاص أو عام يندرج تحت هذا المعنى.. والأوجب– من أجل الجدية- أن يكون الحديث عن هذا السلوك بعينه.. لا باستخدام المفردة المطاطة (الفساد)!.
لو أسسنا وأقمنا (دولة القانون) فلن نحتاج إلى مفوضية مكافحة الفساد.. بل لن نحتاج حتى إلى الخوف من هواجس (الفساد)؛ لأن القانون- وحده- كفيل تلقائياً أن يطال كل سلوك مخالف له..
مطلوب من البرلمان وقف العمل في قانون (مفوضية مكافحة الفساد) والنظر– بدلاً عن ذلك- في وضع القواعد والتشريعات التي تصون (دولة القانون).. إطلاق يد العدالة في التعامل مع كل السلطات الأخرى بمنتهى الاستقلال والحيدة.. وحتى الآن الحكومة أثبتت قدراً من الجدية بقرارها فصل النائب العام عن وزير العدل.. والمطلوب إكمال الشوط.
يا مولانا عصام البشير.. (الفساد) هو (الحالة) التي يصلها المجتمع والدولة عندما يستشري المسلك المؤسسي المنحرف.. فالأوجب الحديث عن هذا المسلك بصورة محددة خالية من (كريمات) اللغة والبيان.


‫4 تعليقات

  1. ماذا تتوقع من علماء السلطان واخر الزمان آثروا جمع المال وحادوا عن الحق وضاهوا في الضلال تزيينا لافعال الحكام

  2. زمان الناس الكانو بتتاجرو بالحلال بنو من حر مالهم مستشفيات ومدارس وساعدو في الري وفي مآكل الناس وشربهم والان جو واحدين غنو بالدولاربتاع السودان باسم دعم الدقيق واول ما عملو ملعب للقولف

  3. كلمة عتاب لاهل السلطه الرابعه ودعوه لمراجعة

    بالامس كنا حضورا بالنادى العائلى بالخرطوم اثنين فى مناسية تكريم ابوالصحف الاستاذ احمد يوسف هاشم بميادره كريمه من منتدى النادى العائلى و اتحاد الصحفيين كنت اظن ان المكان سيكون ممتلئا باهل الصحافة فى مناسية تكريم احد اعمدة الصحافة فى بلادنا لان تكريم مثل هذا يعنى الكثير لاهل المهنه و لكن للاسف الشديد سجل المكان غيابا لمعظم الكتاب و الصحفيين ولا اجد عذرا لهم فاذا كان العذر بعدم العلم فهذا اضل وان كان بحجة الانشغال بالعمل فاحتفاليه لاحد رموز العمل الصحفى لا اجد عملا اهم من حضورها بل وافراد المساحات فى الاعمده لها اين عثمان و الظافر واسحق وبقية الركب اين النعمان وهساى وباقى قبيلة الصحافة الرياضيه اين السمانى و اذاعات الاف ام و اكثر ما المنى غياب المساء و الالوان

  4. الفساد ليس الاختلاسات او التعدى على المال العام هذا ما يطفو من جبل الجليد الفساد الحقيقى هو الاستئثار بالسلطة وفهم انها ملكية خاصة وما يترتب على ذلك من ممارسات او المعارضة المدمرة للوصول الى السلطة